بدأ محتجون في العراق، استعدادات لاحتمال استمرار المواجهة الاحتجاجية لفترة طويلة، في ظل عدم تجاوب الحكومة والأحزاب السياسية مع مطالبهم.
وقالت وكالة الأناضول إن المحتجين في بغداد – لا سيما ساحة التحرير التي تحوّلت إلى رمز للاحتجاجات – يوزعون الأدوار فيما بينهم، للحيلولة دون تراجع الزخم الاحتجاجي الذي يرفع حزمة مطالبهم، وفي مقدمتها رحيل حكومة عادل عبد المهدي، التي تتولى السلطة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
"سنبقى لأشهر"
واصطحب محتجون العديد من الخيام، والأغطية، للاحتماء بها من البرد في ساعات المساء، كما زاد عدد مفارز متنقلة تقدم خدمات طبية أولية للجرحى، قبل نقلهم إلى المستشفيات.
وقال عبد القادر ثامر، ناشط في الاحتجاجات التي تشهدها بغداد، إن "الحكومة لا تتجاوب مع مطالبنا، رغم الدماء التي أُريقت والأعداد الهائلة (من المحتجين) التي نزلت للشوارع".
وأضاف: "إذا كانت الحكومة ومسؤولو الأحزاب النافذة يتصورون أن اليأس قد ينال منّا، فهم على خطأ كبير".
وتابع ثامر: "هذه المرة لن يعود أحد إلى منزله قبل رحيل الطبقة السياسية الفاسدة، التي تنهب أموال العراق منذ أكثر من 16 عامًا. سنبقى هنا حتى لو اقتضى الأمر منّا شهورًا".
وتوجهت الأنظار، صباح أمس السبت 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، إلى محافظة البصرة جنوب العراق، عندما حاولت قوات الأمن تفريق مئات المعتصمين على طريق يؤدي إلى "أم قصر"، أكبر موانئ العراق.
ويغلق معتصمون الطريق، منذ الأربعاء الماضي، مما أوقف العمل في الميناء تمامًا.
قتلى وجرحى
وقالت مفوضية حقوق الإنسان (رسمية تابعة للبرلمان)، في بيان، إن 120 متظاهرًا أصيبوا بجروح واختناق، عندما حاولت قوات الأمن دون جدوى تفريقهم، وإعادة فتح الطريق إلى الميناء.
بينما قُتل متظاهر وأصيب 85 آخرون، عندما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لإبعاد متظاهرين من على جسر الجمهورية وسط بغداد، وفق ما نقلته وكالة الأناضول عن مصدر طبي.
ويفصل الجسر بين المتظاهرين في ساحة التحرير، و"المنطقة الخضراء"، وهي تضم مباني الحكومة والبرلمان والبعثات الأجنبية.
وقال عضو المفوضية، فيصل العبد الله، إن 260 محتجًا قتلوا وأصيب 12 ألفا آخرين منذ بدء الاحتجاجات، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأفاد بـ"إضرام النيران في نحو 100 مبنى حكومي ومقرات لأحزاب سياسية".
وخيّم الهدوء على الساحة السياسية، أمس السبت، عقب ضغوط كبيرة مارستها قوى سياسية، خلال الأيام الماضية على الحكومة لتقديم استقالتها، وخاصة من جانب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
واكتفت الحكومة، بإصدار بيان دعت فيه الدول الأجنبية والمنظمات الدولية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق واحترام سيادته.
غضب من إيران
وجاء موقف الحكومة بعد يومين من خطاب للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، رفض فيه تدخل أية أطراف إقليمية أو دولية بالشأن العراقي أو مصادرة إرادة العراقيين.
ويبدو أن السيستاني كان يعقب على تصريحات أدلى بها المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، وصف فيها المتظاهرين في العراق ولبنان بـ"المشاغبين"، ودعا من أسماهم "الحريصين" في البلدين إلى معالجة أعمال الشغب.
وأثارت تلك التصريحات غضب المحتجين العراقيين، إذ اعتبروها دعوة صريحة للفصائل المسلحة المقربة من إيران لقمع الاحتجاجات.
ويشهد العراق، منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، موجة احتجاجات مناهضة للحكومة، هي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين.
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرفعوا سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة، إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة ضمن مطالب أخرى عديدة.