كشفت شبكة CNBC الأمريكية أن الرئيس دونالد ترامب وافق على قتل اللواء الإيراني قاسم سليماني قبل سبعة أشهر، وذلك إذا أدى العدوان الإيراني المتزايد إلى مقتل أمريكي واحد، وفقاً لما ذكره خمسة من المسؤولين الحاليين والسابقين في الإدارة.
المسؤولون الأمريكيون أوضحوا أن التوجيه الرئاسي في يونيو/حزيران 2019 جاء بشرط أن يكون لترامب التوقيع النهائي على أي عملية محددة لقتل سليماني.
أضاف المسؤولون أن هذا القرار يفسر سبب إدراج اغتيال سليماني في قائمة الخيارات التي قدمها الجيش لترامب قبل أسبوعين للرد على هجوم قام به وكلاء إيرانيون في العراق، والذي قُتل فيه مقاول أمريكي وأصيب أربعة من أفراد الخدمة الأمريكية.
لكن التوقيت يمكن أن يقوّض مبرر إدارة ترامب المعلن لإصدار الأمر بتنفيذ الضربة الأمريكية بطائرة بدون طيار، والتي قتلت سليماني في بغداد في 3 يناير/كانون الثاني 2020.
فقد قال مسؤولون إن سليماني، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، كان يخطط لشن هجمات محتملة على أمريكيين وكان لا بد من إيقافه. وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة: "لقد قُدمت عدة خيارات إلى الرئيس على مدار الوقت"، وأضاف أنه "منذ بعض الوقت" وضع مساعدو الرئيس عملية اغتيال سليماني على قائمة الردود المحتملة على العدوان الإيراني.
بعد إسقاط إيران لطائرة أمريكية بدون طيار في يونيو/حزيران، حث جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي في ذلك الوقت، ترامب على الانتقام من خلال التوقيع على عملية لقتل سليماني، على حد قول المسؤولين. وقال مسؤولون إن وزير الخارجية مايك بومبيو أراد أيضاً أن يأذن ترامب لعملية الاغتيال.
لكن ترامب رفض الفكرة، قائلاً إنه سيتخذ هذه الخطوة فقط إذا تجاوزت إيران خطه الأحمر: قتل أمريكي واحد. وكانت رسالة الرئيس "هذه الفكرة مطروحة على الطاولة فقط إذا قتلوا أمريكيين"، وفقاً لما قاله أحد المطلعين على النقاش.
فكرة اغتيال سليماني تعود لسنوات
لقد تتبع مسؤولو الاستخبارات الأمريكية عن كثب تحركات سليماني لسنوات. وعندما تولى ترامب منصبه، حث بومبيو، الذي كان أول مدير لوكالة الاستخبارات المركزية في عهد ترامب، الرئيس على التفكير في اتخاذ نهج أكثر عدوانية تجاه سليماني بعد أن أطلعه على معلومات استخباراتية جديدة حول ما وصفه مسؤول كبير آخر في الإدارة بأنه "تهديدات خطيرة للغاية لم تؤتِ ثمارها".
قال مسؤولون إن فكرة قتل سليماني ظهرت في مناقشات في عام 2017 حين كان مستشار الأمن القومي لدى ترامب في ذلك الوقت، الفريق متقاعد في الجيش إتش. آر. مكماستر، يعمل مع مسؤولين آخرين في الإدارة حول الاستراتيجية الأوسع للرئيس الخاصة بالأمن القومي. ولكنه كان مجرد واحد من مجموعة من العناصر المحتملة في حملة "أقصى ضغط" التي شنها ترامب ضد إيران و "لم يكن هناك شيء يُنظر إليه على أنه خطوة أولى"، كما قال مسؤول كبير سابق في الإدارة شارك في المناقشات.
