بعد مرور أكثر من عامين على ارتكاب نظام الرئيس السوري بشار الأسد جريمة إلقاء قنابل تحمل أسلحة بيولوجية محرمة دولياً ضد شعبه، أظهر تقرير مفصل الصور الأولى لتلك الفاجعة التي روعت العالم، وهي المرة الأولى التي يتم فيها نشر نتائج التحقيق كاملة.
موقع بيلينغ كات البريطاني، وهو موقع إلكتروني للصحافة الاستقصائية متخصص في التحقق من الحقائق، نشر التقرير المفصل بالأدلة والصور وذلك بعنوانين: "بالصور.. أدلة قدمتها الروس تثبت تنفيذ نظام الأسد لهجمات بأسلحة كيميائية" و "الصور الأولى للقنبلة المستخدمة في هجمات غاز السارين التي شنها النظام السوري".
ضربة خان شيخون
في صباح الرابع من أبريل/نيسان عام 2017، تعرَّضت بلدة خان شيخون في إدلب للقصف بقنبلةٍ كيميائية، مملوءة بعنصر الأعصاب القاتل (السارين)، أسقطتها طائرةٌ تابعة للنظام السوري. وقتلت القنبلة العشرات، وأصابت أعداداً أكبر من ذلك بكثير.
وفي أعقاب الهجوم، حقَّقت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الواقعة، وأكَّدت الاستخدام المشتبه به للسارين، وأعلنت فتح تحقيقٍ بموجب آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتأكيد أحداث ذلك اليوم.
ولم يتوافر الكثير من حطام القنبلة في موقع خان شيخون، باستثناء القليل من الشظايا المعدنية، لكن آلية التحقيق المشتركة تعرَّفت إلى إحدى تلك الشظايا بوصفها فتحة حشوٍ من قنبلةٍ سورية كيميائية.
ورغم أنَّ هجوم الرابع من أبريل/نيسان عام 2017 على خان شيخون تمتَّع بتغطيةٍ إعلامية عالمية -وأسفر عن إدانةٍ دولية للنظام السوري والعمل العسكري الأمريكي ضد الأهداف في سوريا- فإن هذه ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها السارين داخل سوريا.
لم تكن الضربة الأولى
وفي الواقع، لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تستخدم فيها سوريا السارين في ذلك الأسبوع تحديداً، إذ أكَّدت تقارير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حقيقة استخدام السارين في واقعتين أخريين ببلدة اللطامنة، التي تبعد 20 كيلومتراً جنوب خان شيخون، يومي الـ24 والـ30 من مارس/آذار عام 2017.
وبعيداً عن إثبات استخدام السارين في الأيام التي سبقت هجوم الرابع من أبريل/نيسان على خان شيخون، كان من الممكن أيضاً إثبات الروابط بين هجمات مارس/آذار وهجوم خان شيخون. إذ أدرجت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقريرها، حول واقعة الـ24 من مارس/آذار، جدولاً أشارت فيه إلى "أوجه التشابه بين تحليلات العينات الحالية، وبين عينات الادعاءات السابقة".
لكن الأمر المُثير للاهتمام هو وجود مادة الهكسامين في المواقع الثلاثة، وهي -كما أوضح موقع Bellingcat سابقاً- مُكوِّنٌ رئيسي في عملية إنتاج السارين داخل سوريا. وشُرِحت أهمية وجودها في تقرير آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول خان شيخون، والذي نُشِرَ في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017:
"بحسب المعلومات التي حصلت عليها آلية التحقيق المشتركة، فإنَّ فتحة التعبئة المُزوَّد بخطافي إغلاق يتوافق بشكلٍ فريد مع القنابل الجوية الكيميائية السورية. وحصلت الآلية على تقييمٍ لفتحة التعبئة، وتحليلٍ كيميائي يُظهر السارين ومادةً تتفاعل مع السارين مُختلطةً بالهكسامين الذي يتشكَّل تحت درجات حرارةٍ عالية فقط. ووصلت معلوماتٌ أخرى أيضاً عن أنَّ الشظايا المعدنية الأخرى التي جُمِعَت من الحفرة ربما تكون متوافقةً مع الذخائر الجوية الكيميائية السورية".
