استعراض للتعايش بمنطقة شهدت حرباً أهلية.. مسيحيات ومسلمات يخرجن إلى شوارع لبنان ويهتفن ضد الطائفية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/11/28 الساعة 13:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/28 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
يحيي الحاضرون خلال عرض عسكري ، في الذكرى 76 لاستقلال لبنان ، في ساحة الشهداء في بيروت/رويترز أرشيف

شهدت ضاحية عين الرمانة في بيروت، الثلاثاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اشتباكاتٍ بين أنصار حزب الله وحركة أمل من ناحيةٍ، ومؤيدين محليين لحزب القوات اللبنانية من ناحيةٍ أخرى، مما أثار مخاوف من اندلاع توترات طائفية في الحي الذي بدأت فيه الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975.

ولتهدئة التصورات بوجود انقسامات، نظَّمت الأربعاء مجموعةٌ تمثل أمهاتٍ من عين الرمانة ومنطقة الشياح الشيعية المجاورة مسيرةً تبعث برسالةٍ تؤكِّد وحدة أبناء المنطقتين، حسب موقع Middle East Eye البريطاني.

وفي استعراضٍ للتعايش والتضامن، شارك العشرات من المسيحيين والمسلمين في المسيرة التي قادتها النساء، وساروا من عين الرمانة إلى الشياح، وهتفوا ضد الطائفية والعنف.

يُذكَر أنَّ المنطقتين تقعان على جانبي خط تقسيم بيروت في أثناء الحرب الأهلية الدامية التي استمرت 15 عاماً.

ومن جانبها، قالت فالنتينا، إحدى المشاركات في الاحتجاجات اللبنانية وإحدى ساكنات المنطقة، لموقع Middle East Eye البريطانية:  "بالطبع كنا جميعاً خائفين بسبب حساسية هذه المنطقة، فالجميع يعلم أن الحرب الأهلية بدأت من هنا". 

فيما قال سكانٌ آخرون للموقع البريطاني إنَّ المسيرة أعادت تأكيد شيء لطالما كانوا متيقنين منه: وهو أنَّ المنطقتين بقيتا متحدتين بالرغم من التوترات ذات الدوافع السياسية على مر السنين الماضية.

رفض الطائفية

وبالرغم من حالة عدم اليقين التي أنشأها الجمود السياسي القائم في البلاد مع استمرار الاحتجاجات الجماهيرية ضد الفساد، قال بعض المتظاهرين الذين شاركوا في مسيرة يوم أمس إنَّهم مؤمنون بأنَّ الوضع لن يتدهور.

وابتداء من الساعة الرابعة بعد ظهر الخميس، تجمَّع سكانٌ من كلتا المنطقتين أمام واجهة أحد المحلات في عين الرمانة، على بعد خطوات من مكان الاشتباكات التي وقعت في الليلة السابقة.

وهتفت مجموعة من النساء: "لا حرب ولا عنف ولا طائفية"، وبدأن في السير في الشارع نحو منطقة الشياح.

وكانت المجموعة تحمل الأعلام اللبنانية والورود البيضاء وتغني النشيد الوطني، وقوبلت بالتهليل عند دخولها البلدة المجاورة، حيث حيَّاها السكان المحليون من على جانبي الطريق ومن الشرفات في الأعلى.

وحث المتظاهرون جيرانَهم على النزول إلى الشارع والانضمام إليهم، فيما رَمت بعض العائلات الأرز احتفالاً بالمسيرة، وتضامنوا معها برفع علم البلاد ليؤكدوا وحدة أبناء البلاد. 

وقال رجل مُسِن، ذكر أنَّه عاش حياته بين الشياح وعين الرمانة، للموقع البريطاني: "من الجميل رؤية ذلك. الناس يتنقلون بين عين الرمانة والشياح جيئة وذهاباً. نحن جميعاً أمة واحدة، لا نريد الحرب".

فيما قالت زهرة حسيني، التي تعيش في عين الرمانة، إنها فوجئت بأحداث الليلة السابقة.

وأضافت: "أعيش هنا منذ 22 عاماً. ونحن يد واحدة. لقد شاركت في المسيرة كي نوضح أنَّه لا يوجد أحد يستطيع التقسيم بين المسلمين والمسيحيين أو أي طوائف، لكي أظهر للجميع أنه لا يمكن لأحد أن يتدخل بيننا".

فيما ذكرت عالية الخالدي، وهي متظاهرةٌ كانت تحمل لافتة مكتوباً عليها "الثورة أنثى"، أنَّ طبيعة مظاهرة اليوم التي يغلب عليها الطابع النسائي، والتي تعكس المشاركة النسائية في الاحتجاجات اللبنانية المستمرة ككل، كانت بالغة الأهمية لمنع التصعيد.

وأضافت: "في الماضي، لم يكن للمرأة دورٌ بارز في الحرب اللبنانية، أمَّا اليوم، فسنحرص على عدم اندلاع (حرب) مرةً أخرى".

"أقوى من ذلك"

ومع أنَّ بعض المتظاهرين لاموا الأحزاب السياسية اللبنانية على أعمال العنف، واتهموها بمحاولة تعمُّد إثارة التوترات الطائفية للتمسك بالسلطة، فإنَّ بعض المتظاهرين الآخرين، بمن فيهم هناء، ألقوا باللوم على الوضع الاقتصادي في البلاد.

وقالت هناء: "جميعنا يعرف أنَّ هذه المناطق تعاني الفقر بالطبع، فهناك فقراء، وهناك بطالة، ولذلك، فهؤلاء الشبان منفعلون وسريعو التأثُّر عاطفياً… لذا يستشيطون غضباً من أبسط اضطراب أو أي كلمة استفزازية. لكنَّ الجيش ليس كافياً.  فالأمهات لهُنَّ دورٌ بالطبع، إذ يجب عليهن التدخل والسيطرة على الموقف".

ومع دخول الغروب وبداية تساقط أمطار خفيفة، اندلع جدالٌ حين بدأ أحد المتظاهرين في ترديد هتافاتٍ ضد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.

لكنَّ الجدال انتهى بسلام، ثم طلبت الشرطة من المتظاهرين التجمُّع على جانب الطريق، وفتحت الشوارع لحركة المرور مرة أخرى.

وقال حسن عياد، وهو شاب من منطقة الشياح في الأصل، إنَّه من المستحيل استبعاد احتمالية حدوث مزيد من التوترات في المستقبل، لكنَّه شدد على أنَّ الوضع سيظل مستقراً ما دامت المنطقتان متحدتين معاً. 

فيما قال داني، وهو أحد سكان عين الرمانة كان يحتمي من المطر أسفل سقيفة في نهاية اليوم، إنَّ أي جهود لدفع السكان المحليين نحو الصراع قد باءت بالفشل.

وأضاف: "هناك أشخاص يحاولون دفعنا إلى العودة إلى ما حدث سابقاً، لكنَّ عين الرمانة أقوى من ذلك".  

تحميل المزيد