تعدَّدت ردود الفعل اللبنانية والدولية عقب استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في إثر الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ أسابيع، حيث رحّب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بتقديم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته، تجاوباً مع مطالب الاحتجاجات، داعياً إلى تشكيل حكومة تكنوقراط.
وقال جعجع، في بيان له: "حسناً فعل الرئيس سعد الحريري بتقديم استقالته واستقالة الحكومة، تجاوباً مع المطلب الشعبي العارم بذلك".
وأضاف: "المهمّ الآن هو الذهاب نحو الخطوة الثانية والأساسية والفعلية المطلوبة للخروج من أزمتنا الحالية، ألا وهي تشكيل حكومة جديدة من أخصائيين مستقلين تماماً عن القوى السياسية".
ودعا جعجع المؤسسات الأمنية المعنية إلى الحفاظ على سلامة المتظاهرين "بعد الاعتداءات الشنيعة التي تعرّضوا لها اليوم، في وسط بيروت".
فرنسا أول المعلقين من خارج لبنان
فيما دعا وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان، السلطات اللبنانية، الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى ضمان وحدة البلاد واستقرارها، في خضم أزمة سياسية واقتصادية. وقال لو دريان أمام البرلمان الفرنسي "رئيس الوزراء الحريري استقال للتو، وهو ما يجعل الأزمة أكثر خطورة".
وأضاف: "تطالب (فرنسا) المسؤولين اللبنانيين بعمل كل ما يمكن لضمان استقرار المؤسسات ووحدة لبنان، هذا هو الأهم".
استقالة الحريري انتصار للشعب اللبناني
وبدوره اعتبر رئيس المركز العربي للدراسات والحوار، الشيخ عبّاس الجوهري، أنّ استقالة الحريري "تُعدّ انتصاراً للشعب اللبنانيّ، والمُتضرّر الوحيد والخاسر الأكبر هو المُتشبّث بهذا الواقع السياسي، الذي كان يؤمّن له القدرة على الإمساك باللعبة السياسيّة".
ومضى الجوهري قائلاً: "بعد الاستقالة سيبرز واقع سياسي جديد لن يكون لأهل السلاح (يقصد حزب الله) فيه أي دور لإمساك الدور السياسي والأمني في لبنان".
وتابع: "سقوط الحكومة سيجعل الشارع أكثر انضباطاً، ومن بعد هذه الخطوة يجب الذهاب إلى حكومة تكنوقراط يمكن أن يكون على رأسها الحريري، وبعيدة عن الأحزاب، وتتبنى الورقة الاقتصادية الإصلاحية التي اقترحتها الحكومة، والمطلوب بعدها هو الاتجاه نحو انتخابات نيابية مبكرة، ليُعاد تكوين السلطة في مشهد جديد هو مشهد الثورة".
لكن الحراك لم يستهدف الحكومة فقط
وقال فارس خشّان، كاتب ومحلل سياسي لبناني: "إذا تشاءمنا في تقييم الناس (المحتجين)، نقول إن الحراك الشعبي سينتهي مع انتهاء الحكومة، ولكن إذا كنا واثقين بالناس فننتظر أن يتّسع الحراك، ويصبح أكثر قوة وبطشاً".
وأضاف: "الحراك لم يستهدف الحكومة فقط، بل يطالب برأس النظام.. هناك من كانوا يخافون أن تنحصر القضيّة برئاسة الحكومة، وستنكسر عقدتهم، ويفترض بالمنطق أن ينضموا للمطالبين بإسقاط كل التركيبة السلطوية".
ويوجد في لبنان ثلاث رئاسات، هي رئاسة الجمهورية ويتولاها مسيحي ماروني، ورئاسة الحكومة ويتولها مسلم سُني، ورئاسة البرلمان ويتولاها مسلم شيعي.
رغم ذلك، المتظاهرون يحتفلون بأول انتصاراتهم
فيما تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي على موقع تويتر فيديوهات توثق لحظة احتفال المتظاهرين في شوارع لبنان باستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري.
ويظهر في شريط الفيديو المنتشر حالة من الفرحة بين المتظاهرين في شوارع لبنان، عقب الاستقالة.
وجاءت استقالة الحريري في اليوم الثالث عشر للاحتجاجات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية، للمطالبة بإسقاط النظام وتشكيل حكومة إصلاحية بعيدة عن الطبقة السياسية الحاكمة.
وبدأت الاحتجاجات في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، رفضاً لمشروع حكومي لزيادة الضرائب على المواطنين في موازنة 2020، قبل أن ترفع سقف مطالبها أيضاً إلى استعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد المستشري ومحاسبة المفسدين، وفق المحتجين.
ومنذ اليوم التالي لاندلاع المظاهرات، أقفلت معظم المؤسسات الرسمية والخاصة في لبنان، على رأسها المؤسسات التعليمية والمصارف، في ظل إضراب عام يفرضه المتظاهرون عبر قطع الطرقات الرئيسية، لاسيّما الطريق السريع الساحلي، الذي يربط المدن الرئيسية ببعضها.