اتفق الداعمان الرئيسيان لرئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، على العمل معاً من أجل الإطاحة به، مع اشتداد الاحتجاجات ضد الحكومة في بغداد، ومعظم مدن جنوب البلاد ذي الأغلبية الشيعية.
وطلب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يتزعم أكبر كتلة في البرلمان، من عبدالمهدي الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وعندما رفض رئيس الوزراء، دعا الصدر منافسه السياسي الرئيسي هادي العامري إلى مساعدته في الإطاحة به.
ويتزعم العامري تحالفاً يسيطر على ثاني أكبر كتلة برلمانية، وأصدر العامري في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، بياناً يقبل فيه المساعدة في الإطاحة برئيس الوزراء.
وقال العامري في البيان: "سنتعاون معاً من أجل تحقيق مصالح الشعب العراقي وإنقاذ البلاد بما تقتضيه المصلحة العامة".
وتولى عبدالمهدي السلطة قبل نحو عام بعد أسابيع من الجمود السياسي، حين فشل الصدر والعامري في حشد المقاعد الكافية لتشكيل حكومة، وعين الاثنان عبدالمهدي كمرشح توافقي لقيادة حكومة ائتلافية هشة.
وأكسب الصدر زخماً أكبر للاحتجاجات ضد الحكومة، عندما أعلن أمس الثلاثاء، عن انضمامه إلى المتظاهرين في محافظة النجف جنوبي العراق.
ولجأ الصدر إلى ممارسة المزيد من الضغوط على رئيس الحكومة لتقديم استقالته، لكن عبدالمهدي رفض ضمنياً طلب الصدر عندما ألقى بالكرة في ملعب البرلمان، وقال إن انتخابات مبكرة غير ممكنة إلا إذا حل البرلمان نفسه أولاً.
وأثار موقف عبدالمهدي غضب الصدر الذي قال: "كنت أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك"، وحذر بالقول: "وفي حال عدم تصويت البرلمان فعلى الشعب أن يقول قولته.. ارحل".
احتجاجات متواصلة
وكان السجال السياسي الحاد يجري عبر بيانات متعاقبة، في وقت كانت الساحات العامة في المدن والبلدات تشهد زخماً أكبر وسط تراجع أعمال القمع نسبياً أمس الثلاثاء.
واحتشد عشرات الآلاف الثلاثاء، في ساحة التحرير وسط بغداد، وعبر الكثير منهم حاجزاً على مدخل جسر الجمهورية بعد انسحاب قوات الأمن من المكان إلى منتصف الجسر.
وفي محافظات الوسط والجنوب، معقل الشيعة، واصل طلبة المدارس والجامعات الانضمام إلى المتظاهرين في الساحات العامة التي كانت هادئة نوعاً ما.
كما انضم العشرات من طلبة الجامعة إلى المتظاهرين في كربلاء، غداة ليلة حافلة بالقمع في المدينة التي تعتبر مقدسة لدى الشيعة.
وكانت مفوضية حقوق الإنسان (رسمية تابعة للبرلمان) قد قالت في البداية إن 18 شخصاً قتلوا خلال إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في كربلاء ليل الإثنين الفائت، لكنها عادت وتراجعت عن تصريحاتها، وقالت إن قتيلاً واحداً فقط سقط هناك رغم أن وسائل إعلام محلية تحدثت عن 20 قتيلاً.
عشرات القتلى
ومع القتيل الذي سقط في كربلاء مساء الإثنين، يرتفع بذلك أعداد القتلى إلى 83 شخصاً فضلاً عن إصابة آلاف آخرين بحالات اختناق وجروح في موجة الاحتجاجات الجديدة التي تجتاح البلد منذ يوم الجمعة الماضي.
وسقط معظم القتلى برصاص فصائل الحشد الشعبي التي أطلق مسلحوها النار على متظاهرين في محافظات الوسط والجنوب عندما حاول المحتجون الوصول إلى مقراتها لإضرام النيران فيها.
وموجة الاحتجاجات الجديدة هي الثانية من نوعها خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد أخرى قبل نحو أسبوعين شهدت مقتل 149 محتجاً و8 من أفراد الأمن.
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة، إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبدالمهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترضِ المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.
ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطاً متزايدة على حكومة عبدالمهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.