قال مسؤولون أمريكيون، أمس الأربعاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إنَّ البيت الأبيض عيَّن اثنين من المسؤولين للمساعدة في إدارة جهوده العامة للدفاع عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعياً منه إلى تعزيز ردّه على التحقيق الذي بدأه الديمقراطيون في مجلس النواب لعزل ترامب وفقاً لما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
وأكد مسؤولٌ حكومي بارز أنه من المتوقع انضمام توني صايغ، وهو استراتيجي جمهوري ومساعد سابق لوزير الخزانة ستيفن منوشين، وبام بوندي النائبة العامة السابقة لفلوريدا، إلى البيت الأبيض لتولي شؤون التصريحات المتعلقة بتحقيق العزل ومشروعات خاصة أخرى.
وقال المسؤول إنهما من المتوقع أن يضطلعا بأدوارٍ مؤقتة، وسيشاركان بصفتها موظفين حكوميين خاصين.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يواصل فيه ترامب إعلان عدم اكتراثه كثيراً بالتحقيق، الذي من المنتظر أن يشهد في الأسبوع المقبل أول شهادةٍ علنية للشهود.
"غرفة عمليات" ترامب
يُذكر أن ترامب رفض مراراً فكرة إقامة "غرفة عمليات" كالتي استخدمها مساعدو الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في معركة عزله في أواخر التسعينيات.
لكنَّ بعض النواب والمسؤولين الآخرين حول الرئيس أقل ثقةً في أنَّ البنية الحالية حول ترامب يمكنُّها تحمُّل شدة التحقيق في الأسابيع المقبلة.
ومن بينهم النواب الجمهوريون في الكونغرس، الذين سيواجهون التصويت على بنود العزل، والذين اشتكوا مراراً من أنَّ البيت الأبيض لم يتحلَّ بوضوحٍ كبير في الرد على الديمقراطيين.
ومن بين الفوائد المحتملة الأخرى لهذه الخطوة، يأمل مساعدو ترامب في أنَّ ضم موظفين إضافيين يُمكن أن يُهدِّئ هؤلاء النقاد.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ صايغ، الذي ترك الإدارة قبل أقل من ستة أشهر للعمل في شركة Teneo، رُشِّح للمنصب من جانب جاريد كوشنر، صهر ترامب وأحد أبرز مستشاريه، الذي أراد ضمِّه إلى فريق الاتصالات، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأحداث.
ويُذكر أن كوشنر يُشرِف على الجهود الرئيسية في استجابة البيت الأبيض لتحقيق العزل.
فيما يرى بعض مساعدي ترامب أنَّ بام بوندي، بخلفيتها القانونية، تعد خياراً جيداً للظهور على شاشات التلفزيون نيابة عن ترامب. فهي إحدى الشخصيات المفضلة لديه.
ويتبقى أن نرى طبيعة أدوارهما المحددة، بما في ذلك المشروعات الخاصة الأخرى التي قد يعملان عليها.
وبصفتها موظفين حكوميين خاصين، فمدة عملهما في البيت الأبيض يجب ألَّا تتجاوز 130 يوماً، ما يشير إلى أن خطة الإدارة لا تعتزم بقاءهما على المدى الطويل.
ويتبقى كذلك أن نرى مدى فعالية أيٍّ منهما، بالنظر إلى أن ترامب يُفضِّل تولِّي شؤون التصريحات بنفسه، ولا يحبذ أبداً فكرة أن يتحكم أحدٌ غيره في ما يقوله.
تحقيق عزل ترامب
يُذكر أنَّ تحقيق العزل بدأ بعدما علَّق ترامب مساعدات عسكرية لأوكرنيا وافق عليها الكونغرس، وضغط على المسؤولين الأوكرانيين للتحقيق مع هنتر بايدن، نجل نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، بسبب عمله في شركة أوكرانية حين كان والده نائب الرئيس.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ ترامب يُفضِّل تولي شؤون التصريحات بنفسه، إذ يُدلي بها في حديقة البيت الأبيض حين يكون متجهاً إلى ركوب الطائرة الرئاسية أو عبر حسابه على موقع تويتر.
وقد هاجم مساعي العزل مراراً، ووصفها بأنَّها "مطاردةٌ اضطهادية"، مُصِراً على أنه لم يرتكب أي خطأ. وقال إن مكالمته مع الرئيس الأوكراني في 25 يوليو/تموز الماضي، التي ذكر فيها بايدن، كانت "مثالية".
وفي محادثاتٍ خاصة في الأسابيع التي تلت إعلان التحقيق مباشرة، بدا ترامب محبطاً للغاية، وذكر أنَّ الجمهوريين لم يدافعوا عنه كما ينبغي، وأنهم يجب أن يؤكِّدوا علناً أنَّه لم يرتكب أي خطأ.
وفي الآونة الأخيرة، بدا ترامب مستسلماً لفكرة إجراء التحقيق، وصحيحٌ أنَّه غير راضٍ عنه، لكنَّه يعتبره معركة سياسية سيتعين عليه خوضها، وفقاً لاثنين من المستشارين.
هذا ويؤدي بات سيبولون، مستشار البيت الأبيض، دوراً أكبر في معركة العزل من محامِي ترامب الخصوصيين، على عكس ما حدث في التحقيق الذي أجراه المستشار الخاص روبرت مولر، والذي استمر عامين.
لكنَّ مسؤولي البيت الأبيض ينظرون إلى تحقيق العزل عبر مقارنته مع تحقيق مولر، ويرون أنَّه يُشكِّل تهديداً وجودياً أقل. ويعتزمون اتباع خطةٍ مماثلة لتلك التي واجهوا بها التحقيق السابق: تقويض التحقيق والتشكيك في شرعيته، والإشارة إلى أنَّ الشهود لديهم تحيزات ضد ترامب منذ أمدٍ بعيد.
غير أنَّ الفرق بين تحقيق مولر في العلاقة بين حملة ترامب الانتخابية والمسؤولين الروس في عام 2016، ومساعي العزل هو أن تحقيق مولر لم يعثر قط على دليل مباشر على وجود تواطؤٍ بين ترامب والروس.
في حين أنَّ الديمقراطيين يرون أنَّ المكالمة الهاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تعد دليلاً قاطعاً، وهو الرأي الذي عززه العديد من الشهود، وسيكون حاسماً في الحجة التي سيقيمونها على ترامب.