وصف مسؤولون أمنيون أوروبيون، التهديدات التركية بإرسال ملايين اللاجئين السوريين إلى الحدود الأوروبية، بالحقيقية، مشيرين إلى قلق أوروبي من تحول التهديدات إلى أفعال، بحسب ما ذكره موقع Business Insider، أمس الجمعة 11 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وكانت أنقرة قد هدَّدت بأنها قد تفتح حدود الدول الأوروبية أمام اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها، في حال إدانتها أو فرض عقوبات عليها بسبب تدخلها العسكري في شمال شرقي سوريا، حيث تخوض مع فصائل من المعارضة معركة ضد قوات كردية عند الحدود السورية التركية.
وهدَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإرسال الكثير من اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا، والذين يقدر عددهم بـ3.6 مليون لاجئ إلى أوروبا، بعد أن أبدت عواصم أوروبية قلقها إزاء قرار تركيا هذا الأسبوع إرسال جيشها إلى سوريا.
وقال إن خطته لإنشاء شريط أمني لم تتحدد معالمه بعد على طول الحدود لإيواء مئات الآلاف من اللاجئين ضرورية، حتى بعد أن أعرب المجتمع الدولي عن قلقه البالغ من أن هذا الإجراء قد يرقى إلى التطهير العرقي.
ونبَّه أردوغان، في خطاب ألقاه أمام حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه يوم الخميس الماضي 10 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن أي إدانة من أوروبا سوف تؤدي إلى "فتح الأبواب أمام 3.6 مليون لاجئ ليأتوا إليكم".
تهديدات "واقعية"
وقال مسؤولون لموقع Business Insider إن "تهديدات أردوغان قد تبدو مبالغاً فيها، لكنها واقعية تماماً"، ونقل الموقع عن مسؤول بوزارة الداخلية اليونانية -لم تذكر اسمه- قوله إن بوسع أردوغان تنفيذ تهديداته.
وأضاف المسؤول أن "لدى حزب العدالة والتنمية وشبكة مصالحه السياسية، القدرة على تمكين السوريين واللاجئين الآخرين من الذهاب إلى اليونان والاتحاد الأوروبي عن طريق البحر، وهم يسيطرون أيضاً على مواطن القوة الرئيسية التي تمكنهم من تسريع أي عملية لنقل اللاجئين".
وأضاف: "بوسعهم إرسال حوالي 500 ألف لاجئ على الفور، في الوقت الذي سيجنون فيه ملايين الدولات من التكاليف الذي سيدفعها اللاجئون مقابل الرحلة".
وذكر الموقع الأمريكي أن هذا الرأي أكده جزئياً ضابط شرطة تركي في مدينة إزمير الساحلية، وهي نقطة انطلاق رئيسية للاجئين أثناء مغادرتهم إلى اليونان، وجزر الاتحاد الأوروبي قبالة الساحل.
وقال المسؤول اليوناني مشيراً إلى ما حدث في صيف عام 2015، حين سافر أكثر من مليون شخص من تركيا إلى اليونان ودول أوروبية أخرى: "لن تستطيع أوروبا التعامل مع الأمر إذا تكرر ما حدث عام 2015، ويعرف أردوغان ذلك. إننا مقيدون في مواجهة هذه التهديدات".
أوروبا ترفض عملية "نبع السلام"
ويُذكر أن المخاوف إزاء أكبر هجرة جماعية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية أدت إلى ضغوط هائلة على سياسات أوروبا الداخلية، وإجماع بين الدول الأوروبية على أنها لا تريد ما حدث أن يتكرر.
ومنذ بدء العملية العسكرية التركية، دعا الأعضاء الأوروبيون في مجلس الأمن الدولي إلى الوقف الفوري للهجوم، وقال الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا في البيان المشترك: "نشعر بقلق عميق إزاء العملية العسكرية التركية".
لكن "القلق العميق" لا يماثل الاستعداد لفرض عقوبات، مثلما هدد مشرعون أمريكيون إذا تجاوز الهجوم التركي إنشاء منطقة عازلة.
وقال الموقع الأمريكي، إن لدى الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب مساحة أكبر من أوروبا للحديث مع الأتراك.
وقال المسؤول اليوناني: "نحتاج إلى ترامب لعقد صفقة مع أردوغان واستخدام القوة الأمريكية لكبح جماحه"، وفق تعبيره، مضيفاً: "أوروبا تقف عاجزة أمام تهديد اللاجئين، أما الأمريكيون فليسوا كذلك".
يوم الأربعاء الماضي، أطلق الجيش التركي بالتعاون مع "الجيش الوطني السوري" (التابع للمعارضة)، عملية "نبع السلام" في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، وقال إنها ضد مقاتلي وحدات "حماية الشعب" الكردية، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأشارت أنقرة إلى أن العملية العسكرية تهدف "إلى القضاء على الممر الإرهابي الذي تُبذل جهود لإنشائه على الحدود الجنوبية لتركيا، وإلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".