تطالب ولاية أوتار براديش في شمال الهند ما يزيد على 200 شخص بدفع ملايين الروبيات، وتهدد بمصادرة ممتلكاتهم؛ عقاباً لهم على الأضرار التي لحقت بممتلكات عامة خلال الاحتجاجات على قانون الجنسية الجديد.
إذ تعرضت الولاية، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الهند، لبعض أعنف الاحتجاجات المناهضة للقانون الذي يفسح الطريق أمام الأقليات المهاجرة من ثلاث دول مجاورة، للحصول على الجنسية ويستثني المسلمين.
من بين إجمالي قتلى الاحتجاجات، وعددهم 21، لقي 15 شخصاً منهم على الأقل حتفهم في أوتار براديش، وهي بؤرة للتوترات الطائفية بين الهندوس والمسلمين.
حكومة الولاية استهدفت المسلمين فقط!
قال مسؤولون في حكومة الولاية، الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2019، إنه صدر 230 إخطاراً على الأقل، ومعظم من صدرت بحقهم من المسلمين. وأضافوا أن قيمة المطالبات تقدَّر على الأرجح بعشرات الملايين من الروبيات.
لم يتضح عدد المتهمين منهم بارتكاب أعمال شغب أو جرائم أخرى، كما لم تصدر إدانة بحق أي منهم. وألقى مسؤولو الولاية باللوم في كثير من أعمال العنف، على مسلمين يعترضون على القانون.
في بلدة رامبور، تلقت عائلة محمد فهيم، الذي تحتجز الشرطة صهره محمد محمود، إخطاراً بهذا الشأن. وقال فهيم لـ "رويترز": "محمود لم يشارك في أي احتجاج، وكان بالمنزل في ذلك اليوم، لكن الشرطة ما زالت تحتجزه!".
أضاف فهيم أن محمود يبيع البهارات على عربة صغيرة ولا يستطيع حتى دفع تكلفة توكيل محامٍ من أجل الإفراج عنه بكفالة. وتساءل: "كيف سندفع الغرامة؟!".
بينما قال ماريتونجاي كومار، المتحدث باسم حكومة ولاية أوتار براديش، إن السلطات اتبعت الإجراءات القانونية في تقييم الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة وكذلك في إصدار خطابات الإخطار.
مع ذلك، قال معارضون للخطوة إن هذه الإشعارات سابقة لأوانها.
قال فيكرام سينغ، وهو قائد سابق للشرطة في أوتار براديش، لـ "رويترز": "لا يمكنك أن تكون المدعي والقاضي في الوقت نفسه" مضيفاً أن الولاية بحاجة إلى تعيين سلطة مختصة لتقدير الضرر. وأضاف أن إرسال إخطارات إلى 100 وملاحقة 50، أمر "ضرره أكبر من نفعه".
لماذا خرج الهنود للاحتجاج على قانون المواطنة؟
وفقاً للقانون الجديد، فإن أعضاء جماعات الأقلية مثل الهندوس، والسيخ، والبوذيين، والجانيين، والبارسيين، من أفغانستان، وبنغلاديش، وباكستان والذين جاؤوا إلى الهند بطريقة غير شرعية، ستوفر لهم الحكومة طريقاً سريعاً للحصول على الجنسية الهندية.
لكن من خلال هذا النص البسيط، قدمت الحكومة تعريفاً جديداً لهوية القومية الهندية من حيث الديانة، وولَّدَت أزمةً في دستور الهند العلماني. وبالتزامن مع اقتراح توسعة برنامج التسجيل القومي للمواطنين (وهو استطلاع لحالة المواطنة لدى كل المواطنين بالهند، وحتى الآن لم يُنفذ إلا في ولاية أسام)، ليشمل جميع أنحاء البلاد، خلق قانون المواطنة شعوراً عارماً بالخوف.
من ثم، أشعلت المظاهرات أشد تحدٍّ أمام حكومة حزب بهاراتيا جاناتا برئاسة مودي حتى الآن.
إعادة تعريف الهند على أساس عرقي
تعديل قانون المواطنة تحدٍّ لعلمانية الهند. نعم بالفعل يحق للجماعات المذكورة في القانون أن تكون لهم القدرة على أن يصبحوا مواطنين طبيعيين. ونعم، أي دولة يمكنها أن تحدد أولوياتها في منح الجنسيات للاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين بناءً على عدة عوامل، مثل دراسة المخاطر، ومتطلبات القانون الدولي، والروابط التاريخية، والوقائع العملية للهجرة.
لكن البرلمان يربط الهوية الدينية بالمواطنة، للمرة الأولى بعد وضع الدستور الهندي في عام 1949.
تصر الحكومة على أن هذه الأقليات في خطر بأفغانستان، وبنغلاديش، وباكستان، واحتمالية أن يجدوا مكاناً آخر للجوء قليلة. لكن هذه الحجة تضمر سوء نية لسببين: أولاً، هذا القانون غضَّ الطرف عن الجماعات المسلمة المضطهدة بالأماكن ذاتها مثل الأحمديين في باكستان.
الثاني، لم يُذكر في هذا القانون سوى الدول ذات الأغلبية المسلمة، وغضوا الطرف أيضاً عن الدول التي قد تكون مصدراً محتملاً للاجئين، مثل دولتَي ميانمار وسريلانكا المجاورتين للهند.