اختبرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بنجاح، في ولاية فلوريدا، نظاماً جديداً لإجلاء رواد الفضاء في حالة الطوارئ، باعتباره جزءاً من بعثات أرتميس الفضائية البشرية التي تخطط لإرسالها إلى القمر وربما إلى المريخ.
وأوضحت صحيفة Daily Mail البريطانية أن الاختبار يمثل جزءاً من اعتماد وكالة ناسا لسفينة الفضاء الجديدة أوريون، وهي كبسولة مصممة لتحمل البشر إلى القمر وتعود بهم آمنين إلى الأرض.
كانت هذه عملية الإطلاق هي الثالثة من بين 5 عمليات لاختبار الكبسولة، التي ستشكل جزءاً متكاملاً من بعثة أرتميس المقرر انطلاقها في عام 2024.
حمل اختبار الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2019، نموذجاً للكبسولة على رأس محرك صاروخي معدل من المرحلة الأولى من صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز Peacekeeper.
تجارب ناجحة لعملية الإجلاء
قال رائد الفضاء راندي برسنيك في مؤتمر صحفي، الإثنين 1 يوليو/تموز 2019: "هذا نظام الإجلاء الأعلى تسارعاً على الإطلاق"، مضيفاً: "تكمن البراعة في أنَّ المرة القادمة التي يُطلق فيها هذا النظام سيكون هناك فريق بداخله".
حدثت عملية الإطلاق بعد السابعة صباحاً بالتوقيت الشرقي (12 مساءً بتوقيت غرينتش) من مجمع إطلاق رقم 46 في محطة كيب كانافيرال الجوية.
تقول ناسا إنَّ الصاروخ قطع نحو 45 ألف قدم (14.7 كيلومتر) قبل إطلاق نظام الفصل عند الطوارئ الموجود أعلى الكبسولة، والذي سحب كبسولة أوريون بعيداً عن الصاروخ. عند هذه النقطة كان الصاروخ يسير بسرعة 800 ميل في الساعة (1300 كيلومتر في الساعة).
وفي أثناء الهبوط، أطلق نظام الفصل صواريخ أكثر وانفصل كلياً عن الكبسولة، التي اصطدمت بالمحيط الأطلنطي بسرعة 300 ميل في الساعة (480 كيلومتراً في الساعة)، وتحطمت إلى عدة أجزاء على الأغلب. لم تُستخدم المظلات، لأن الهدف من الإطلاق كان اختبار نظام الفصل في حالة الطوارئ.
أرتميس هو اسم الأخت التوءم لأبوللو، وهو اسم إلهة القمر في الأساطير اليونانية.
قررت ناسا أن تجعل طريقها للقمر متضمناً البشر، وهو الأمر الذي سيشهد عودة رواد الفضاء إلى سطح القمر قبل حلول عام 2024، ليشهد القمر أول امرأة على سطحه، وثاني رجل.
والهدف استكشاف القمر والمريخ
أرتميس 1، التي كانت تحمل سابقاً اسم بعثة الاستكشاف 1، ستكون رحلة ضمن سلسلة من البعثات التي تزداد تعقيداً والتي من شأنها تمكين البشر من استكشاف القمر والمريخ.
ستكون أرتميس 1 هي أول اختبار طيران متكامل لنظام ناسا لاستكشاف أعماق الفضاء، المكون من كبسولة أوريون، وصاروخ نظام الإطلاق الفضائي (SLS)، والأنظمة الأرضية في مركز كينيدي للفضاء بقاعدة كيب كانافيرال في فلوريدا.
يقول مارك كيرايش مدير برنامج أوريون: "إنه تحسُّن كبير بالنسبة لنظام أبوللو".
ويقول إن التطور الأكبر حدث بالتحكم في سلوك المحرك، وهو ما يسمح بوضعية صحيحة للكبسولة بعد انفصالها عن الصاروخ نفسه.
وهذا يسمح بعمل النظام في نطاق أوسع من الظروف، لإبعاد رواد الفضاء بأمان عن الصاروخ الخطر المليء بالوقود.
ومن المقرر إرسال بيانات الاختبار عن طريق أنظمة القياس عن بُعد إلى حواسيب وكالة ناسا، لكن هناك 12 مسجلاً إضافية ستسقط في المحيط على نحو منفصل، لتوفر بيانات إضافية للدعم.
