لا يزال الاتفاق الليبي-التركي محط رفض، وترقُّب من قِبل بعض الدول العربية وإسرائيل وبعض من الدول الأوربية، على خلفية العداء العربي لتركيا وخط الغاز الإسرائيلي الذي سيمتد إلى اليونان، كجزء من صفقة مبيعات للغاز المستخرج من الأراضي الفلسطيني المحتلة سيكون أمام عقبة، لأن تركيا ستكون القوة العسكرية الواقفة أمام هذا الأنبوب، فيجعل إسرائيل تحت رحمة تركيا فبذلك، إما أن تحاول إسرائيل التمجيد لسياسة صداقة جديدة تجمعها مع تركيا لتحصل على ما تريد، وإما تظل على تعنتها.
تتقاسم كل من ليبيا وتركيا الحدود البحرية، كجزء من الاتفاق المطروح بين البلدين، مما يتيح لحكومة الوفاق الليبية الحفاظ على حدود ليبيا، لمكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، ومما يساعد الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري والأمني بين ليبيا وتركيا، ومما يتيح أيضاً للمحافظة على الحدود البحرية بين البلدين، والتأسيس لمهام التدريب والتعليم وتطوير الإطار القانوني وتعزيز العلاقات، بين الجيشين التركي والليبي وإتاحة الفرصة لتبادل المعلومات الأمنية بين ليبيا وتركيا وتغطية جميع الجوانب الأمنية.
إسرائيل والاتفاق الليبي – التركي
إسرائيل وجدت نفسها أمام الاتفاق بين ليبيا وتركيا في ورطة كبيرة، فالاتفاق الموقّع بين حكومة السراج وأنقرة يقطع الطريق أمام أنبوب الغاز، الذي سيمتد من الأراضي الفلسطينية المحتلة تجاه ليماسول في قبرص اليونانية، ومن ثَم يتجه جنوباً إلى المياه المصرية من ثَم إلى إيطاليا، لتصدير الغاز إلى كل أوروبا.
وهذا ما شهدته الأيام الأخيرة عندما كشفت القناة 13 العبرية حول اعتراض سفن تركية سفينة أبحاث إسرائيلية كانت بمهمة سرية كانت تبحر قبالة سواحل قبرص، وأجبرتها على المغادرة.
لكن ما يجعل الأمور أكثر قلقاً، أن إسرائيل قامت باختتام مناورات في قبرص اليونانية، تحت مسمى "صراع العروش"، شارك بالمناورات الوحدات الخاصة الإسرائيلية "أغوز" و "مغلان"، وسلاح الجو الإسرائيلي، والمروحيات الحربية، وطائرات النقل، والطائرات المسيرة، ووحدات الإنقاذ الخاصة 699.
والخطوة تقوم بها إسرائيل، لتقوية العلاقات مع دول الخليج العربي الداعمة لقوات خليفة حفتر في ليبيا، ومن الممكن أن تزيد هذه الدول من دعمها العسكري لحفتر على خلفية عدائها مع تركيا .
تعتبر تركيا دولة ذات نفوذ عسكري قوي، حيث إنها تمتلك ترسانة عسكرية قوية، وتعتبر من الدول القوية في التصنيع العسكري، وهي ثاني أكبر جيش متواجد في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وهذا ما يصعب على إسرائيل الاحتكاك بتركيا، لأنها تعلم أن تركيا لم تقف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء عليها، وأنها ليست لقمة سائغة تستطيع إسرائيل استهدافها وقتما تشاء، كباقي الدول.
مصر تستفيد من الاتفاق وتعارض
الخلاف القائم بين مصر وتركيا جعل مصر معارضة للاتفاق الليبي-التركي حتى، وعلى حساب مصلحتها الاتفاق الليبي-التركي حول ترسيم الحدود البحرية يخدم مصر بالدرجة الأولى، لأنه يعيد لمصر 7000 كم من حدودها البحرية التي تنازلت به لحساب اليونان، والذي وقع عام 2006 بين أثينا والقاهرة، أي أنه لا يضر بالمصالح المصرية، وهذا ما قاله وزير الخارجية المصري سامح شكري، بأن الاتفاق الليبي – التركي لا يضر بمصالح مصر، لكن يضر بمصالح دول أخرى في منطقة المتوسط، لكن السيسي ليثبت أنه رجل ذو معنويات وجب له أن يكون رافضاً لأي تدخل تركي في الشرق الأوسط، وتعنته أمام الاتفاق من الممكن أن يعطي أحقية لليونان بمطالبة الحدود على حجة أنها حدودها.
السيناريو المرجح لهذا الرفض المصري، هو أن مصر تتلقى ضغوطات من قِبل السعودية والإمارات بحجة أنها دولة محاذية لحدود ليبيا، وأن تركيا تدعم الإرهاب.
الخلاف القائم بين مصر وتركيا يعود إلى السنوات الأخيرة التي رفضت بها تركيا الانقلاب، الذي قام به عبدالفتاح السيسي ضد السلطة الشرعية القائمة على حكم مصر.
اتفاق قد يشعل النار بين الدول المتصارعة، فعلى سبيل الدعم التركي للحكومة الشرعية هو اتفاق رسمي لا يخالف القانون الدولي، بحيث إنه تم مع حكومة شرعية، لكن يبقى هذا الاتفاق محركاً قوياً لتقوية العلاقات الإسرائيلية – العربية في مواجهة هذا الاتفاق، مما يزيد من الدعم العسكري لقوات حفتر وزيادة النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط .
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.