قالت صحيفة "الأنباء" الكويتية، الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول 2019، نقلاً عن وثيقة، إن القطاع النفطي في الكويت رفع الاستعداد الأمني إلى "الدرجة القصوى" بعد "تغييرات ملحوظة في مستوى التهديد القومي والوضع الأمني الحالي".
وحسب وكالة "رويترز"، فقد نسبت الصحيفة إلى الوثيقة قولها إنه "سيتم رفع حالة التنبيه الأمني لشركة نفط الكويت إلى مستوى استثنائي (أحمر)، وسيتم تنفيذ جميع التدابير الأمنية الوقائية المرتبطة بها فوراً".
ومن ناحية أخرى، قالت القوات المسلحة الكويتية في بيان منفصل، إنها وضعت قواتها في حالة تأهب، وأجرت تدريبات جوية وبَحرية بوقت سابق من اليوم، في إطار إجراءات لرفع "الاستعداد القتالي"، وسط تزايد التوتر في أعقاب هجمات على منشآت نفطية بالسعودية.
طائرة من دون طيار "تثير قلق" البرلمان الكويتي
وقبل ذلك قال موقع Middle East Eye البريطاني، إن أعضاء في البرلمان الكويتي حثَّوا حكومة البلاد، الإثنين 16سبتمبر/أيلول 2019، على تكثيف الاستعدادات الأمنية والعسكرية في أعقاب هجومٍ شُنّ على المنشآت النفطية بالمملكة العربية السعودية المجاورة، وظهور تقارير تفيد بأنَّ طائرة من دون طيار متورطة في الهجمات، يُحتمل أن تكون اخترقت المجال الجوي الكويتي.
وأفادت التقارير بمشاهدة طائرة من دون طيار، يبلغ طولها ثلاثة أمتار، وهي تحلّق فوق العاصمة الكويتية، في وقتٍ مبكر من يوم السبت الماضي 14 سبتمبر/أيلول، قبل فترة وجيزة من إضرام النيران في المنشأتين الرئيسيتين لشركة أرامكو السعودية، وهما محطتا بقيق وخريص النفطيّتان في شرق السعودية، فيما وُصفت بأنَّها هجمات طائرات من دون طيار، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وأعلنت المعارضة الحوثية اليمنية في البداية مسؤوليتها عن الهجوم، لكن مصدراً استخباراتياً عراقياً أخبر صحيفة Middle East Eye بأنَّ الهجوم نفذته طائرات إيرانية من دون طيار انطلقت من جنوب العراق.
وعلى الجانب الآخر، نفى رئيس الوزراء العراقي، يوم الإثنين الماضي 16 سبتمبر/أيلول، فكرة أن تكون بلاده استُغِلّت لشن الهجوم. في حين نقلت صحيفة Wall Street Journal عن مسؤولين أمريكيين تصريحات تفيد بزعمهم أنَّ الهجوم شُنَّ من إيران.
طائرة من دون طيار شوهدت فوق القصر
من جانبها، أعلنت الحكومة الكويتية، الأحد الماضي 15 سبتمبر/أيلول، أنها تحقق في بلاغات تفيد بمشاهدة طائرة من دون طيار، قالت صحيفة "الراي" المحلية إنَّها شوهدت وهي تحلّق فوق قصر دار سلوى الرئاسي.
وقالت الصحيفة إنَّ الطائرة انخفضت إلى مستوى متدنٍّ على ارتفاع 250 متراً فوق القصر، وحامت بالقرب من شاطئ البدع الشرقي، قبل أن تتجه نحو مدينة الكويت العاصمة.
وعلى جانبٍ آخر، يقول مواطن كويتي بمقطع فيديو سُجِّل لحادثٍ وقع في وقتٍ مبكر من صباح يوم السبت 14 سبتمبر/أيلول، ونُشِر على موقع تويتر، إنَّه رأى ثلاثة أجسام تحلّق فوق الساحل الشرقي للكويت بعد طيرانها من الشمال.
وسُمِع الرجل يقول، في حين تهدر محركات الطائرات في خلفية كلامه: "تتجه هذه الطائرة نحو السعودية. إنها قادمةٌ من الشمال. ها هي هناك. ها هي تقترب".
