كيف يبدو كوكب الأرض من الفضاء؟ حتى عام 1946 لم تكن الإجابة عن هذا السؤال ممكنة. في شهر أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، أي بعد عام على انتهاء الحرب العالمية الثانية، التُقطت صور فلكية عظيمة للأرض كما تبدو من الفضاء باللونين الأبيض والأسود.
التقطت الصورة باستخدام كاميرا مثبّتة مقاس 35 مم داخل صاروخ V-2 الأمريكي، وهي تُظهر الأرض من جنوب غربي الولايات المتحدة.
أُطلق الصاروخ إلى الفضاء من ميدان وايت ساندز للرماية واختبار الصواريخ في نيومكسيكو على بُعد 105 كيلومترات (65 ميلاً) في السماء، وكانت الكاميرا بداخله تلتقط صورة كل ثانية ونصف الثانية.
إن الحصول على مثل هذه الصورة كان سابقة علمية مهمة جعلتنا نرى الأرض لأول مرة من منظور آخر، وهي إحدى الصور المهمة التي سعى العلماء إلى الحصول عليها، وتمكنوا من خلالها من تشكيل فهْم أعمق للفضاء الشاسع من حولنا.
إليك أبرز هذه الصور العلمية التي فتحت الباب لفهمنا المعاصر والمتطور دائماً للكون:
أول صورة للشمس
في الثاني من أبريل/نيسان عام 1845، التقط عالما الفيزياء الفرنسيان هيبوليت فيزو وليون فوكو أول صورة للشمس.
استخدم العالمان تقنية "الداجيرو daguerreotype"، للحصول على أول صورة للشمس.
عولجت صفيحة معدنية بمواد كيميائية جعلتها حساسة للضوء، وتعرضت لمشهد الشمس، ثم تعرضت الصفيحة المعدنية لمجموعة من المواد الكيميائية المختلفة الأخرى حتى ظهرت الصورة.
وتظهر هذه الصورة القديمة، الحافة الحادة نسبياً للشمس، بالإضافة إلى عدد قليل من البقع الشمسية، وهي بقع صغيرة مظلمة على سطح الشمس، حيث تكون درجة الحرارة منخفضة بسبب تحركات مجالها المغناطيسي.
على الرغم من أن ملاحظات العين المجردة عن البقع الشمسية تعود إلى عام 28 قبل الميلاد، فإن هذه الصورة تصور بوضوح، البقع الشمسية لهذا اليوم، وتسمح بتسجيل دائم لدورات الشمس وتغيراتها.
أول صورة لكوكب خارج المجموعة الشمسية
الكواكب خارج نظامنا الشمسي تبدو صغيرة، بسبب بعدها عن كوكب الأرض ومظلمة، ومن الصعب رؤيتها حتى مع التلسكوبات القوية.
لذلك كنا بحاجة إلى تلسكوب قوي للحصول على صورة لكوكب خارج المجموعة الشمسية.
وفي عام 2004 حقق هذا الغرض تلسكوب (VLT) الذي يديره المرصد الأوروبي الجنوبي في سيرو بارانال بصحراء أتاكاما في شمال تشيلي، يتكون من أربعة تلسكوبات رئيسية يبلغ قطرها 8.2 متر (تُسمى أنتو وكوين وميليبال ويبون)، وأربعة تلسكوبات إضافية قُطرها 1.8 متر (5.9 قدم)، يمكن أن تعمل بشكل مستقل بعضها عن بعض أو في انسجام تام.
كان 2M1207b أول كوكب يتم تصويره خارج نطاق المجموعة الشمسية.
يبلغ نصف قُطر مدار هذا الكوكب ضعف بُعد كوكب نبتون عن الشمس، ويبعد عن الأرض مسافة 230 سنة ضوئية، ويبلغ حجمه 5 أضعاف حجم كوكب المشتري، كما تبلغ كتلته 13.6 ضعف كتلة كوكب المشتري.
تُظهر الصورة المركبة كوكباً خارج المجموعة الشمسية (البقعة الحمراء في أسفل اليسار)، ويقول فريق المرصد الأوروبي الجنوبي إن النقطة الحمراء هي أول صورة مباشرة تُلتقط لكوكب يدور حول نجم آخر.
أول صورة للثقب الأسود
في 10 أبريل/نيسان 2019، التقط العلماء صوراً مباشرة لثقب أسود عملاق في مجرة إم87، اشتركت في تصويره شبكة من ثمانية تلسكوبات موزعة بمناطق متفرقة من العالم وتعرف بـ "مشروع تلسكوبات إيفنت هورايزون".