وكانت فتحة التعبئة الموصوفة أعلاه أمراً مُهماً إلى حد كبير؛ إذ كانت "متوافقة بطريقةٍ فريدة مع القنابل الجوية الكيميائية السورية"، علاوةً على أنَّ فتحة التعبئة التي عُثِرَ عليها في خان شيخون، كانت مُطابقة -في التصميم والأبعاد- للفتحة التي انتُشِلَت من موقع الهجوم على اللطامنة في الـ30 من مارس/آذار عام 2017. والآن، صار لدينا رابطان بين تلك الهجمات -نفس عنصر السارين المُرتبط بعملية إنتاج السارين السوري، ونفس فتحة التعبئة "المُطابقة بشدة للقنابل الجوية الكيميائية السورية".
وفي حين أنَّه قد يكون هناك تشابهٌ عابر بين فتحة التعبئة وغيرها من الفتحات المُشابهة التي تُستخدم في الذخائر الأخرى، لكن الفحص القريب لهذه الفتحات أظهر أنَّها تتشابه مع بعضها البعض فقط، وتختلف عن الأنواع الأخرى من فتحات التعبئة المُستخدمة في الذخائر الأخرى والمُوثَّقة علناً.
وهذا الرابط بين الهجمات جديرٌ بالملاحظة تحديداً؛ لأنَّه في ظل وجود القليل من الحُطام المُتبقي في حفرة خان شيخون، إلَّا أنَّ حفرة اللطامنة كانت تحوي حطاماً أكثر داخلها وحولها، وشمل ذلك الحطام ذيل الذخيرة وغطاءَي حشو، كان أحدهما مُرتبطاً بقطعةٍ من المعدن مع مقبض تعليق ملحومٍ به – ناهيك عن ذكر الأجزاء الأخرى.
مساعدة روسية في كشف الحقيقة
وتأكيد نوع القنبلة المُستخدمة في اللطامنة يوم 30 مارس/آذار تحديداً جاء بمساعدة مُمثِّلين عن الاتحاد الروسي، الذين قرروا نشر رسمٍ تخطيطي لنوعين من القنابل الكيميائية السورية، القنبلة M4000 والقنبلة MYM6000، خلال محاولاتهم الدفاع عن النظام السوري ضد الادعاءات بتورُّطه في هجوم خان شيخون.
الرسم التخطيطي لنوعين من القنابل الكيميائية السورية: القنبلة MYM6000 والقنبلة M4000. ولاحظ أنَّ أول صورتين من الأعلى تُظهِران القنبلة MYM6000 قبل وبعد عملية خلط السارين، في حين تُظهِر الصورة في الأسفل القنبلة M4000 بعد عملية خلط السارين.
وبمقارنة الرسم التخطيطي للقنبلة M4000 مع الحطام الذي جرى استخراجه من موقع الهجوم في اللطامنة، صار من المُمكن إظهار عددٍ من أوجه التطابق بين الرسم التخطيطي والحطام، وتأكِّيد أنَّ عرض القنبلة كان مُماثلاً، مما يُشير بقوةٍ إلى أنَّ القنبلة التي استُخدِمَت في اللطامنة كانت هي القنبلة الكيميائية السورية M4000. والتطابق بين أنواع فتحات التعبئة المُوثَّقة في اللطامنة وفتحة التعبئة التي عُثِرَ عليها في خان شيخون، يدعم مزاعم آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنَّ الفتحة "مُطابقة بشدة للقنابل الجوية الكيميائية السورية".
علاوةً على أنَّنا طلبنا من مجموعة Forensic Architecture البحثية إعداد نماذجٍ دقيقة للحطام، ونموذجاً مبنياً على الرسم التخطيطي للقنبلة. وصار من الممكن تصميم النماذج باستخدام الأبعاد الصحيحة عن طريق استخدام القياسات التي أخذتها بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قبل أن تنشرها لاحقاً. ثم وُضعت قطع الحطام لمطابقتها بالنموذج الثلاثي الأبعاد للقنبلة (والمبني على القياسات والتفاصيل الواردة في الرسم التخطيطي الروسي المنشور)، مما أظهر أنَّ القطع متطابقةٌ بشدة مع ما يبدو ظاهراً في الرسم التخطيطي:
ولكن إبان التحقيق الأصلي، لم تكُن هناك صورٌ مُتوافرة علناً للقنبلة الكيميائية M4000. وللتأكِّيد تماماً على نوعية القنبلة المستخدمة، وأنَّ الفتحة كانت "مُطابقة بشدة للقنابل الجوية الكيميائية السورية"؛ كان من الضروري الحصول على صورٍ واضحة لقنبلة كيميائية من طراز M4000.
