حين عُرض فيلم الجوكر في صالات السينما العالمية، علق كثير من المتابعين على الجوكر بوصفه نموذجاً للاعتلال النفسي الذي يصيب جزء منه أرواحنا بنحو متفاوت، وظل السؤال الأبرز الذي راود عدداً كبيراً من المعلقين على الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أي حد يشبهنا الجوكر؟
في كثير من الأحيان، نمر بظروف ووعكات تترك في نفوسنا أثراً يتطلب الكثير من الجهد للتعاطي معه، وللرد على هذه التساؤلات، وفقاً لموقع The Next Website الهولندي، حاول باحثون فحص السمات التشخيصية للاعتلال النفسي الموجودة على قائمة تدقيق هير للاعتلال النفسي، "PCL-R" التي طورها العالم روبرت هير في سبعينيات القرن العشرين.
تشير التقديرات إلى أن رؤساء العمل معرضون للإصابة بالأمراض النفسية بنسبة 21% بينما السجناء يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية بنسبة 25%.
يحرز المعتل النفسي كلياً أو النموذجي النتيجة الأكبر في قائمة تدقيق هير التي تتكون من 20 عنصراً، وهي 40 درجة.
يشير من يحصل على رقم 30 أو أكثر أنه يجب نقله إلى تقييمات أخرى ومقاييس للاعتلال النفسي، بينما يسجل العديد من المجرمين بين 22 و30، فيما يدل الرقم 0 على شخص ليس لديه أي نزاعات اعتلال نفسي.
التربية ليست هي السبب الوحيد
لكن إذا نظرنا إلى الأسباب الرئيسية إلى الاعتلال النفسي، فكثير من النقاشات دارت حول الطبيعة البشرية مقابل ظروف التنشئة، وعلاقة كل منهما بمقدار التأثير على صحتنا النفسية.
والمحصلة أنه في حين أن الاستعداد الجيني عليه عامل أساسي لكي يظهر الشخص أعراض الاعتلال النفسي، هناك بعض العناصر البيئية المحيطة مثل الصدمة، أو سوء المعاملة أو رفض من تحبهم، قد تؤثر بشدة على الاضطرابات النفسية.
ولا بد أن نعلم أيضاً أنه ليس كل المعتلين نفسياً مجرمين، بل إن الكثير منهم ناجحون في حياتهم المهنية، وبالتالي فارتفاع الرقم الذي نسجله في قائمة تدقيق هير لا يجعل منا بالضرورة خطرين أو قتلة.
ومع ذلك، فالمعتلون نفسياً منتشرون نسبياً، لذلك، كيف يمكننا التعرف على أحدهم؟ فرغم كل شيء إذا كان أحدهم معتلاً نفسياً فنادراً ما سيقبل هذا أو يعلن عنه.
كيف نعرف المرضى النفسيين؟
أولى سمات المعتل نفسياً وفقاً لقائمة تدقيق هير للاعتلال النفسي هي اللباقة والجاذبية الظاهرية. بالطبع تبدو هذه الصفة إيجابية. لكنها ليست سمة يحركها اهتمام صادق أو تعاطف مع الآخرين، لكنها تسمح للمعتلين نفسياً بجذب من حولهم بداية من زملاء العمل، وحتى شركاء العلاقات العاطفية. قد يكون التلاعب بالعقول استراتيجية مفضلة لهم، وفيها يقود المعتل الآخرين للتشكيك في أفعالهم ومعتقداتهم.
السمة الأساسية الأخرى هي الشعور المبالغ فيه بالقيمة الذاتية. بالطبع هذا الإحساس القوي بالثقة بالنفس أو الإيمان بالنفس قد يفسر لماذا يبدو أن العديد من الشخصيات المعتلة نفسياً تلمع في عالم التجارة.
لسوء حظ زملائهم "وأصدقائهم" قد يميل المعتلون نفسياً لجعل أنفسهم في مظهر أفضل من الآخرين عن طريق التقليل من شأنهم، وربما يكذبون بشكل مستمر.
هناك سمات أخرى في قائمة تدقيق هير مثل غياب الندم أو الشعور بالذنب، ونمط الحياة الطفيلي، والعلاقات الجنسية غير الشرعية المتعددة. باختصار، المعتلون النفسيون يميلون للمجازفة ولا يظهرون عادة إحساس الخوف أو لا يشعرون به.
هناك سمة واضحة ومنتشرة وهي قلة السيطرة على سلوكياتهم، وربما تكون مرتبطة أكثر بالمعتلين الذين لديهم تاريخ من جنوح الأحداث. يميل المعتلون نفسياً إلى مشاهدة ومحاكاة سلوك الآخرين، لكنهم قد يمرون أيضاً بنوبات من السلوك المعاد للمجتمع.
المحصلة أن هناك معتلين نفسياً في الحياة الحقيقية قد يسجلون أرقاماً أعلى من الجوكر في اختبار هير، لكنهم ينخرطون في تفاصيل الحياة اليومية ولا يمنحون أنفسهم فرصة للاعتراف بمرضهم، والآن السؤال الأهم: بناءً على ما سبق، هل أنت أحد هؤلاء المعتلين؟ وكيف تنوي استخدام هذه السمات والقدرات؟ وهل تفكر في العلاج؟