يجمع العلماء بيانات كل تلسكوب على حدة، ويتعاملون مع الشبكة كأنها تلسكوب واحد ضخم بحجم الأرض.
وتبلغ مساحة الثقب 40 مليار كيلومتر، أي ضعف حجم الأرض بثلاثة ملايين مرة، ويبعد 500 كوادريليون كيلومتر عن الأرض (كوادريليون= مليون تريليون).
أول صورة لمذنب يضرب كوكباً
في مارس/آذار 1993 اكتشفت عالمة الفلك كارولين إس شوميكر وزوجها أويجين شوماكر مذنب "شوميكار ليفي 9".
التقط الصورة تلسكوب شميدت الموجود في مرصد مونت بالومار في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
بعد مراقبة هذا الجسم السماوي الغامض بضعة أشهر، أصبح من الواضح أن هذا المذنب يدور حول كوكب المشتري.
على الرغم من أنه كان على الأرجح في المدار هناك عقوداً من الزمن، فقد اصطدم بعد أكثر من عام بقليل مع الكوكب الذي يدور حوله.
وتوقع العلماء أن هذا المذنب سيصطدم بكوكب المشترى في يوليو/تموز 1994.
كان مدار المذنب قريباً جداً من كوكب المشتري، وقد تعرض مداره لاختلال كبير، بسبب جاذبية كوكب المشتري.
كان أمام علماء الفلك في العالم عام كامل للتحضير من أجل رصد هذا التصادم، وبالفعل رصدت هذا الحدث عديد من التلسكوبات الأرضية حول العالم.
شمل هذا الجهد تلسكوب الأشعة تحت الحمراء الذي طورته ناسا على قمة موناكيا في جزيرة هاواي الكبيرة.
كما تلقت ناسا في النهاية بيانات من اثنتين من مركباتها الفضائية، مركبة غاليليو الفضائية -التي كانت بالفعل في طريقها إلى كوكب المشتري بعد إطلاقها في عام 1989- وتلسكوب هابل الفضائي.
بين 16 يوليو/تموز و 22 يوليو/تموز 1994، دخلت أكثر من 20 شظية من المذنب شوميكر – ليفي 9 إلى الغلاف الجوي للمشترى.
ترك المذنب ندوباً على سطح كوكب المشتري أمكن رؤيتها من قِبل الناس باستخدام التلسكوبات العادية والصغيرة، والتي استمرت شهراً على الأقل قبل أن تمحوها عواصف الكوكب المتغيرة.
أول صورة لجسم بين نجمي يزور مجموعتنا الشمسية
في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2017، تم اكتشاف جسم سماوي بواسطة تلسكوب المسح البانورامي الموجود بجزر هاواي، والمعروف اختصاراً بـPan-STARRS1.
في الأصل، تم تصنيفه كمذنب، ولكن عندما لا توجد علامات على نشاط يشبه المذنبات (على سبيل المثال، لا يوجد دليل على وجود غبار أو ثلج أو ماء من أي نوع)، فقد أعيد تصنيفه ككويكب.
ومع ذلك، لم يكن ذلك منطقياً، أيضاً بسبب الحركة السريعة جدّاً لهذا الجسم والمقدرة بـ (315400 كم/ الساعة).
علاوة على ذلك، الضوء القادم من هذا الجسم يعطي وميضاً في لمعانه بزيادة عن المتوقع تُقدَّر بـ10 أضعاف كل 7.3 ساعة (هي مدة دورانه حول محوره)، ما يشير إلى أنه يدور حول نفسه بسرعة كبيرة.
هذا الجسم الذي أطلق عليه أومواموا قدم من خارج مجموعتنا الشمسية، من فضاء ما بين النجوم البعيد جدّاً، حيث جرى تكوينه في نظام نجمي آخر هناك.
يمتاز أومواموا بلونه الأحمر الغامق، وبشكل طولي غريب لا يشبه الشكل المعتاد للمذنبات أو الكويكبات.
أتى "أومواموا" من الفضاء البينجمي (أي من بين النجوم) في زيارة سريعة للنظام الشمسي مندفعاً بسرعة تتجاوز 315.000 كيلومتر في الساعة.
الجسم نفسه أحمر اللون، كما هو متوقع من تركيبة عضوية تعرضت للإشعاعات الفضائية على مر ملايين السنين، وهو يدور حول نفسه بشكل سريع وغير منتظم.