عبَّر أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي عن غضبهم بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة على الحدود الجنوبية، وذلك بعد خوضهم جولة تفقدية في اثنين من المرافق الحدودية في ولاية تكساس، على خلفية تقارير تحدثت عن تدهور الأوضاع هناك.
موقع CNN الأمريكي قال إن أعضاء الكونغرس الأمريكي تحدثوا عن الظروف المروعة بالمرافق التي زاروها، وذلك في اليوم نفسه الذي كشفت فيه منظمة ProPublica الإخبارية الاستقصائية عن مجموعة مغلقة على موقع فيسبوك، يقال إن عملاء حرس الحدود الحاليين والسابقين يتبادلون من خلالها النكات المتعلقة بوفيات المهاجرين، والتعليقات المهينة عن المشرعين اللاتينيين، و "الميمات" البذيئة التي تتضمن أحد الموضوعين على الأقل.
وقال بريان هاستنغز رئيس عمليات دورية الحدود الأمريكية، إن هذه المنشورات سُلمت إلى المفتش العام لوزارة الأمن الداخلي.
غضب الكونغرس من ظروف احتجاز المهاجرين
وكانت النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز من بين المشرعين الديمقراطيين الذين قاموا بجولة في المرافق يوم الإثنين 1 يوليو/تموز 2019، بعد تقارير عن ظروف مزرية للمهاجرين المحتجزين على الحدود، والمرافق المكتظة والإمدادات المستهلَكة لأقصى حدٍّ.
وزعمت أنها رأت المهاجرين وهم يشربون من المراحيض، وهو ما نفاه أحد المسؤولين في حرس الحدود نفياً قاطعاً، بالإضافة إلى شعورها بعدم الأمان في أثناء الزيارة.
وقالت أوكاسيو-كورتيز في سلسلة من التغريدات: "الناس يشربون من المراحيض والضباط يضحكون أمام أعضاء الكونغرس!". وأضافت في إحدى التغريدات: "لقد رفعت الأمر إلى رؤسائهم. وأجابوا: (الضباط يتعرضون لضغوط؛ وهو ما يجعلهم يتصرفون بشكل غير لائق في بعض الأحيان). لا مساءلة!". وصرحت أوكاسيو-كورتيز في مقابلة مع شبكة CNN، بأنها لم تشعر بالأمان.
فقد قالت لمراسلة شبكة CNN ناتاشا تشن وهي في طريقها إلى مرفق كلينت: "لم أكن آمنة من الضباط في المرفق الأخير". وتنامى إحباط أوكاسيو-كورتيز في أثناء الجولات.
وصرخت في عملاء حرس الحدود، لمحاولتهم التقاط صور شخصية معها، وذلك قبل أن تقوم بجولة في المرفق، وفقاً للمتحدث باسمها كوربن ترينت.
ولدى سؤاله يوم الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2019، عن سبب قول أوكاسيو-كورتيز إنها شعرت بـ "عدم الأمان" خلال الجولة، قال ترينت لشبكة CNN في بيان له، إن "المعلومات التي كشفت عنها القصة المنشورة من جانب ProPublica، والطريقة التي تفاعل بها عملاء هيئة الجمارك وحماية الحدود مع الوفد ومساعديهم، جعلت الأمر تجربة مزعجة" بالنسبة لعضو الكونغرس.
رغم تقليل المسؤول من حجم ما نقله النواب الديمقراطيون
وقد نفى هاستينغز الاتهامات بأن بعض المهاجرين في مراكز الاحتجاز الحدودية يجبَرون على الشرب من المراحيض. وقال هاستينغز: "إن مسألة الشرب من المراحيض غير صحيحة على الإطلاق".
وأضاف أن هناك "إمدادات وفيرة"، وأن "كثيراً من محطاتنا تشبه متاجر Costco".
وتأتي زيارة المشرعين في أعقاب إقرار مشروع قانون لتمويل الحدود بقيمة 4.6 مليار دولار، لمساعدة المهاجرين الوافدين إلى الحدود الأمريكية المكسيكية، ووسط تقارير حكومية وإعلامية تفصّل الظروف المتفاقمة في المرافق الحدودية.
وقد تجمّع المشرعون أمام المرفق الحدودي رملي اللون بعد ظهر يوم الإثنين، وانتقدوا ظروفها، في حين هتف لهم المتظاهرون. وقال رئيس هذا التكتل الديمقراطي، خواكين كاسترو، وهو محاط بزملائه: "النظام لا يزال معطلاً".
في حين غُمرت المنطقة بالملصقات التي تقول "حرِّروا الأطفال" و "المساعدات الإنسانية ليست جريمة أبداً، أسقِطوا التهم".
وقال كاسترو لشبكة CNN: "الأمر لا يتعلق فقط بالمال، بل يتعلق أيضاً بمعايير الرعاية. سنضيق الخناق على إدارة ترامب، من خلال المخصصات، ومن خلال التحقيقات، لحملهم على تغيير ما يفعلونه".
