قد تهيمن القطط على الإنترنت؛ لكن كوابيسنا تهيمن عليها العناكب والأفاعي تماماً. هذه هي النتيجة التي خرجت بها مجموعة من علماء النفس في جمهورية التشيك بالإجماع.
ففي دراسة جديدة نُشِرَت في دورية The Journal of Psychology العلمية بتاريخ 11 يونيو/حزيران، عَرض فريقٌ في المعهد الوطني للصحة العقلية وجامعة تشارلز على عدد من المتطوعين 25 صورة لحيوانات مختلفة، لقياس مدى خوفهم واشمئزازهم.
كانت العناكب هي الفائز بشكل واضح (ملحوظة جانبية: كانت القطط على الطرف المقابل تماماً في المقياس)، وفق ما نشر موقع Big Think.
حيوانات تثير الخوف
إذ استطلع الفريق تحت قيادة جاكوب بولاك 2,291 متطوعاً منضمين لمجموعة على موقع فيسبوك، تتألف من متطوعين من التشيك وسلوفاكيا للتوصل إلى فهم أفضل للأنواع المختلفة من رهاب الحيوانات.
قسموا الصور إلى 5 مجموعات:
- اللافقاريات اللزجة
- الثعابين
- الفئران، والجرذان، والوطاويط
- الطفيليات الخارجية والداخلية التي تصيب الإنسان
- حيوانات المزرعة/الحيوانات الأليفة
الأفلام استغلت هذه المشاعر
وقد كتب الفريق أن رهاب الحيوانات يشمل بعضاً من أشد حالات الرهاب النفسي.
وأشاروا إلى أن صناعة أفلام الرعب استغلت هذه الحقيقة، مع وجود أكثر من 8000 عنوان صدر في 2017 وحدها، كثيرٌ منها يحتوي على نوع من أنواع المثيرات المرتبطة بالحيوانات.
ويعد الخوف أحد الدوافع الغريبة للخيال البشري. فاندفاع الأدرينالين والكورتيزول -حتى عند إطلاقها بسبب المنبهات التي تشكل خطراً وجودياً- لا يزال إدماناً.
خوف من الحيوانات الكبيرة والمفترسة
وعلى الرغم من أننا عزلنا أنفسنا عن جزءٍ كبيرٍ من الطبيعة، لا تزال الغرائز البيولوجية الفطرية جزءاً لا يتجزأ من نظام التشغيل البيولوجي المركب فينا.
فقد غَرست ملايين السنين من الاختلاط بأنواع الحيوانات المتنوعة -التي تعد الكثير منها مميتةً بالنسبة إلينا- في أجهزتنا العصبية استجابات تفاعلية إلى حد بعيد.
والدافع الرئيسي لهذه الدراسة: التوصل إلى أكثر الحيوانات إثارةً لاشمئزازنا بمحض الغريزة.
يُلاحظ الخوف من الحيوانات الأكبر بشكل مباشر، التي تمتلك القدرة -إن أُتيحت لها الفرصة- على تشويهنا وقتلنا بسهولة مثل: التماسيح، والدببة، والأسود، والنمور، والأفاعي.
اشمئزاز من الحيوانات الزاحفة
أما الزواحف المخيفة التي يمكنها قتلنا على الأرجح باستخدام عضات أو خدوش سامة، مثل الطفيليات والثعابين، أو بإصابتنا بالطاعون كالجرذان والفئران، فهي مثيرة للفضول بدرجة أكبر.
فتلك المجموعات الأخيرة تثير خوفاً أعمق بداخلنا، إذ أظهر المشاركون في الاستطلاع أنه فيما كان الخوف من التعرُّض لهجوم من المتسابقين الأكبر حجماً يُعد أمراً مأموناً، فإن المخلوقات الأقرب إلى حياتنا اليومية تثير قلقاً مميتاً؛ فمسببات الأمراض المعدية تمثل خطراً أكثر واقعية من هجوم الدببة.
يقول الفريق:
"تثير تلك الحيوانات الاشمئزاز -لا الخوف- وهو الشعور السلبي البدائي المتعلق بالنفور من الحيوانات، لا سيما الأصغر".
العناكب والأفاعي تثير الخوف والاشمئزاز
ولا يقتصر الاشمئزاز على الحشرات؛ إذ تطلق حاسة الشم لدينا ذات الشعور. فتَقطُب أنوفنا من رائحة اللبن الفاسد أو الطعام المتعفن -وهي مؤشر على وجود مسببات الأمراض- تبقى هي الأخرى تقنية لتجنب الأمراض.
إلا أن هناك شيئاً آخر أكثر بدائية حول الأمراض الزاحفة، فقد اكتشف الباحثون أن الخوف من الثدييات المفترسة لا يثير الاشمئزاز، فيما تثير الأفاعي والعناكب والطفيليات كلا الشعورين.
في النهاية، توصل الباحثون إلى أن القليل فقط من الحيوانات تثير كلاً من الخوف والاشمئزاز معاً.
ففي قمة الخوف، تستقر الأفاعي، والدبابير، والثيران، فيما تعد الديدان المستديرة، والديدان الشريطية، واليرقات، والقمل، والصراصير أكثر الحيوانات المنفِّرة.
أما الحيوانات المتمركزة بين الخوف والاشمئزاز تماماً، فهي العناكب.
يقول الفريق: "كما هو متوقع، كانت العناكب والأفاعي السامة -لا الثعابين غير الضارة كثعبان العشب- أكثر الحيوانات رهبة بالنسبة لغالبية المشاركين في دراستنا.
فقد أبلغ ما يقارب 19% من المشاركين عن شعورهم بالخوف الشديد أو الذعر عند عرض صورة عنكبوت، وأعطى 10% منهم لصور الأفاعي أعلى تقييم للخوف. وهذا يؤكد أن الثعابين والعناكب هي أكثر الحيوانات المثيرة لرعب الإنسان، والأوسع انتشاراً في عامة السكان".