ما العامل المشترك بين فلوريدا الأمريكية وسريهاريكوتا الهندية وكوروا بغويانا الفرنسية؟
الإجابة: جميع تلك المواقع تحوي موانئ فضائية تنطلق منها الصواريخ إلى الفضاء!
هل تعلم لماذا تفضل هذه المواقع عن غيرها لإطلاق الصواريخ؟ ولماذا وقع الاختيار على فلوريدا، الواقعة جنوب شرقي الولايات المتحدة والمعروفة بتعرضها للأعاصير والأحداث الطقسية الأخرى، لتكون موقعاً لإطلاق عديد من الصواريخ؟
لماذا تنطلق غالبية الصواريخ من الساحل الشرقي للدول؟
والإجابة المختصرة هي: إطلاق الصواريخ من الساحل الشرقي يمنح الصاروخ دفعةً إضافية، بسبب سرعة دوران الأرض، بحسب ما أوضحه موقع Science ABC.
علاوةً على أن تلك الصواريخ تسافر في اتجاه الشرق، وفي حالة وقوع أي خطأ، فسوف يسقط الحطام بنهاية المطاف في مياه محيط، بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان.
كيف يقع الاختيار على موقع إطلاق الصواريخ؟
ينطوي اختيار موقع الإطلاق الأمثل للمركبة الفضائية، كما هو متوقع، على دراسة وتحليل عديد من المتغيرات.
وتكمن أهم مخاوف مهندسي وعلماء الفضاء في التأكد من أن القمر الصناعي سيحصل على أكبر "دفعةٍ" طبيعيةٍ ممكنة إبان صعوده الأوَّلي.
كيف يستفيد القمر الصناعي من دوران الأرض؟
تدور الأرض حول الشمس بسرعة تبلغ 108 آلاف كم/الساعة، وهنا يتضح بشدةٍ أن كوكبنا يدور بسرعةٍ كبيرة حول الشمس.
وعند إطلاق الصاروخ في اتجاه حركة الكوكب نفسه، يحصل الأول على دفعةٍ أولية جيدة.
فوائد دوران الأرض بالنسبة لإطلاق الصواريخ
الحركة الأخرى التي يقوم بها كوكبنا هي الدوران باستمرارٍ حول محوره. ومن المثير للاهتمام أن سرعة الدوران تلك تختلف من مكانٍ إلى آخر على سطح الكوكب. إذ تصل إلى حدها الأقصى في المناطق القريبة من خط الاستواء (متوسط السرعة الاستوائية: 1.674 كم/الساعة)، ولكن لا وجود لها تقريباً في المناطق القطبية.
والآن، حين نعلم أن الأرض تدور من الغرب إلى الشرق، وبافتراض أنك ترغب في إطلاق صاروخٍ يسافر باتجاه الشرق، فمن أي مكانٍ ستختار إطلاق صاروخك لتستفيد من دوران الأرض حول محورها؟
إذا كنت قد تعاملت بجديةٍ مع صفوف العلوم في المدرسة، فستختار موقعاً تبلغ فيه سرعة الدوران من الغرب إلى الشرق حدها الأقصى. وهذا هو ما يفعله علماء الصواريخ تحديداً.
ومع الأخذ في الاعتبار أن سرعة دوران الأرض تصل إلى أعلى مستوياتها قرب خط الاستواء، فعليك أن تنظر إلى مناطق الإطلاق الأكثر شيوعاً في العالم:
ومن السهل أن تلاحظ أن غالبية مواقع الإطلاق تقع بالقرب من خط الاستواء.
وهذا لأن الصواريخ التي تطلق من مواقع قرب خط الاستواء تحظى بدفعةٍ طبيعيةٍ إضافية، تساعد في توفير نفقات الوقود والمعززات الإضافية.
مِن الأفضل إنشاء مواقع الإطلاق في المناطق الساحلية
الصواريخ ماكيناتٌ معقدة تزن مئات الآلاف من الكيلوغرامات، وتنطلق في انفجارٍ هائل من موقع الإطلاق.
ولا حاجة للقول إن هناك عشرات الأمور التي يمكن أن تتعطل خلال عملية الإطلاق، لذا يتعين على العلماء ومهندسي الفضاء أن يضعوا في اعتبارهم حالات طوارئ محتملة لا حصر لها؛ من أجل تقليل المخاطر المرتبطة بإطلاق الصاروخ.
وربما يكون أكثر المواقف المتعلقة بإطلاق الصواريخ خطورةً هو الفشل في منتصف الرحلة، وهو سيناريو يقع خلاله خطأٌ ما في الصاروخ وهو ما يزال بالسماء.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عديد من النتائج (وبعضها قد لا يؤثر سلباً في الرحلة بشكلٍ كبير)، ولكن يجب التطرق إلى النتائج التي تنطوي على تساقطٍ عنيف (مثل الحطام المشتعل الذي يسقط من السماء ويهبط فوق المناطق غير المأهولة).
والآن، ألقِ نظرةً أخرى إلى أماكن مواقع الإطلاق على خريطة العالم:
نلاحظ وجود عدد قليل منها، مثل مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا (الذي تنطلق منه غالبية صواريخ الولايات المتحدة)، ومركز ساتيش داوان للفضاء في سريهاريكوتا (أكثر مراكز الفضاء استخداماً في الهند)، تقع بالقرب من بحرٍ مفتوح.
ووقع الاختيار على تلك الأماكن لتصير مواقع إطلاقٍ؛ في محاولةٍ لتقليل (أو القضاء بالكامل) على الخسائر البشرية، في حالة حدوث عطلٍ خلال عملية الصعود الأوَّلي للصاروخ.
ورغم ذلك، يمكنك أن تلاحظ أن بعض مواقع الإطلاق ليست متاخمةً لبحر، بسبب عددٍ من العناصر المؤثرة الأخرى، مثل: إمكانية الوصول إلى موقعٍ بعينه (إذ يجب أن يسهل الوصول إليه براً وجواً وبحراً).
وعلاوةً على ذلك، هناك عددٌ من القيود الجغرافية السياسية على توافر مثل هذه المواقع.
والسبب الآخر لإطلاق الصواريخ من مواقع قريبة لخط الاستواء (مثل الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة) هو أن الأقمار الصناعية التي تستهدف الوصول إلى مدارٍ جغرافيٍّ ثابت حول الأرض (مثل أقمار الاتصالات)، يجب ألا يكون لها أي ميلٍ بالنسبة لمستوى خط الاستواء.
وفي حالة حدوث العكس، سيضطرون إلى إجراء تعديلاتٍ معقدة على المسار، وحرق كثير من الوقود؛ للوصول إلى المدار المناسب.
ولاحِظ أن بعض الصواريخ لا تطلَق من مناطق استوائية، مثل الصواريخ التي تسعى إلى الوصول لمدارٍ قطبي حول الأرض، وهي في هذه الحالة لا تحتاج الدفعة الطبيعية الناجمة عن دوران الأرض، لأنها تنطلق شمالاً أو جنوباً.