مهمة غامضة.. ألمانيا رفضت، فمن وافق على خطة أمريكا لحماية الملاحة في مضيق هرمز؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/31 الساعة 16:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/31 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
سفينة حربية تابعة لسلاح البحرية الملكية البريطاني - رويترز

رفض ألمانيا الطلب الأمريكي بالانضمام لقوة بحرية دولية لحماية الملاحة في مضيق هرمز لم يكن مفاجئاً، بل على العكس جاء متوافقاً مع الرؤية الأوروبية للنزاع بين إيران وواشنطن، لكن ما هي تبعات هذا الرفض على تشكيل تلك القوة بالكيفية التي تريدها إدارة الرئيس دونالد ترامب وما هي الدول التي قد توافق أو وافقت بالفعل على الاشتراك في تلك المهمة الغامضة؟

ماذا يعني الرفض الألماني؟

ألمانيا واحدة من ثلاث دول أوروبية وقعت الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ولا تزال تلك الدول بريطانيا وفرنسا وألمانيا ملتزمة بالاتفاق، وعارضت الانسحاب الأمريكي المنفرد منه، شأنها شأن روسيا والصين وبالطبع إيران وهي أطراف الاتفاق.

ترامب وميركل – رويترز

الرفض الألماني يعني أن الولايات المتحدة تواجه صعوبات كبيرة في تشكيل القوة الدولية، حيث إنه رغم قيام بعض الدول بإرسال قطع حربية بحرية إلى مضيق هرمز لمرافقة ناقلاتها وسفنها التجارية، لم تعلن أي دولة حتى الآن موافقتها على الاشتراك في القوة بصورة رسمية.

حتى بريطانيا التي دخلت على خط المواجهة باحتجازها ناقلة النفط الإيرانية جريس 1 في مياه جبل طارق ورد إيران باحتجاز الناقلة البريطانية ستينا أمبيرو، لم تعلن انضمامها للقوة البحرية الأمريكية التي سمتها واشنطن "الحارس"، بل دعت الدول الأوروبية إلى تشكيل قوة حماية فيما بينها، ولا يزال أمر تشكيل تلك القوة محل نقاش.

من هي الدول التي لديها وجود عسكري بحري في المضيق حالياً؟

الولايات المتحدة تمتلك أسطولاً كاملا وهو الأسطول الخامس ومقره البحرين وأرسلت حاملة الطائرات أبراهام لينكولن لتعزيزه مع ارتفاع حدة الأزمة قبل نحو ثلاثة أشهر.

بريطانيا كانت تمتلك سفينة حربية هي الطرادة مونتروز، وأرسلت منذ يومين سفينة حربية ثانية هي دانكان، معلنة أنها ستوفر مراقبة عسكرية لجميع سفنها التجارية التي تمر عبر مضيق هرمز.

إسبانيا لديها سفينة حربية تجوب مياه الخليج وبحر عمان ومضيق هرمز، كما أعلنت الهند أنها سترسل سفينة حربية إلى المنطقة والأمر نفسه ينطبق على كوريا الجنوبية.

كانت صحيفة مايكيونج الكورية الجنوبية قد قالت الإثنين 29 يوليو/تموز نقلاً عن مسؤول حكومي كبير لم تذكر اسمه إن كوريا الجنوبية قررت إرسال وحدة تشيونجاي لمكافحة القرصنة والتي تعمل في المياه الواقعة قبالة الصومال ربما مع طائرات هليكوبتر.

تنقل حاملة طائرات US US John C. Stennis مضيق هرمز ، بينما يتم نشرها في منطقة عمليات الأسطول الأمريكي الخامس 20 يناير 2019.
تنقل حاملة طائرات US US John C. Stennis مضيق هرمز ، بينما يتم نشرها في منطقة عمليات الأسطول الأمريكي الخامس.

وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن الحكومة تبحث سبل حماية سفنها في المنطقة ولكن لم يتم اتخاذ قرار، وقال رو جاي تشيون نائب المتحدث باسم الوزارة خلال إفادة صحفية عادية يوم الإثنين "من الواضح أن علينا حماية سفننا في عبور مضيق هرمز أليس كذلك؟ ولذلك ندرس الاحتمالات المختلفة" بحسب رويترز.

وتتمركز وحدة تشيونجاي في خليج عدن منذ 2009 وتعمل على مكافحة القرصنة بالاشتراك مع دول إفريقية بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وطبقاً لتقرير دفاعي كوري جنوبي في 2018 تضم الوحدة المؤلفة من 302 فرد مدمرة وطائرة هليكوبتر لينكس مضادة للغواصات وثلاثة زوارق سريعة.

الهند أيضاً كانت قد أعلنت الأسبوع الماضي عن إرسال المدمرة البحرية تشيناي والسفينة الحربية سونايانا للانتشار في بحر عمان ومياه الخليج لتوفير الحماية للسفن التجارية والناقلات الهندية، لكنها لم تحدد إذا ما كانت تلك الخطوة استجابة للطلب الأمريكي بالمشاركة في القوة البحرية أم لا.

اليابان أعلنت أنها تدرس الطلب الأمريكي للمشاركة في القوة البحرية في مضيق هرمز، لكن الأمر أثار جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والإعلامية ما بين مؤيد على أساس أن 80% من النفط الذي تستورده اليابان يمر عبر مضيق هرمز، وبين رافض على أساس أن الدستور الياباني لا يسمح بنشر قوات في مناطق صراعات مسلحة.

لماذا التخوف من العرض الأمريكي؟

البيان الألماني الرسمي الذي رفض الاشتراك في القوة التي تسعى واشنطن لتشكيلها أبرز السبب الرئيسي لتردد كثير من الدول في قبول الاستراتيجية الأمريكية، حيث جاء فيه: "نحن على تواصل مكثف بفرنسا، وبريطانيا، لكن الانضمام للاستراتيجية الأميركية بشأن زيادة الضغط في المنطقة ليس ضمن خططنا".

الاستراتيجية الأمريكية تقوم بالأساس على تطبيق العقوبات الاقتصادية على إيران بصورة تامة لإجبار طهران على التفاوض مجدداً، لكن هذه المرة بشروط ترامب وهي ألا يكون الملف النووي فقط على الطاولة، بل أيضاً برنامج الصواريخ الباليستية الخاصة بطهران والتدخل الإيراني في دول المنطقة مثل اليمن ولبنان والعراق وسوريا، وهو ما ترفضه طهران.

زوارق حربية إيرانية

الأوروبيون وتحديداً ألمانيا وفرنسا يخشون من أن تلك الاستراتيجية تعني وصول الأمور لحد النزاع العسكري، حيث إن طهران لن ترضخ لترامب دون مقاومة، وبالتالي فإن وجود قوة عسكرية بحرية في هرمز تحديداً يعني ارتفاع احتمالات وقوع الحرب في أي لحظة.

هذه المعطيات تجعل من مهمة تشكيل قوة عسكرية بحرية لحماية الملاحة في مضيق هرمز أمراً غامضاً على أقل تقدير إن لم يكن مستحيلاً، في ظل تشابك المصالح وخوف الجميع من أن تخرج الأمور عن السيطرة وتقع الحرب التي لا يريدها أحد.

تحميل المزيد