أصبحت الفكرة أكثر جدية بعد أن حل بولتون محل مكماستر في أبريل/نيسان 2018، وهو أحد صقور إيران لفترة طويلة ومدافع عن تغيير النظام في طهران. وقد غادر بولتون البيت الأبيض في سبتمبر/أيلول -يقول إنه استقال، بينما يقول ترامب إنه فصله- إثر خلافات سياسية بشأن إيران وقضايا أخرى.
خاصة بعد تصنيف فيلق القدس كمنظمة إرهابية
كانت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش قد صنفت قوة القدس كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 2007. وبعد أربع سنوات، أعلنت إدارة أوباما فرض عقوبات جديدة على سليماني وثلاثة من كبار مسؤولي قوة القدس فيما يتعلق بمؤامرة مزعومة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة.
لكن في أبريل/نيسان، ساهم بولتون في حث ترامب على تصنيف الحرس الثوري الإيراني بأكمله كمنظمة إرهابية أجنبية. ورفض مسؤولو البيت الأبيض في ذلك الوقت أن يقولوا ما إذا كان ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستستهدف قادة الحرس الثوري كما تفعل مع قادة الجماعات الإرهابية الأخرى، مثل تنظيميّ داعش والقاعدة المُسلَّحَين. وردَّت إيران على هذه الخطوة بتصنيف الجيش الأمريكي منظمةً إرهابية.
هذه الإجراءات أكدت تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في السنوات الثلاث منذ تولي ترامب منصبه.
فمنذ أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية في عام 2018 -وشددت إدارته من ضغطها على الاقتصاد الإيراني مع فرض عقوبات اقتصادية- هاجمت إيران الأصول العسكرية الأمريكية في العراق بعدوانية وتواتر متزايدين.
فقد شنت إيران أكثر من 12 هجوماً صاروخياً منفصلاً على قواعد تؤوي أمريكيين منذ أكتوبر/تشرين الأول. وألقى الجيش الأمريكي باللوم على كتائب حزب الله، وهي ميليشيا عراقية جزء من قوات الحشد الشعبي لكنها مدعومة من إيران. ويقول مسؤولو الجيش والمخابرات الأمريكيون إن المجموعة تأخذ توجيهاتها من إيران، وتحديداً قوة القدس.
قتل سليماني سيُحدث أقل الخسائر
قال مسؤول عسكري أمريكي في العراق إن الصواريخ التي أطلقتها إيران على القوات الأمريكية أصبحت أكثر تطوراً بمرور الوقت.
بعد الهجوم الإيراني على قاعدة K-1 الجوية بكركوك، شنت الولايات المتحدة غارات جوية على خمسة مواقع تابعة لكتائب حزب الله، ثلاثة في العراق واثنان في سوريا، مستهدفة الذخيرة وإمدادات الأسلحة، وكذلك مواقع القيادة والتحكم.
بينما وقع ترامب على الإذن بتنفيذ عملية قتل سليماني بعد أن ردت الميليشيات المدعومة من إيران على الضربات الأمريكية من خلال اقتحام مجمع السفارة الأمريكية في بغداد.
كما قدم وزير الدفاع مارك إسبر سلسلة من خيارات الرد إلى الرئيس قبل أسبوعين، بما في ذلك قتل سليماني. وقال المسؤولون إن إسبر قدم إيجابيات وسلبيات مثل هذه العملية، لكنه أوضح أنه كان يفضل التخلص من سليماني.
في اجتماع لاحق، حدد القادة العسكريون الرقم التقديري للخسائر المرتبطة بكل خيار من تلك التي قُدمت لترامب، وأظهروا للرئيس أن قتل سليماني في مطار الإمام الخميني الدولي في وقت متأخر من الليل سوف ينطوي على عدد أقل من الخسائر المحتملة من الخيارات الأخرى.
تمثل هذه الضربة الأمريكية لأحد القادة العسكريين الإيرانيين علامة فارقة، فالولايات المتحدة لم تعلن مطلقاً مسؤوليتها عن قتل شخصيات بارزة من النظام الإيراني أو وكلائه في السابق.