ربما تعرف شخصاً يبدو أنه لا ينسى أبداً أي شيء، وتمنيت أن لو كنت مثله. الأمر ليس بمستحيل، فيُمكنك بالفعل تحسين الذاكرة من خلال تمارين معينة ونمط حياة صحي.
لا يتعلق الأمر بالحفظ فقط، بل يتعلق بكيفية استخدام المعلومات في الدماغ لاحقاً.
وتقول جينيفر زينتز، رئيس الخدمات السريرية في مركز صحة الدماغ بجامعة تكساس في دالاس: "يجب ألا يكون حفظ الأشياء هو الهدف، إن استخدام المعلومات والجمع بين المعلومات المُخزنة والمعارف الأخرى لتشكيل أفكار جديدة واتخاذ الخيارات، طريقة أكثر صحية لاستخدام العقل".
فحتى لو لم تكن تمتلك ذاكرة حديدية، فإن الاستراتيجيات التي سنتعرّف عليها معاً من خلال السطور التالية، ستساعدك على التذكر بشكل أفضل.
تحسين الذاكرة من خلال تدريب العقل
هناك بعض الطرق والاستراتيجيات التي تُمكنك من تحسين ذاكرتك وتقليل النسيان، ومنها:
1- إنشاء روتين ثابت قدر المُستطاع:
من أجل تحرير عقلك لتذكّر معلومات جديدة ومهمة، لا تُهدر طاقتك في التفاصيل اليومية البسيطة والكثيرة، مثل محاولة تذكُّر مكان وضعك للمفاتيح، سيكون من السهل جداً العثور على الأشياء إذا كنت دائماً ما تضعها في المكان نفسه.
وجود روتين يفيد في تعزيز الذاكرة وتقويتها، إذ تساعدنا الإجراءات الروتينية على تحقيق ذلك، فلا يتعين علينا إنفاق كثير من القوة الذهنية على العناصر التي يمكن التنبؤ بها مُسبقاً وبشكل آلي في عصرنا.
2- استخدم حواسك:
إذا كان عليك وضع شيء ما في مكان غير مألوف، فقل ما تفعله بصوت عالٍ: "أنا أضع نظارتي الشمسية على الطاولة بجانب الباب"، أو عندما تقابل شخصاً جديداً، كرِّر اسمه بصوت عالٍ، فهذا هو واحد من تدريبات الذاكرة للحفاظ على عقل حادّ.
معظمنا يتعلم بشكل أفضل عندما نتمكن من أخذ المعلومات من خلال أكثر من حاسة، لأنه بهذه الطريقة يتمكن من وضع المعلومات في سياق أكبر.
اترك لأذنيك الفرصة لتسجيل المعلومات، وهو ما يزيد من فرص تذكُّرها لاحقاً.
3- لا تقم بأكثر من مهمة في وقت واحد:
ليس من المفاجئ ألا نتذكر الأشياء عندما نُقسم انتباهنا على عديد من المهام أو المعلومات في وقت واحد.
في عصرنا الحالي، لدينا إمكانية الوصول إلى كمية غير مسبوقة من المعلومات، قد يبدو من غير السهل أن نتباطأ أو نتمهل قليلاً، لكن الأبحاث أظهرت أنه كلما زاد عدد المعلومات التي تستهلكها في وقت واحد، أصبح التفكير أكثر ضحالة.
من خلال الحصول على معلومات أقل، تكون قادراً على الحصول على معنى أكثر عُمقاً، وتطوير المعرفة، وبناء شبكات الدماغ فعلياً.
وأول شيء يتعين علينا للقيام بهذا، هو وضع هواتفنا المحمولة بعيداً والتوقف عن تعدد المهام.
4- التأمل:
تتمثل إحدى طرق تعزيز الذاكرة، في التأمل، فالخطوة الأولى لتعزيز وظيفة الدماغ هي تحفيز عقلك من خلال تهدئته.
وقد وجدت الأبحاث أن التأمل يساعدك على تجنُّب الأفكار القلِقة والمُجهدة، والتي تعمل على تقليل التركيز.
وأظهرت إحدى الدراسات أن الطلاب الذين قاموا بالتأمل 10 دقائق يومياً، كان أداؤهم أفضل في الامتحانات من الطلاب الذين لم يفعلوا ذلك.
5- تنظيم المعلومات:
خفِّف عن ذاكرتك العبء من خلال استخدام أدوات خارجية لتنظيم المعلومات.
أي قم بإعداد تذكيرات بما تحتاج القيام به كل يوم، في مُذكرة مكتوبة بخط اليد، إذ أظهرت الدراسات أن الفعل البسيط المُتمثل في كتابة الأشياء بالقلم يمكن أن يُعزز المعلومات في ذاكرتك.
لذا يُمكنك الاحتفاظ بدفتر صغير في كل غرفة، واترك رسائل تذكير مكتوبة بخط اليد، واكتب قائمة قبل الذهاب إلى المتجر، حتى لا تنسى أي شيء.
6- الخروج في الطبيعة:
هذا النشاط البسيط يمكن أن يُحسن الذاكرة بنسبة 20%، فعلى غرار التأمل، قد يؤدي المشي في الطبيعة إلى تهدئة الأفكار القلقة والمشتتة التي تعبث بالذاكرة، فضلاً عن إعطاء الدماغ استراحة من تعدد المهام لتحسين أدائه لاحقاً.
7- الحصول على قدر كافٍ من النوم:
تُشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يحصلون على 7 ساعات من النوم لديهم ذاكرة أفضل من أولئك الذين يحصلون على أقل من خمس ساعات أو أكثر من 9 ساعات.
قد يكون هذا هو العدد المناسب من الساعات الذي يُمكّن دماغهم من القيام بالتغييرات الكيميائية اللازمة لدمج المهارات أو الحقائق الجديدة في الذاكرة طويلة المدى.
يقوّي النوم الروابط بين خلايا الدماغ ومناطق المخ المختلفة، وينقل المعلومات إلى مناطق من الدماغ تكون أكثر فاعلية لتخزينها، حتى في أثناء قيلولة النهار.
8- التمارين الرياضية يومياً:
الجسد والعقل مرتبطان بعمق، لذا فإن أداء التمارين يُساعد على إبقاء عقلك حاداً عن طريق تجنُّب مُهدري الذاكرة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.
تحسّن الحركة الدورة الدموية، وتجلب الدم والأكسجين والمواد المغذية إلى الدماغ، وهو ما يساعد على دعم كفاءة الدماغ وتعزيزها.
ووجدت الدراسات تحسُّناً في التعلم والذاكرة والتركيز مباشرة بعد أداء التمرينات، بل تُثبت الدراسات أيضاً أنه عندما تتخلص من الوزن، تصبح أكثر ذكاءً.