قال رجب طيب أردوغان إنَّه أعاد بنفسه خطاباً أرسله إليه دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة يُحذِّره فيه من أي هجوم عنيف في شمال سوريا قبل أن تبدأ تركيا تدخلها هناك.
وقالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن الرئيس الأمريكي حذَّر نظيره التركي في الخطاب، المؤرَّخ بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول، من أن يكون "رجلاً عنيفاً" أو "أحمق"، وفق نص الخطاب.
وقال أردوغان في مؤتمرٍ صحفي مشترك مع ترامب إنَّه أعاد الخطاب بنفسه إلى الرئيس الأمريكي خلال اجتماعٍ جمعهما في البيت الأبيض في وقتٍ سابق من يوم أمس الأربعاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني. فيما لم يَرُد ترامب على ذلك في المؤتمر الصحفي.
وكان ترامب قد كتب في الخطاب الموجَّه إلى أردوغان: "التاريخ سيذكرك بطريقةٍ إيجابية إذا نجحت في فعل ذلك بطريقةٍ صحيحة إنسانية. لكنَّه سيعتبرك شيطاناً إلى الأبد إذا وقعت أشياء سيئة".
ولم تكن إعادة الخطاب هي اللحظة المُزعِجة الوحيدة التي سبَّبها الرئيس التركي لترامب يوم أمس.
"بلومبرغ": أردوغان أحرج ترامب أكثر من مرة
ففي بداية المؤتمر الصحفي ألقى أردوغان تصريحاتٍ فردية تجاوزت مدتها 10 دقائق، أي أطول من تصريحات ترامب الافتتاحية ببضع دقائق، ما دفع الرئيس الأمريكي إلى التململ، وفق الصحف الأمريكية.
كما اشتكى أردوغان من القوات الكردية في سوريا التي تدعمها أمريكا واعتبرها "إرهابية"، ومن المعارض التركي فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة انقلاب عام 2016، فيما ترفض الولايات المتحدة تسليم غولن، الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا، إلى تركيا.
ومرة أخرى انتقد أردوغان قرار مجلس النواب بشأن اتهام العثمانيين بارتكاب "إبادة جماعية" ضد الأرمن في أوائل القرن العشرين، ما أغضب أردوغان، الذي فكر في إلغاء زيارته رداً على ذلك.
وفي وقتٍ لاحق من المؤتمر الصحفي، استغل أردوغان سؤالاً لمراسلة تركية، كانت طلبت من ترامب توضيح سبب دعوة قائدٍ عسكري كردي إلى البيت الأبيض، ليصف الرئيس التركي ذلك الشخص بأنه "إرهابي"، بينما أجاب ترامب وقتها بأن بلاده تعمل عن كثب مع كل من الأكراد والأتراك.
قبل أسابيع، وصف أردوغان رسالة ترامب بـ"قلة الاحترام"
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، قال أردوغان إنه سيرد في الوقت المناسب على رسالة نظيره الأمريكي بشأن العملية العسكرية التركية شمالي سوريا، والتي حملت تعبيرات بعيدة عن اللغة الدبلوماسية المعهودة.
واتهم أردوغان ترامب بمخالفة "الكياسة السياسية، والدبلوماسية" عندما أرسل خطاباً يهدده فيه بتدمير الاقتصاد التركي إذا حاد عن "طريق الصواب والإنسانية" في سوريا، بحسب تعبير ترامب.
وقال أردوغان، في تصريح لصحفيين في إسطنبول يُعد أول تعليق له على رسالة ترامب: "لن ننسى قلة الاحترام هذه، لكن الحب والاحترام المتبادل سيمنع قائدي البلدين من إبقاء الخطاب حاضراً باستمرار على أجندة أعمالهما"، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times.
وفي الوقت نفسه، توعد أردوغان بالرد، حيث قال: "نرغب أن يعلم الجميع أنه حين يأتي الوقت المناسب سنفعل ما يلزم". وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذا كان آخر سجال بين القائدين اللذين سعيا لإظهار نفسيهما بأنهما حازمان وغير متسامحين.
من جانبهم، قال مسؤولون أتراك، في تصريح لشبكة BBC البريطانية إنَّ الخطاب أغضب أردوغان، لدرجة أنه ألقاه في سلة القمامة، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان أردوغان قد أمر قواته بدخول سوريا قبل قراءته خطاب ترامب أم بعدها.
وكانت وسائل إعلام أمريكية قد نشرت 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، رسالة ترامب للرئيس التركي، والتي طالبه فيها بإعادة النظر في موضوع التدخل التركي في شمالي سوريا، والتوصل إلى اتفاق قبل بدء العملية، لكن لهجة الرسالة كانت غير معتادة كما وصفتها موسكو، التي أدانتها وقالت إن ترامب استخدم كلمات لا يستخدمها عادة رؤساء الدول في المراسلات.
التدخل العسكري التركي والاتفاق الأمريكي
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أطلق الجيش التركي بمشاركة الجيش الوطني السوري، عملية "نبع السلام" في منطقة شرق نهر الفرات، لإبعاد القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة و "داعش" عن الحدود، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وفي 17 من الشهر نفسه، علّق الجيش التركي العملية بعد توصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات الحماية الكردية من المنطقة، وأعقبه باتفاق مع روسيا في سوتشي في يوم 22 من الشهر ذاته.