وبعد عامين، اكتشفنا الآن صور القنبلة الكيميائية M4000، مما سمح لنا بإجراء هذه المقارنة النهائية. وفي أبريل/نيسان عام 2013، نُشِرَ مقطع الفيديو التالي:
التعرُّف إلى الذخيرة
حين يتعلَّق الأمر بالتعرُّف إلى القنابل، ننظر إلى الخصائص المُميِّزة لكل قنبلة، مثل: موقع أجنحة الذيل، وما إذا كانت هناك حلقات ذيلٍ أم لا، وكم عددها إذا كانت القنبلة تحتوي عليها، وغيرها من الخصائص.
وتُظهر الصور أدناه مجموعةً من القنابل الروسية. لاحظ تنوُّع تكوينات قسم الذيل المُختلفة، ثم انظر إلى التفاصيل الفريدة الأخرى مثل خطافات التعليق وعددها وموقعها:
تسمح هذه الخصائص المميزة باعتبارها مرجعاً تطابق به مواد القنابل، ويتم تأكِّيد هويتها، علاوةً على استبعاد أنواع بعينها بناءً على كونها خصائص غير مُطابقة.
ويصف الفيديو القنبلة بأنها ذخيرةٌ غير مُنفجرة، لكنه لا يُوفِّر الكثير من المعلومات حول ماهية الذخيرة الحقيقية. لكن، بالمقارنة الدقيقة مع الرسم التخطيطي للقنبلة الكيميائية M4000، نجد أنَّه من الممكن تأكيد أنَّ للقنبلة التي تم العثور عليها خصائص مُميزة عديدة تتطابق مع القنبلة الكيميائية M4000.
ويتمثَّل وجه التطابق الأول مع الرسم التخطيطي في غطاءَي التعبئة، وموقع خطافات التعليق حولهما:
وبحسب الوصف المذكور أعلاه، يُظهِر الرسم التخطيطي للقنبلة MYM6000 جداراً يفصل حُجرات الخزان التي تُملأ من فتحات فتحات التعبئة، وذراع الكرنك في مؤخرة القنبلة. ويظهر نفس ذراع الكرنك في الرسم التخطيطي للقنبلة M4000. ويُمكن رؤية ذراع الكرنك، والحجرة الصغيرة التي يستقر بداخلها، في الأسفل باللونين الأزرق والأصفر على الترتيب:
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ فتحات التعبئة، وخطافات التعليق، وذراع الخلاط تحمل جميعها أسماءً بالعربية في الرسم التخطيطي، مما يُؤكِّد وظيفتها.
وتُعَدُّ فتحتا التعبئة، إلى جانب ذراع الخلاط، من الخصائص غير الاعتيادية بالنسبة لقنبلة، وتتوافق مع وصف عملية تعبئة القنابل الكيميائية السورية المنشورة في موقع Mediapart. كما يتوافق شكل مُقدمة القنبلة وشكل أجنحة الذيل مع الشكل الذي يظهر في الرسم التخطيطي.
علاوةً على ذلك، من المُمكن تحديد الحجم التقريبي للقنبلة في الفيديو الذي نُشِرَ خلال شهر أبريل/نيسان عام 2013، بهذه الطريقة: تصميم نموذج ثلاثي الأبعاد للقنبلة في الفيديو، ويصير بذلك من المُمكن استخدام المقاييس المذكورة سابقاً لفتحات التعبئة من أجل حساب عرض القنبلة.
يُظهر ذلك أنَّ أبعاد القنبلة متوافقةٌ مع القياسات الواردة في الرسم التخطيطي للقنبلة الكيميائية M4000، والتي نشرها مُمثِّلو الاتحاد الروسي.
مقارنة الذخيرة بالحطام
وُثِّقَت مجموعتان من الحطام المُنتشل من هجمات السارين في اللطامنة يوم 30 مارس/آذار 2017، وفي خان شيخون يوم الرابع من أبريل/نيسان 2017. وكما أوردنا سابقاً، كان حجم الحطام المُوثَّق في خان شيخون أصغر، لكنه شَمِلَ فتحة التعبئة التي ربطتها آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالقنابل الكيمائية السورية، والتي تتطابق أيضاً مع فتحتَي التعبئة المُنتشلتين من موقع اللطامنة.
وبمقارنة الحطام مع الرسم التخطيطي الذي نشرته روسيا للقنبلة M4000، صار من الممكن إظهار أوجه التطابق بين نوعية الحطام المُنتشل وخصائص القنبلة M4000 الواردة في الرسم التخطيطي.
