أعلن المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، اليوم الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن إصرار السلطات على تطبيق الزيادة في أسعار الوقود والتي أشعلت احتجاجات واسعة، في وقت حذرت فيه السلطات من أنها ستتعامل بحزم مع الاحتجاجات.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن خامنئي، قوله إنه "يجب تطبيق زيادة سعر البنزين"، كما أنه هاجم التظاهرات، ونحا باللائمة "في أعمال التخريب"، على ما سماها "الثورة المضادة والأعداء".
وقال خامنئي في تعليقه على قرار رفع سعر الوقود: "هذا القرار جعل بعض الناس يشعرون بقلق دون شك (…) ولكن أعمال التخريب وإشعال الحرائق يقوم بها مثيرو الشغب وليس شعبنا. الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما أعمال التخريب والإخلال بالأمن ويواصلون فعل ذلك"، وفق تعبيره.
تلويح بالحزم
وجاءت تصريحات خامنئي، بعد ساعات من تحذير وزير الداخلية الإيراني، عبدالرضا رحماني فضلي، بأن سلطات بلاده ستتخذ "الخطوات اللازمة إذا استمرت التظاهرات"، وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي، إن قوات الأمن "حافظت على ضبط النفس" أمام المظاهرات التي تشهدها عدة محافظات.
وأضاف فضلي أن "قوات الأمن التزمت واجباتها، من أجل تنظيم المظاهرات بشكل سلمي وانتهائها دون مشاكل"، مشيراً إلى أن "مباني رسمية ودوائر حكومية ومستشفيات وأموال دولة تعرضت للأضرار في بعض المحافظات"، وفق قوله.
وبيَّن الوزير أنهم قدموا التحذيرات اللازمة للمتظاهرين، قائلاً: "قوات الأمن التي تجنبت التدخل حتى الآن، ستضطر إلى اتخاذ الخطوات اللازمة، للحفاظ على النظام العام، إذا ما استمرت وتيرة المظاهرات على هذا المنوال".
ولليوم الثاني على التوالي تستمر التظاهرات الاحتجاجية على رفع أسعار الوقود في إيران، في حين اتهمت جهات رسمية "أطرافاً خارجية" -لم تسمها- بالسعي لإخلال النظام العام.
وذكرت وكالات أنباء إيرانية، أن شرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن اشتبكت مع متظاهرين في طهران، وعشرات المدن الإيرانية الأخرى أمس السبت.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن مسؤول محلي قوله، إن "قتيلاً سقط في مدينة سيرجان بإقليم كرمان، وأصيب عدد آخر، يوم الجمعة".
غضب واسع
ورفعت طهران سعر لتر البنزين المدعوم من الدولة من 1000 تومان (8 سنتات) إلى 1500 تومان (12 سنتاً) حتى 60 لتراً لكل سيارة شهرياً.
وإذا زاد استهلاك السيارة على 60 لتراً، يصبح سعر لتر البنزين 3 آلاف تومان (0.25 دولار)، بزيادةٍ قدرها 3 أضعاف.
ويوم الجمعة الماضي، خرج متظاهرون في عدة مدن، منها الأهواز، وهرمشهر، وبيرجيند، ومشهد، وسيرجان، وبندر عباس، وأصفهان، وشيراز، ومحافظتا أذربيجان الغربية والشرقية (ذات أغلبية تركية)؛ احتجاجاً على زيادة أسعار الوقود.
وبينما دعا متظاهرون أصحاب السيارات إلى إغلاق محركات سياراتهم، أضرم آخرون النار في محطة وقود بمدينة "سيرجان".
يرى إيرانيون كثيرون أن البنزين الرخيص في الدولة المنتِجة للنفط حق لهم، وأشعلت زيادة أسعاره مخاوف من حدوث مزيد من الضغوط المعيشية، رغم تأكيد السلطات أن "عائد الزيادة سيُستخدم في مساعدة الأسر الفقيرة".
وباتت قدرة الإيرانيين على شراء لوازمهم أضعف بوضوح منذ العام الماضي، عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 النووي الذي وقَّعته إيران مع القوى الكبرى، وعودة العقوبات الأمريكية عليها.
وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض الريال واستشراء الفساد، ألحقت سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها واشنطن، مزيداً من الضرر بالاقتصاد الإيراني.
ويحرص رجال الدين الذين يحكمون إيران، على منع تكرار الاضطرابات التي حدثت بأواخر عام 2017 في 80 مدينة وبلدة، بسبب تدني مستوى المعيشة، وترددت فيها دعوات إلى رجال الدين كي يتركوا الحكم.
وقال المسؤولون الإيرانيون إن 22 شخصاً لقوا حتفهم في تلك الاحتجاجات.