جميعهم من السنة.. التحقيق مع سياسيين لبنانيين بينهم السنيورة وميقاتي، هل يبتز حزب الله خصومه بورقة الفساد؟

أثار استدعاء النائب العام المالي في لبنان القاضي علي إبراهيم لرئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة للسماع لإفادته بقضية اختلاس 11 مليار دولار، ريبة العديد من المحللين

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/08 الساعة 08:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/08 الساعة 08:47 بتوقيت غرينتش
فؤاد السنيورة وسعد الحريري

أثار استدعاء النائب العام المالي في لبنان القاضي علي إبراهيم لرئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة للسماع لإفادته بقضية اختلاس 11 مليار دولار، ريبة العديد من المحللين والمتابعين للشأن اللبناني.

وكان أبرز ما أثار الاهتمام هو توقيت الاستدعاء المتزامن مع انتفاضة شعبية يشهدها لبنان، وهو ما يحتاج -بحسب متابعين- لنقاش معمق يجري الحديث عنه في الأروقة السياسية حول تأثير الصراع السياسي في القضاء اللبناني، وتحول القضاء اللبناني لأداة ضغط لقوى وأحزاب سياسية متأزمة من الهبة الشعبية التي انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

النائب العام أداة حزب الله

وتعزو هذه الأوساط قراءتها لكون القاضي علي إبراهيم "يدور في فلك الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل"، وهو ما يضيف فرضية أن خلف الاستدعاءات المتتالية محاولات لفرض أجندات سياسية في الظرف الاستثنائي الذي يمر به لبنان.

وقال مصدر سياسي لـ"عربي بوست" إن استدعاء السنيورة جاء بناءً على إخبار تقدم به النائب عن "حزب الله" حسن فضل الله، تضمن ملفات فساد تطال السنيورة والعديد من الشخصيات السياسية والحكومية الأخرى.

وفي حين أن هناك حملة جرى شنها على السنيورة وصولاً لاستدعائه المفاجئ، تزامنت مع تظاهرة حاشدة لمؤيدي التيار الوطني الحر وأحزاب متحالفة معه شهدها محيط منزل السنيورة في العاصمة بيروت، وهو ما يزيد من نظرية "الاستهداف السياسي".

واقترن هذا الأمر مع الجملة التي دعا لها رئيس الجمهورية ميشال عون لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، والتي يتهم بها كبار الشخصيات اللبنانية التي تتابعت على الحكم منذ اتفاق الطائف عام 1992، استجابة للمطالب الشعبية.

وقال عون إن التحقيقات مع مسؤولين حاليين وسابقين تدور حولهم شبهات "لن تستثني أحداً من المتورطين".

ويندد المتظاهرون اللبنانيون بانتشار الفساد في مؤسسات الدولة وبين قياداتها من مختلف الطوائف وفي المناصب المختلفة، إذ يأتي لبنان ضمن الدول المتصدرة للمؤشرات الدولية للفساد.

هتافات المتظاهرين في لبنان تدعو لوقف الفساد
هتافات المتظاهرين في لبنان تدعو لوقف الفساد

تيار المستقبل هو المستهدف

كما تشير المصادر أن الاستدعاءات ستشمل شخصيات ووزراء محسوبين على تيار المستقبل (الذي يتزعمه رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري) مثل وزير الاتصالات محمد شقير، ووزير الإعلام جمال الجراح بتهم هدر المال العام.

والمثير للاستغراب أن الحملة التي بدأت نهاية الشهر المنصرم طالت أيضاً رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي، إذ ادعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون على ميقاتي وبعض أفراد عائلته بجرم الإثراء غير المشروع.

هذه الاستدعاءات والحملات المتتالية تفهمها شريحة من اللبنانيين بأن لائحة من الشخصيات السنية وضعت على لائحة الملاحقة في ظل غياب واضح لإجراءات مماثلة بحق وزراء ونواب محسوبين على الفريق المتحالف مع حزب الله، وعلى رأسهم وزير الخارجية جبران باسيل الذي تدور حوله تهم فساد في ملفي الكهرباء والنفايات.

كل هذا يفتح الباب على تشكيك واسع بجدية شعار "مكافحة الفساد" بعد أن طالت فريقاً واحداً من القوى السياسية اللبنانية. 

تيار المستقبل يدافع عن رجاله

وفي الشق السياسي، يوضح رئيس المكتب السياسي لتيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، أن تياره يلتزم بسقف الدولة والقضاء ويحترم خيارات الناس، وهذا يعني أن البينة على من ادعى، على حد تعبيره.

وأضاف علوش في تصريحه لـ"عربي بوست" أن السنيورة ذهب كمواطن لبناني للقضاء واستمع القاضي له بحضور محاميه وخرج بشكل طبيعي.

وحول ملف الـ11 ملياراً، يرى علوش أن السنيورة سبق له وفند صرف المبلغ المذكور بشكل علمي وبالأدلة والبراهين. لكن علوش بالوقت نفسه لا يخفي ريبته من توقيت هذا الاستدعاء ومحاولات البعض للالتفاف على القضية الأهم وهي مطالب الناس في الشارع ومحاولات تضييع البوصلة.

تشكيك في النوايا

في السياق نفسه يرى المحلل السياسي ربيع دندشلي أن أي حملة لمكافحة الفساد واستعادة المال العام المنهوب هو أمر مطلوب، لكن ألا يقتصر على فريق معين دون آخر، على حد وصفه.

ويرى دندشلي أن الاستدعاءات التي تطال مجموعة من الشخصيات قد تكون محاولة ضغط على الرئيس سعد الحريري للقبول بشروط البعض حول ملف تشكيل الحكومة القادمة التي يسعى الحريري جاهداً أن تكون حكومة تكنوقراط بعيدة عن الشخصيات الحزبية التي خرج اللبنانيون للمطالبة أصلاً بإسقاطها.

لكن هذا التوجه من الحريري يرفضه حزب الله والتيار الوطني الحر خشية إبعادهم عن المشهد السياسي اللبناني. ولا يستبعد دندشلي فكرة أن ما يجري في القضاء هدفه استفزاز طائفة بعينها لضرب الحراك بعد أن بات واضحاً من الحراك اللبناني أن اللبنانيين نزعوا عنهم رداء المذهبية والطائفية.

وفي الإطار القانوني يؤكد الخبير القانوني المحامي زاهر مطرجي في البداية أنه يحق للنائب العام المالي استدعاء أي شخصية عامة أو حتى سياسية أو أي موظف من أي درجة متهمة بهدر مال الدولة أو اختلاسه. 

وأضاف لـ"عربي بوست" أنه من صلب صلاحيته وفق القانون اللبناني هو تولي مهام الملاحقة في الجرائم التي تنال من مكانة الدولة المالية وجرائم اختلاس الأموال العمومية.

ويرى أن ما يحصل حالياً من استدعاء لرئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة وغيره من السياسيين يندرج ضمن "الحصول على شهادة هؤلاء حول ملفات مالية تدور الشكوك حولها".

بعد ذلك يبني النائب العام المالي مطالعته إما عبر اتهام هؤلاء السياسيين بجرم اختلاس الأموال أو هدرها ليتحول الملف للقاضي المختص للمحاكمة، أو الاكتفاء بالسماع للشهادة في حال عدم كفاية الأدلة.

واختتم حديثه قائلاً "لكن نأمل أن يطال مثل هذا الاستدعاء كافة السياسيين من مختلف الطوائف والمناطق دون تغطية لأحد لإبعاد الشعور الحاصل اليوم عند طائفة من اللبنانيين بأن زعماءهم فقط المستهدفون".

تحميل المزيد