يمسك الجمهوريون في مجلس الشيوخ بمستقبل دونالد ترامب السياسي، في وقت يواجه فيه الرئيس الأمريكي إجراءات رسمية هادفة إلى عزله عن السلطة، ويبدو أن الجمهوريين ما زالوا أوفياء له، رغم أصوات نادرة ارتفعت لانتقاده في قضية أوكرانيا، غير أن دعمهم له هذه المرة يبدو خجولاً، لا بل مرتبكاً أحياناً.
وفوجئ هؤلاء الجمهوريون، في حين كانوا يزورون دوائرهم خلال عطلة الكونغرس، بآخر تطورات القضية الأوكرانية التي حملت الديمقراطيين على فتح تحقيق، في إطار آلية العزل المحفوفة بالمخاطر، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
إحراج للجمهوريين
وتوجهت ناخبةٌ إلى السيناتورة الجمهورية جوني إيرنست خلال تجمُّع عام، يوم الخميس الماضي، في ولاية إيوا، بقولها: "تبقين هنا صامتة، وصمتك يدعمه"، مثيرة تصفيق المشاركين في الجلسة.
وأجابت السيناتورة: "لا يمكنني التكلم عنه"، فقاطعتها المرأة الشابة مستدركة، بحسب مقطع فيديو نقلته صحيفة Washington Post: "لكن يمكنك التكلم عن نفسك. متى ستقولون كفى؟".
وفي مواجهة أزمة خطيرة تحاصر ترامب، إذ يشتبه الديمقراطيون في أنه مارس ضغوطاً على الرئيس الأوكراني، لحمله على التحقيق بشأن نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي ترجح استطلاعات الرأي أن يهزمه في حال كان المرشح الجمهوري لانتخابات 2020، اختار ترامب التصعيد، فاقترح أن تحقق الصين أيضاً بشأن بايدن وابنه هانتر.
وحين سألت الناخبةُ السيناتورةَ عن هذا التصريح الذي كان له وقع الصدمة، التفّت إيرنست على السؤال، فلمَّحت إلى مزاعم الفساد التي يرددها الرئيس بحق بايدن وابنه من دون أن يدعمها بأي دليل، وقالت: "لا يهم أين يحصل الفساد، تجب محاربته أينما كان".
وتلك هي بصورة عامة، فحوى الهجوم المضاد الذي ردده الجمهوريون بشكل واسع في الأيام الماضية، مستخدمين أحياناً الحجج ذاتها في ردهم على الأسئلة.
غير أنهم يَبقون ضمن العموميات في تعليقاتهم، ويتهربون من الإجابة حين يتعلّق الأمر بالدفاع بشدة عن الرئيس.
وقالت الوكالة الفرنسية إنه حتى الحليف الوفي للرئيس الجمهوري السيناتور ليندسي غراهام، الذي غالباً ما يشن هجمات حادة النبرة دفاعاً عنه، قال الخميس لصحيفة Washington Post، إنه لا يساند طلب المساعدة الذي وجهه ترامب إلى الصين داعياً بكين للتحقيق بشأن بايدن.
وقال بإحراج: "الرئيس يدافع عن نفسه. يشعر بأن الجميع يحاول الإيقاع به طوال الوقت، في حين أنه لم يرتكب أي خطأ".
ترامب يوجه تحذيراً
وبموجب آلية العزل في الولايات المتحدة، يتحتم على مجلس النواب أولاً التصويت على توجيه "تهمة" إلى الرئيس، وبعد ذلك تجري "محاكمة" في مجلس الشيوخ استناداً إلى هذه "التهمة".
وأقر ترامب نفسه في تصريح علني يوم الجمعة الماضي، بأنه قد يواجه اتهاماً في ضوء الغالبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، وتابع موجهاً تهديداً يكاد يكون صريحاً إلى الجمهوريين في مجلس الشيوخ والذين قد يفكرون في التخلي عنه.
قال: "لديّ نسبة شعبية قدرها 95% في الحزب الجمهوري"، في وقت يستعد عديد من أعضاء مجلس الشيوخ لخوض انتخابات 2020؛ سعياً لولاية جديدة.
وما يزيد من وقع هذا التحذير أنَّ غضب الرئيس، الذي يتابعه 65 مليون شخص على تويتر، يبقى مطبوعاً في ذهن عديد من الجمهوريين الذين هُزموا في الانتخابات الأخيرة بعدما استهدفهم بانتقاداته اللاذعة، غير أن بعض الأصوات تجرؤ على تحديه.
حيث أعلن المرشح الجمهوري السابق للرئاسة ميت رومني، الذي انتُخب في مجلس الشيوخ بغالبية كبيرة عام 2018، أن "دعوة الرئيس المعيبة وغير المسبوقة للصين وأوكرانيا من أجل أن تحققا بشأن جو بايدن خاطئة ومروعة".
وردّ ترامب على رومني في تغريدة على تويتر، قال فيها: "لو عمل ميت (رومني) بهذه الحماسة أمام أوباما لفاز بالرئاسة. لكنه للأسف لم يفعل".
وفي تغريدة لاحقة، قال ترامب إنه سمع أن أناساً في يوتا نادمون على انتخاب رومني لمجلس الشيوخ العام الماضي، مضيفاً: "أتفق معهم، هو شخص أحمق لا يفعل سوى ما يريده الديمقراطيون، الذين لا يفعلون شيئاً"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
تنديد آخر بترامب
وانضم السيناتور الجمهوري بن ساس الذي ينتقد الرئيس بانتظام، إلى الأصوات المنددة، ولو أنه يجازف أكثر، لكونه مرشحاً لانتخابات 2020.
وكتب في مقالة نشرتها صحيفة "أومها وورلد هيرالد"، إن "الأمريكيين لا يبحثون عن الحقيقة لدى الشيوعيين الصينيين".
ويتحتم على الديمقراطيين من أجل عزل ترامب، إقناع ما لا يقل عن عشرين سيناتوراً جمهورياً بالتصويت معهم، على أن يصوت الديمقراطيون على الإقالة كتلة واحدة بالإجماع. وهذا احتمال يبدو مستبعداً للغاية.
واغتنم زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، هذه الفرصة لطرح نفسه في موقع الحصن الذي يحمي الرئيس، مراهناً على شعبيته لطلب هبات من أجل تمويل حملته الانتخابية الخاصة.
وقال في إعلان نُشر على فيسبوك، يوم الخميس الماضي: "تعرفون جميعاً دستوركم. الوسيلة لوقف العزل هي امتلاك غالبية جمهورية، وأنا على رأس الغالبية"، مستدركاً: "لكنني بحاجة إلى مساعدتكم. شكراً للتبرع قبل انقضاء المهلة".