أعلنت صحفية سويسرية اعتزامها إعادة ميدالية نوبل التي سبق أن حصلت عليها لعملها ضمن الفريق الصحفي التابع لقوات حفظ السلام الأممية عام 1988؛ احتجاجاً على منح جائزة نوبل للسلام في الآداب لكاتب نمساوي ينكر الإبادة الجماعية في البوسنة.
في الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن منح الجائزة لـ "فاشي أمر مخجل"، بينما خرجت تظاهرات في عاصمة الأكاديمية المانحة للجائزة، في مواقف غاضبة ومنددة بعدم سحب الجائزة من الكاتب.
صحفية سويسرية عريقة تشعر بالخجل من الأكاديمية المانحة لنوبل
الصحفية السويسرية "كريستينا دوكتريه" شاركت، الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، في وقفة احتجاجية بالعاصمة السويدية استكهولم، احتجاجاً على منح الكاتب النمساوي بيتر هاندكه، نوبل للسلام وهو الذي ينكر الإبادة الجماعية بالبوسنة، ويعرب دائماً عن إعجابه بسلوبودان ميلوسوفيتش، الزعيم الصربي السابق.
وقد اعتبرت الصحفية أن الجائزة التي كانت تشعر بالفخر للحصول عليها من قِبل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم التي تمنح جائزة نوبل، باتت تشعر الآن بـ"الخجل والذنب" منها.
فيما قالت الصحفية السويسرية عن الفترة التي وقعت فيها الإبادة الجماعية بالبوسنة: "كنت شاهدة على هذه الإبادة الجماعية قبل 27 عاماً، ومن ثم فإن منح كاتب ينكرها دفعني لإعادة ميدالية نوبل التي سبق أن حصلت عليها".
تظاهرة منددة من عاصمة الأكاديمية المانحة للجائزة
وقد شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم، الثلاثاء، تظاهرة منددة بمنح جائزة نوبل لهاندكه، وذلك بمشاركة صحفيين وأكاديميين وناشطين من مختلف دول العالم، فيما رفع المتظاهرون في ميدان "نورمالمستورج" بالعاصمة، لافتات عليها صور لضحايا حرب البوسنة.
وأردوغان: منح الجائزة لشخص يدافع عن سفاح سفك دماء المسلمين مخجل
في اليوم نفسه، الثلاثاء، اعتبر أردوغان أن "منح جائزة نوبل لشخص يدافع ويثني على سفاح سفك دماء عشرات آلاف المسلمين، أمر مخجل"، وذلك في كلمة له خلال مراسم تأبين أقيمت في العاصمة أنقرة، بمناسبة الذكرى الـ 75 لتهجير أتراك الآخاسكا، على يد الحكومة السوفيتية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1944، معتبراً أن بعض دول الغرب ليس لديها همّ الدفاع عن الحق والحقيقة والعدالة والقيم الإنسانية، وأردف: "لقد أظهروا ذلك مرة أخرى من خلال منحهم جائزة نوبل للآداب لفاشي ينكر الإبادة الجماعية في البوسنة"، مشيراً إلى أن مكافأة "المتعطشين للإبادات الجماعية في فترة انتشار الإسلاموفوبيا بالدول الغربية مثل الوباء، يعني منح جواز لتنفيذ جرائم قتل وهجمات عنصرية جديدة وارتكاب إبادات جماعية جديدة".
كما شدد على أن منح الجائزة لهذا الشخص رغم "سجله القذر والدموي، بمثابة المشاركة في الإبادة الجماعية التي ارتكبت في البوسنة قبل 25 عاماً"، مؤكداً أنه لا يمكن القبول أبدا بمكافأة شخص يتباهى بعنصريته، وأن جائزة نوبل أصبحت مسيّسة.
فيما أضاف: "هذه الجائزة فقط ستغرس الشجاعة في نفوس أعداء الإسلام والإنسانية، كونها تأتي في وقت تتعرض فيه مساجد المسلمين بأوروبا لاعتداءات كل يوم تقريباً، ويفقد المسلمون سلامة أرواحهم وأموالهم".
بينما ختم حديثه بالقول: "أولئك الذين يعطوننا دروساً في الديمقراطية والقانون، استضافوا على السجاد الأحمر الديكتاتوريين وزعماء الإرهاب الذين سفكوا دماء آلاف الناس".
كيف ينكر الكاتب النمساوي المجزرة التاريخية؟
منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم الكاتب النمساوي بيتر هاندكه جائزة نوبل في الآداب، 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
رغم أنه سبق لهاندكه الزعم أن "البوسنيين قتلوا أنفسهم ورموا التهمة على الصرب"، مضيفاً أنه لا يؤمن إطلاقاً بأن الصرب ارتكبوا مذبحة بحق البوسنيين في سريبرينيتسا.
كما زار هاندكه، سلوبودان ميلوسوفيتش، الذي كان يحاكم بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وشارك لاحقاً في جنازته بعد وفاته عام 2006.
آلاف راحوا في مجزرة سريبرينيتسا
تعد مجزرة سريبرينيتسا أكبر مأساة إنسانية وقعت في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، نظراً لحجم العنف والمجازر والدمار الذي تخللها.
فقد لجأ مدنيون بوسنيون من سريبرينيتسا إلى حماية الجنود الهولنديين، في 11 يوليو/تموز 1995، بعدما احتلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة، غير أن القوات الهولندية، التي كانت مشاركة ضمن قوات أممية، أعادت تسليمهم للقوات الصربية.
ليقضي في تلك المجزرة أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان من أبناء المدينة الصغيرة، تراوحت أعمارهم بين 7 و70 عاماً.