وتقترب الكاميرا بعد ذلك من الجسم الطائر، رغم أنَّه من المستحيل تبيان أي تفاصيل في الظلام. لكن الرجل يصف الأجسام الطائرة بأنها "تشبه صاروخين، وليس طائرات"، مضيفاً وجود "ثلاث طائرات صغيرة، كلها من دون طيار، قبل هذين الجسمين. إذ كانت الطائرات صغيرة الحجم للغاية، وبالكاد تُرى".
ومن جانبه قال محمد الدلال، عضو البرلمان الكويتي، في بيانٍ له، إنَّ مرور الطائرات من دون طيار عبر المجال الجوي الكويتي يُعد "انتهاكاً كبيراً"، وإن الأضرار التي لحقت بصناعة النفط السعودية "ليست ببعيدة الحدوث عن الكويت".
كما دعا الحكومة إلى تكثيف الإجراءات الأمنية لتأمين أراضي البلاد.
الموقف الرسمي ليس على المستوى
وفي الوقت ذاته، نقلت صحيفة الجريدة عن النائب رياض العدساني، عضو مجلس الأمة الكويتي، قوله إنَّ بيان الحكومة رداً على التقارير يشير إلى عدم استعدادها لمواجهة مثل هذه المخاطر.
إذ قال: كان ينبغي للحكومة "أن تتعامل مع هذه القضية فوراً، كما كان ينبغي للسلطات المعنية أن تكون في حالة تأهب لأي وضع أمني عاجل".
وسعت الكويت الغنية بالنفط من جانبها، أغلب الوقت، إلى تجنُّب التورُّط في المنافسات الجغرافية السياسية بمنطقة الخليج، ولطالما توسط حاكم البلاد، الشيخ صباح الأحمد الصباح، في النزاعات الإقليمية.
وعلى الرغم من أنَّه يقطُن في قصر دار سلوى بطبيعة الحال، فإنَّه موجود في الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية سبتمبر/أيلول الجاري، وكان من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس 12 سبتمبر/أيلول الماضي.
لكن موعد الاجتماع تغيّر؛ بعد أن أُدخل الأمير مستشفى في واشنطن فترة وجيزة، لإجراء فحوص طبية.
ووفقاً لموقع كويتنا الإخباري، أكد النائب جمعان الحربش الموقع الذي حامت فوقه الطائرة من دون طيار، والذي "يُعد الأكثر أهمية" بالنسبة للبلاد، واصفاً الحادث بأنَّه "رسالة بالغة الخطورة إلى الكويت".
ودعا الحكومة إلى إصدار بيانٍ مفصل "يكشف الحقيقة للشعب"، فضلاً عن مراجعة "كفاءة أنظمة الدفاع والأمن التي تُنفَق عليها المليارات، ومن ثم تخترقها الطائرات من دون طيار".
تصاعد الضغوط في الكويت
على الجانب الآخر، صرّح مسؤولون كويتيون بأنَّ البلاد تحرَّكت لتعزيز الأمن على المنشآت الحيوية والتحقيق في الحادث.
لكن بعض الكويتيين توجَّهوا إلى منصات الشبكات الاجتماعية، للتعبير عن خيبة أملهم من استعدادات الحكومة، وردود الفعل المتأخرة، إذ اتهم خالد الدوسري، أحد مستخدمي موقع تويتر، الحكومة بخوض الحروب الخاطئة بتركيزها على حسابات الشبكات الاجتماعية المزيفة، في حين تلوح المخاطر الأكبر قريباً من الوطن.
وغرّد الكويتي حسين الحربي، مردداً رأياً مماثلاً: "ظل القصف الصاروخي العراقي على منشآت النفط السعودية بعيداً عن الأضواء، وقوبلت الطائرة من دون طيار التي يقال إنَّها حلّقت في سماء الكويت بصمت تام، لا حس ولا خبر. ماذا يدور وراء الستار؟".
يُذكر أن الكويت، العضوة في منظمة الدول المُصدّرة للنفط (أوبك)، تخلّفت عن دول الخليج الأخرى في شراء الأسلحة وأجهزة الدفاع، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وفي أواخر عام 2018، وقّعت الكويت ميثاق تعاون دفاعي مع تركيا، المنافس الإقليمي لهيمنة السعودية بالمنطقة. وانحازت تركيا إلى جانب قطر في الحصار المستمر الذي تفرضها كلٌّ من الرياض، وأبوظبي، والمنامة، والقاهرة على قطر.
وأثار التحالف مع إسطنبول تكهنات بوجود هوة آخذة في الاتساع بين الكويت والسعودية بشأن حقول النفط المشتركة.