لم تعد السيارات الفخمة أو المنزل الضخم أموراً كافية للجيل القادم من رجال الأعمال أو المشاهير لإبراز مكانتهم الاجتماعية. إذ يقول رجل أعمال ثري، وهو يمسك بخرطوم مياه، ويُمطر شبله الشقي بالمياه، إن أبرز ما يمكن أن يقتنيه المرء لإبراز مكانته الاجتماعية هذه الأيام هو الأُسود الأليفة، بحسب صحيفة The Telegraph البريطانية.
ويقول الرجل الذي يسكن في أحد أحياء كراتشي الراقية: "إذا كان المرء يعيش في باكستان ويريد أن يصبح مشهوراً، فلا بد أن يقتني أسداً، وباقتنائه يمكنه اكتساب شهرة كبيرة".
ويزعم أن هذه الموضة التي وصلت إلى العاصمة البنجابية لاهور قبل بضع سنوات، قد سيطرت على المدينة التي تعد مركز باكستان التجاري.
وقال صاحب الأسد، الذي طلب عدم ذكر اسمه: "تأثَّر الأثرياء في كراتشي بهذه الممارسة، واليوم هناك عديد من المنازل الريفية والفيلات الكبيرة التي قد يجد فيها المرء أُسوداً".
وقال: "لقد حلَّت الأُسود محل الحيوانات الأليفة الأخرى. رأيتُ طفرة كبيرة في اقتنائها، وعديد من الأشخاص الذين أعرفهم يشترون أسوداً".
هذا الشغف باقتناء القطط الكبيرة بديلاً للحيوانات الأليفة ليس جديداً، ولا يقتصر على باكستان بأي حال. فلطالما حذَّر حماة البيئة، مما يبدو أنه انتشار لهذه الظاهرة في الشرق الأوسط وأوروبا، وأصحاب هذه الحيوانات الذين يتباهون بحيواناتهم الأليفة الكبيرة والبذخ الذي يميز حياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يسهمون جزئياً في تناميها.
هذه الظاهرة ليست جديدة، إلا أنها أصبحت منتشرة بكثرة
وفي وقت سابق من هذا الشهر، انتشر مقطع على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية يصور نمراً يجول في هدوء بين السيارات شبه المتوقفة، في فترة تكدس مروري، بعد أن حلّ صاحبه الشاب الأنيق زمامه.
واعتقلت الشرطة في باريس، أواخر العام الماضي، رجلاً يقلّ أسداً في سيارته اللامبورغيني التي كان يقودها بشارع الشانزليزيه.
وقدَّر أحد سكان كراتشي من أصحاب الأسود مؤخراً، أن هناك ما يصل إلى 300 أسد في المدينة المرفئية وحدها.
وقال الدكتور كريس دريبر، رئيس قسم رعاية الحيوانات ووقوعها بالأَسر في مؤسسة Born Free الخيرية الدولية المعنيَّة بالحياة البرية: "من شبه المؤكد أنك تتعامل مع آلاف -إن لم يكن عشرات الآلاف- من الحيوانات".
وقال دريبر إن صور السيلفي على الإنستغرام هي التي تشجع على هذه الظاهرة، مضيفاً أنها تجارة تهريب لا ترحم، وتشكل تهديداً للحيوانات في البرية. وعلاوة على ذلك، لا تتغذى هذه الحيوانات جيداً ولا تنال الرعاية الكافية، ويتخلى عنها أصحابها أو يفعلون ما هو أسوأ عندما تتعذر عليهم مواصلة الاعتناء بها.
وأشار إلى أن أغلب هذه الحيوانات "ستكون لها أصولها في البرية، إما بصورة مباشرة، وإما ربما بعد جيل واحد. إنها تجارة واسعة، وقاسية".
ويعتقد حماة البيئة أن وراء تنامي هذه الظاهرة أصحاب هذه الحيوانات الذين يتباهون بها على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن العلامات التجارية للأزياء الراقية التي تستخدم القطط الكبيرة في إعلاناتها، باعتبارها رمزاً للأناقة والترف.
ويقول رجل الأعمال إنه يمكن شراء الأُسود بسهولة مقابل 1.5 مليون روبية (قرابة 9.285 دولار)، لكن أسعارها ارتفعت مؤخراً، بسبب زيادة الطلب.
وتُيسّر القوانين الباكستانية عملية استيراد الحيوانات الغريبة، ولكن فور دخولها البلاد، تصبح القوانين التنظيمية شبه غائبة. وبإمكان الأطباء البيطريين في كراتشي نزع مخالبها مقابل نحو 309 دولارات.
ويذكر أن "تدريب الأُسود مهمة شاقة، خاصة بالنسبة لمقتنيها الجدد. لكن الناس تعلموا تدريبها بمرور الزمن".
وقال الدكتور دريبر إن اقتناء القطط الكبيرة والاحتفاظ بها باعتبارها حيوانات أليفة "ضار على كل المستويات".
وقال لصحيفة The Telegraph البريطانية: "لا بد أن تنتهي هذه الظاهرة، وألا نعتبر رؤية أحدهم وهو يحتفل بعيد ميلاده بصحبة أسد أليف على اليوتيوب أو الإنستغرام أمراً مسلياً".