كانت ليلى رحيمي تشعر بخوفٍ شديد خلال أيامها الأولى بعد الانتقال إلى نيوزيلندا، إلى درجة أنها لم تغادر منزلها إلا بصعوبةٍ بالغة، وقضت أياماً في محاولة استجماع شجاعتها للذهاب إلى المتجر لشراء احتياجاتها من الإمدادات الأساسية.
تقول ليلى، البالغة من العمر 36 عاماً -وهي لاعبة كرة قدم ومدربة من إيران وصلت إلى نيوزيلندا كلاجئة، في مارس/آذار 2018، لصحيفة The Guardian البريطانية: "لقد كنت مكتئبة للغاية، وبلا عزيمة، ولا أشعر بالسعادة" .
بعد بضعة أشهر من استقرارها في نيوزيلندا، دُعِيَت ليلى للانضمام إلى نادٍ محلي للدراجات، ومنحتها ReBicycle (مؤسسة خيرية محلية) دراجةً هوائية مستعملة. وفي غضون أسابيع، بدأ الاكتئاب في التراجع بينما كانت تطوف حول التلال الخضراء المنحدرة وممرات الميناء بمدينة ويلينغتون، وهي تسافر في بعض الأحيان مسافة 45 كم في عطلة نهاية الأسبوع.
تستطرد ليلى: "لقد غيَّرت تلك الدراجة حياتي تماماً، لقد منحتني أملاً، أنا أحب تلك الدراجة، أنا أقودها عبر كل مكان، وأشعر بالحرية الآن" .
"لقد منحتني أملاً"
تقبل نيوزيلندا ألف لاجئ سنوياً، بموجب نظام الحصص الخاص بها، ويكافح كثيرٌ منهم للوصول إلى خيارات التنقل ميسورة التكلفة والفعالة. وقد يستغرق الحصول على رخصة قيادة وسيارة سنوات في بعض الأحيان.
يقول هيليك تاونسند، المؤسس المشارك لـReBicycle EkeRua، إن العديد من اللاجئين السابقين (أي الذين استقروا بالفعل في بلدهم الجديد)، لم يتعلموا ركوب الدراجة في بلدهم الأم قط، والنساء محرومات من هذا بشكل خاص، لأن ركوب الدراجات يمكن أن يُستهجَن لأسبابٍ ثقافية. الجلباب الطويل والملابس الفضفاضة يمكن أيضاً أن تكون عقبة.
تبرَّعَت ReBicycle بأكثر من 200 دراجة للاجئين السابقين في ويلينغتون، ويجري الآن توسيع دروس ركوب الدراجات حول العاصمة مع تزايُد الطلب. وذهبت 500 دراجة أخرى إلى النيوزيلنديين الذين يكافحون من أجل شراء واحدة.
الاختلاط الاجتماعي
يوضح تاونسند، الذي قال إن بعض اللاجئين السابقين يقضون ما يصل إلى ثلاث ساعات يومياً في المشي من وإلى دروس اللغة الإنجليزية، أن "إعطاء الناس دراجة هوائية يعني أنهم يستطيعون السفر إلى أماكن أبعد، ولكن دون أي تكلفة تقريباً" .
وأضاف: "إذا قلَّلنا من وقت التنقل فهذا يتيح للناس المزيد من الفرص للاختلاط الاجتماعي ولممارسة حياة طبيعية" .
تعتبر دروس ركوب الدراجة من ReBicycle قصة نجاح كبيرة، وهي تبحث بشكلٍ عاجل عن مزيدٍ من المتطوعين للعمل مع اللاجئين السابقين. يقول تاونسند إن تعلم ركوب الدراجة يكون دائماً أكثر صعوبة في حالة البالغين، كما قد يستغرق أياماً وأسابيعَ بدلاً من ساعات.
شعور بالثقة والأمان
بالنسبة لليلى، فالدراجة أعطتها الثقة. تعلَّمَت ليلى إصلاح الدراجات أيضاً، وتطوَّعَت لمساعدة اللاجئين الآخرين على تعلم قيادتها. وهي تتمتَّع بقدرٍ من التنافسية الرياضية، إذ تدخل مع الدراجين الآخرين في سباقات تنافسية في عطلة نهاية الأسبوع.
تقول ليلى: "اعتدت أن أكون خجولة للغاية، لكنهم لا يهتمون مَن أنا، إنهم يهتمون فقط لكوني إنسانة، هذا يعطيك شعوراً جيداً بأنك آمن، أخيراً" .