واستناداً إلى هذه الشظايا، يصير من الممكن تأكيد أن الحطام يُطابق خصائص القنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان 2013، مما يُؤكِّد أنَّ الحطام المُنتشل من اللطامنة له عدة أوجه تطابقٍ قوية مع القنبلة الكيميائية M4000.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ موقع فتحة التعبئة والحافة المحيطة بها هي من الخصائص المتطابقة بين الفتحات المنتشلة من هجومي السارين عام 2017 وفيديو أبريل/نيسان عام 2013:
وكما نرى في أمثلةٍ أخرى على فتحات التعبئة للقنابلة الظاهرة أدناه، فإنَّ موقع الفتحة بالنسبة لغطاء الذخيرة يُمكن أن يختلف، مما يُؤكِّد أهمية التطابق الكامل بين فتحات التعبئة المفحوصة أعلاه:
وعلى القنبلة الكاملة من فيديو أبريل/نيسان 2013، نستطيع رؤية أنَّ هناك خطافات تعليق إلى جوار فتحات التعبئة. وإحدى فتحات التعبئة، المنتشلة من موقع هجوم اللطامنة في الـ30 من مارس/آذار عام 2017، كانت مربوطةً بقطعةٍ معدنية إلى خطاف تعليق يُطابق النوع الظاهر في فيديو أبريل/نيسان 2013، وصولاً إلى شكل اللحام الذي يربطها بغلاف القنبلة:
ويتطابق قسم الذيل بشدة مع الذيل المنتشل في اللطامنة. وفي الصورة أدناه، نستطيع رؤية تكوين قسم الذيل في القنبلة:
وترتبط أجنحة الذيل بقسم الذيل في القنبلة، مع حلقة ذيلٍ خارجية في نهايته. ولا تمتد أجنحة الذيل أبعد من عرض القنبلة، أو حلقة الذيل الخارجية. ومع اختفاء الذيل قرب المؤخرة، يظهر قسمٌ من المعدن، ومن داخله تمتد عصا معدنية في اتجاه مؤخرة القنبلة:
تُظهر لنا زاويةٌ أخرى حلقة الذيل أنَّ أجنحة الذيل الأربعة مرتبطةٌ بحلقة ذيلٍ داخلية أصغر، وتوجد قطعةٌ معدنية إضافية بين كلٍّ من أجنحة الذيل التي تربط الحلقتين الداخلية والخارجية، مما يجعلها ثمانيةً في المجمل.
وانتُشِلت القطعة الظاهرة أعلاه من موقع هجوم اللطامنة، ووُصِفَت في تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية على النحو التالي:
"01SDS(B) هي عبارةٌ عن قطعةٍ معدنية كبيرة متآكلة ومُشوَّهة. ورغم التآكل، لا يزال من الممكن رؤية طبقات اللون الأخضر الداكن والرمادي. ومن الممكن أيضاً أن ترى حلقةً داخلية أصغر في المنتصف، مربوطةً بسبعة أجزاء معدنية إلى حلقةٍ خارجية أكبر. وأربعةٌ من الأجزاء التي تربط الحلقات هي أجزاء مستطيلة. والأجزاء الثلاثة الأخرى أكبر حجماً ومُثلثة الشكل. وتُشير المساحة بين الأجزاء الثلاثة، بالإضافة إلى العلامات على الحلقات، إلى جزءٍ مثلث أكبر مفقود. وهذا يتوافق مع مجموعة أجنحة ذيل القنبلة الهوائي. وأخذت بعثة تقصي الحقائق العديد من المقاييس لهذه القطعة. وبالنظر إلى مستوى التشوُّه، فهذه القياسات هي مُجرَّد أبعادٍ تقريبية فقط. وهذه الأبعاد التقريبية لم تُضمَّن تقريباً".
