حذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال مقابلة تلفزيونية بُثت الأحد 29 سبتمبر/أيلول 2019، من أن أسعار النفط يمكن أن ترتفع إلى "أسعار خيالية" إذا لم يتضافر العالم لردع إيران، لكنه قال إنه يفضل الحل السياسي على الحل العسكري.
ونفى الأمير محمد، خلال مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" المُذاع على قناة سي.بي.إس، أنه أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي بأيدي عملاء سعوديين قبل نحو عام، لكنه قال إنه يتحمل في نهاية المطاف "المسؤولية كاملة" كقائد للبلاد.
محمد بن سلمان يطالب بردع إيران "سياسياً"
ورغم أن مقتل خاشقجي فجر غضباً دولياً ولوّث سمعة ولي العهد، فإن المواجهة بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيران، عدو الرياض اللدود، هيمنت في الآونة الأخيرة على السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالمملكة، ولا سيما بعد هجوم 14 سبتمبر/أيلول على منشأتي نفط سعوديتين.
وقال الأمير محمد: "إذا لم يتخذ العالم موقفاً قوياً لردع إيران، فسنرى المزيد من التصعيد".
وقال ولي العهد، في مقابلة أُجريت معه يوم الثلاثاء، إنه يتفق مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على أن هجمات 14 سبتمبر/أيلول كانت عمل حرب تقوم به إيران.
لكنه قال إن السعودية "تأمل في ألا يكون الرد العسكري ضرورياً والحل السياسي أفضل بكثير"؛ لأن اندلاع حرب بين المملكة وإيران سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي. وألقت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية والسعودية باللوم في الهجمات على إيران. ونفت إيران أي تورط في هذه الهجمات التي أعلنت حركة الحوثي اليمنية المسؤولية عنها.
وأضاف: "الحل السياسي السلمي أفضل بكثير من الحل العسكري".
وقال إن على ترامب أن يجتمع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني لصياغة اتفاق جديد فيما يتعلق بالبرنامج النووي لطهران والنفوذ في أنحاء الشرق الأوسط.
وفشلت الجهود للجمع بين الرجلين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وتفاقم التوتر بين واشنطن وطهران بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ومعاودة فرض العقوبات على إيران.
لكن ماذا عن جريمة قتل خاشقجي؟
قبل أيام من الذكرى السنوية لمقتل الصحفي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018 في القنصلية السعودية في تركيا، قال ولي العهد السعودي، رداً على سؤال بشأن إن كان أمر بقتل خاشقجي: "بلا شك لا". لكن قال إنه يتحمل المسؤولية كاملة "خاصة لأن من ارتكبوها كانوا يعملون لصالح الحكومة السعودية".
وأضاف: "كان هذا خطأ، ويجب عليّ اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتجنب مثل هذا الأمر في المستقبل".
وقالت المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الحكومات الغربية إنها تعتقد أن الأمير محمد أمر بالجريمة، لكن مسؤولين سعوديين نفوا مراراً أي دور له.
وبعد نفي الأمر في البداية، ألقت السعودية باللوم على عملاء مارقين. وقال النائب العام إن نائب مدير المخابرات آنذاك أمر بترحيل خاشقجي، الذي كان مقرباً من الأسرة الحاكمة قبل أن يصبح من أبرز منتقديها. لكن كبير المفاوضين معه أمر بقتله بعد أن فشلت المحادثات معه بشأن عودته.
وعندما سئل كيف يمكن أن تكون الجريمة ارتكبت من دون علمه، أجاب الأمير محمد: "البعض يتوقع أنني يجب أن أعرف ما يفعله ثلاثة ملايين موظف في الحكومة السعودية يومياً! من المستحيل أن يرسل الثلاثة ملايين تقاريرهم اليومية إلى القائد أو ثاني أعلى مسؤول في الحكومة السعودية".
في انتظار "محاكمة" المتورطين في العملية
وأصر على أن "التحقيقات كلها جارية، وبمجرد إثبات تهم على أي شخص على أي مستوى فسيحاكم بدون استثناء".
وقدمت السلطات السعودية 11 متهماً للمحاكمة في إجراءات تكتنفها السرية، لكن لم تعقد المحكمة سوى عدد قليل من الجلسات. ودعا تقرير من الأمم المتحدة إلى التحقيق مع الأمير محمد ومسؤولين كبار آخرين في السعودية.
وشوهد خاشقجي، كاتب المقالات بصحيفة واشنطن بوست، لآخر مرة وهو يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول لاستلام أوراق قبل زواجه.
وترددت أنباء عن تقطيع جثته وإخراجها من المبنى، ولم يعثر على أي أثر لها حتى الآن.
وعندما سئل عن الانتقادات التي وجهت للسعوديين بسبب قتل خاشقجي والحملة العسكرية التي تقودها الرياض في اليمن، والتي أوقعت الكثير من القتلى المدنيين، أجاب ولي العهد: "العلاقة أكبر بكثير".
وقاوم ترامب مساعي الكونغرس لحظر بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية.
وكرر ولي العهد دعوة السعودية لإيران لأن توقف الدعم لقوات الحوثيين في اليمن، وقال إنه منفتح على كل المبادرات للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب هناك.