يقول جيني ديفوليتيس مدير الاختبار لصالح وكالة الفضاء، إنه يجب أن تتمكن ناسا من التقاط المسجلات سريعاً باستخدام إشارات ضوئية دالة على المكان تدعى Ascent Abort-2.
وقال كيرايش إن الخطوة القادمة هي سلسلة أخرى من الاختبارات لسفينة فضاء أوريون الحقيقية بعد تركيبها مع وحدة الهبوط الخاصة بها، في بيئة معملية.
بعد تجارب ناجحة لبعثات غير مأهولة
راجعت وكالة ناسا جدول إطلاق أرتميس 1 وبعده EM -1 في نهاية عام 2017، وكشفت أنها تستهدف شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2019 من أجل البعثة غير المأهولة، وتخطط لوضع طاقم بشري على متن السفينة في بداية عشرينيات الألفية الثالثة.
في شهر أبريل/نيسان من عام 2019، سينطلق صاروخ معزز من شركة Orbital ATK من قاعدة كيب كانافيرال، ويحمل نظام فصل LAS كامل الوظائف، ومركبة أوريون تجريبية وزنها 22 ألف رطل (9980 كيلوغراماً).
ومن المقرر أن تصعد 32 ألف قدم (9.7 كيلومتر) بسرعة 1.3 ماخ (أكثر من ألف ميل في الساعة)، وبعد ذلك يُطلق محرك فصل التدفق العكسي.
إذا سار كل شيء وفق الخطة، فهذا من شأنه إبعاد كبسولة أوريون التجريبية عن الصاروخ المعزز.
يجب أن يكون التوقيت دقيقاً، حتى تكون بيانات الاختبار مضبوطة، ويجب أن يتوافق حدث الانفصال مع المتطلبات بالمللي ثانية.
خاصة بعد اتخاذ إجراءات أمان أكثر صرامة
وقال دون ريد، مدير مكتب إدارة اختبارات الطيران لبرنامج أوريون في مركز جونسون الفضائي التابع لـ "ناسا" لمدينة هيوستن، في ذلك الوقت: "ستكون هذه هي المرة الوحيدة التي نجرب فيها نظام فصل كامل النشاط في أثناء الصعود قبل أن نضع الفريق البشري على متن السفينة، ولذا فإن التأكد من أنها تعمل حسب المتوقع، في الأحداث الطارئة، خطوة مهمة قبل أن نضع رائد فضاء على متن الكبسولة".
وأضاف: "بغض النظر عن الأسلوب الذي تتبعه، فإن إبعاد سفينة فضاء تزن 22 ألف رطل عن حدث كارثي مثل احتمالية فشل الصاروخ، مهمة صعبة". يحتوي نظام الفصل على هيكل خارجي معزز وبرج عملية الفصل.
المكون الأول هو قشرة مصنوعة من مواد مركبة خفيفة الوزن تحمي الكبسولة من الحرارة، والرياح، وأصوات الإطلاق، والإقلاع، والظروف المحيطة بعملية الفصل، وهذا وفقاً لما قالته وكالة ناسا.
والذي كان سبباً في فشلها بوقت سابق
في بداية عام 2017، اختبرت وكالة الفضاء إمكانية إضافة طاقم بشري لهذه البعثة، لكنها في النهاية قررت عكس ذلك، وأجَّلت موعد الإطلاق إلى عام 2019.
يشير تقييم المتابعة المفصل هذا الأسبوع إلى أن هناك بعض المشكلات في تنسيق المواعيد قد تؤدي إلى مزيد من التأخير، حتى يونيو/حزيران 2020، لكن حتى الآن يقول المسؤولون إنهم يستهدفون ديسمبر/كانون الأول، لأن "غالبية العمل" تسير على الخطة المرسومة.
قال روبرت لايتفوت القائم بأعمال مدير وكالة ناسا: "في حين أن مراجعة مخاطر مواعيد التصنيع والإنتاج المحتملة تشير إلى أن تاريخ الإطلاق في يونيو/حزيران 2020، تحرص الوكالة على الانتهاء في ديسمبر/كانون الأول 2019".
وأضاف: "نظراً إلى أن عديداً من المخاطر الأساسية التي سبق تحديدها لم تحدث بالفعل، فإننا قادرون على وضع خطط للتخفيف من هذه المخاطر، للحفاظ على تاريخ ديسمبر/كانون الأول من عام 2019".