وهذا الوصف يتوافق مع شكل القنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان 2013. علاوةً على أنَّ بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية نشرت الصورة التالية التي تُظهِر قطعةً كبيرة من المعدن مع قطعةٍ مُثلثة مرتبطة بها:
واستطعنا، بالتعاون مع Forensic Architecture، أن نُعيد ترميم أشكال قطعتَي الحطام، مما أظهر أنَّهما تُمثِّلان قسم الذيل من القنبلة، بما يتوافق مع الخصائص الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان عام 2013:
لدرجة أنَّ التفاصيل الصغيرة متوافقة بين أجنحة الذيل في فيديو أبريل/نيسان عام 2013، وبين الحُطام المُنتشل من اللطامنة. وفي الصورة أدناه، نستطيع رؤية أنَّ الطرف الرفيع لجناح الذيل لا ينتهي عند نقطةٍ مُحددة، ملتحمة مع جسم القنبلة، بل ينتهي بزاويةٍ تميل إلى اليمين. وهذه من الخصائص مُتناهية الصغر، لكنها تُظهِرُ اتساقاً مع الحطام المُنتشل من اللطامنة، ومع قنبلة M4000 الكاملة التي ظهرت مُوثَّقةً في فيديو أبريل/نيسان عام 2013:
وتصعب رؤية الصمامة الكهربائية في مقدمة القنبلة بفيديو أبريل/نيسان عام 2013، ولكن لا يزال من الممكن ملاحظة أوجه التشابه بين الصمامة الكهربائية المنتشلة في اللطامنة وبين الصمامة الكهربائية الخاصة بالقنبلة M4000 والمنشورة في أبريل/نيسان عام 2013:
وبناءً على أوجه التطابق أعلاه، فمن الواضح أن الحُطام المُنتشَل من اللطامنة يتطابق مع القنبلة الكيميائية السورية M4000، ولذا فإنَّ فتحة التعبئة المُنتشلة من حفرة خان شيخون تتطابق أيضاً مع القنبلة الكيميائية السورية M4000.
الخصائص الأخرى المُثيرة للاهتمام
صارت إحدى قطع الحطام من هجوم خان شيخون موضوعاً لقدرٍ كبير من الجدل. فإلى جانب فتحة التعبئة المُنتشلة من حفرة خان شيخون، فإنَّ قطعةً كبيرة من المعدن المطوي ظهرت في الفيديو أيضاً داخل الحفرة:
وزعم بعض المُعلِّقين أنَّه سيكون من المُستحيل بالنسبة لقطعةٍ معدنية من قنبلة أن تُكوِّن هذا الشكل المطوي، مما يُشير إلى أنَّها عبارةٌ عن جسمٍ آخر لا علاقة له بالقنبلة، وكأنَّها أنبوبٌ بعرض 122 ملليمتراً. لكن نستطيع في فيديو أبريل/نيسان عام 2013 رؤية أنَّ قسم غلاف القنبلة بالقرب من المقدمة قد انهار، وكأنَّ ذلك حصل نتيجة تأثير طاقةٍ كبيرة:
وتُشير إحدى خصائص قطعة المعدن المطوية الأخرى في خان شيخون إلى أنَّها ربما تشكَّلت بطريقةٍ مُشابهة. إذ يمتد شريطٌ معدني سميك بطول القطعة المعدنية، مُتوازياً مع الطية. وفي الرسم التخطيطي للقنبلة M4000، نستطيع رؤية أنَّ الدعامات المعدنية تُحيط بغلاف القنبلة، وانتُشلت إحداها من موقع اللطامنة.
بالنظر إلى موقع الشريط المعدني فوق قطعة الحطام المُنتشلة من خان شيخون، وما نعمله حول هيكل القنبلة الكيميائية M4000؛ فإنَّ المعدن المطوي في خان شيخون يتوافق مع الضرر الذي حلَّ بالقنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان عام 2013، والذي من شبه المؤكد أنَّه نجم عن اصطدامٍ عالي السرعة في الجزء الأمامي من القنبلة.
الخلاصة
بناءً على الرسم التخطيطي للقنبلة الكيميائية M4000، الذي نشره ممثلو الاتحاد الروسي، إلى جانب أوجه الشبه العديدة مع القنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان عام 2013؛ فمن الواضح أنَّ القنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان عام 2013 هي القنبلة الكيميائية M4000.
ويتطابق الحطام المُنتشل من هجوم اللطامنة، في الـ30 من مارس/آذار عام 2017، بالكامل مع خصائص القنبلة الظاهرة في فيديو أبريل/نيسان عام 2013، ومع الرسم التخطيطي الذي نشره الاتحاد الروسي للقنبلة الكيميائية M4000. لذا فمن المؤكِّد أنَّ القنبلة الكيميائية M4000 هي المستخدمة خلال هجوم اللطامنة الذي وقع في الـ30 من مارس/آذار عام 2017.
وتتوافق فتحة التعبئة المُوثَّقة في حفرة خان شيخون مع القنبلة الكيميائية M4000، ويتوافق الضرر الذي حلّ بالقطعة المعدنية الكبيرة مع الأمثلة الأخرى غير المُنفجرة للقنبلة الكيميائية M4000، كما يظهر أعلاه. لذا فمن الممكن القول إنَّه من المحتمل أن تكون القنبلة المُستخدمة في خان شيخون هي القنبلة الكيميائية M4000، رغم احتمالية أن تكون بقايا نوعٍ آخر من القنابل الكيميائية السورية.