ظروف المهاجرين أسوأ مما يتصور الأمريكيون
وفي مقابلة مع شبكة CNN، أعربت النائبة نانيت دياز باراغان عن إحباطها، لعدم تلقيها إجابات كافية من المسؤولين. وقالت: "لم نحصل على أي إجابات حول بعض البرامج، مثل (بروتوكولات حماية المهاجرين)".
تتطلب سياسة بروتوكولات حماية المهاجرين أن ينتظر بعض طالبي اللجوء في المكسيك خلال مدة جلسات الاستماع الخاصة بالهجرة.
في حين غردت النائبة الديمقراطية مادلين دين، من ولاية بنسلفانيا، على موقع تويتر، قائلة: "الظروف أسوأ بكثير مما كنا نتصور. هذه أزمة حقوق إنسان".
وأضافت: "(خمس عشرة) امرأة في الخمسين والستين من عمرهن ينمن في زنزانة خرسانية صغيرة، ولا توجد مياه جارية. أسابيع من دون استحمام! وقد انفصلن جميعهن عن أُسرهن".
وقد أثارت المزاعم حول ضعف الرعاية الصحية والنظافة بعديد من مرافق هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في تكساس، وضمن ذلك في كلينت، احتجاجات وطنية، الشهر الماضي وفي وقت مبكر من هذا الشهر.
ووصف فريق من المحامين والأطباء والمدافعين، الظروفَ في هذه المرافق قائلين إن الأطفال فيها قالوا إنهم لا يستطيعون الحصول على الصابون وليست لديهم سوى فرص قليلة للاستحمام.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أمر قاضٍ اتحادي هيئة الجمارك والحدود بالسماح لخبراء الصحة بالدخول إلى مرافق الاحتجاز التي يُحتجز فيها الأطفال المهاجرون، للتأكد من أنهم "آمنون ونظيفون"، ولتقييم الاحتياجات الطبية لهم. ويشمل الأمر جميع المرافق في قطاعي إل باسو وريو غراندي فالي، وهما موضوع الدعوى القضائية.
وبعضهم انتهى به المطاف ميتاً في المستشفى
وفي ليلة الإثنين الموافق الأول من يوليو/تموز 2019، أعلنت وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك وفاة رجل هندوراسي يبلغ من العمر 30 عاماً كان محتجزاً لديها، إذ توفي في مستشفى بمدينة هيوستن، يوم الأحد 30 يونيو/حزيران 2019.
وصار الرجل الذي يدعى يمي أليكسيز بالديراموس-توريس، بعهدة وكالة إنفاذ قوانين الهجرة في 6 يونيو/حزيران 2019، ونُقل إلى مرفق احتجاز هيوستن في 18 يونيو/حزيران. وفي يوم الأحد، وُجد بزنزانته ميتاً ولم تنجح محاولات إنعاشه.
يُذكر أن بالديراموس-توريس هو الشخص السادس الذي يموت وهو محتجز لدى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
بينما ضباط حرس الحدود ينشرون النكات!
خلال جولات يوم الإثنين، كشف تقرير صادر عن مجموعة التحقيقات الصحفية الاستقصائية ProPublica، عن مجموعة مغلقة على موقع فيسبوك تضم عملاء حاليين وسابقين من حرس الحدود، يُزعم أنها تنشر نكاتاً حول وفيات المهاجرين، وتعليقات مهينة عن المشرعين اللاتينيين، والميمات البذيئة التي تتضمن ما لا يقل عن واحد من هؤلاء المشرعين.
وقال مسؤولو الجمارك وحماية الحدود إنهم يحققون في "نشاط مقلق على مواقع التواصل الاجتماعي". ولم تتمكن CNN من الوصول بشكل مستقل إلى منشورات مجموعة الفيسبوك المعنية ومعاينتها.
وقال ماثيو كلاين، المفوض المساعد في مكتب المسؤولية المهنية بهيئة الجمارك والحدود، إن المنشورات "جرت مشاركتها على مجموعة خاصة في فيسبوك، وقد تشمل عدداً من موظفي الهيئة".
قبل زيارة المشرعين لكلينت يوم الإثنين، كان المحتجون والمحتجون المضادون متمركزين حول مدخل المرفق، ورفع بعضهم شعارات ترامب، وفي بعض الأحيان دخلوا في نقاشات ساخنة حول الهجرة.
لترتفع الأصوات المطالبة بإغلاق "المخيمات"
سافرت فيكتوريا أوكونيل كوران من ألاسكا يوم السبت الماضي، لزيارة المرفق. وكانت تحمل لافتة برتقالية تقول: "أغلِقوا المخيمات". وقالت وهي تتذكر زيارتها لمرفق تدفُّق المهاجرين في تورنيلو بتكساس، العام الماضي: "لسبب ما، يبدو الأمر صادماً فعلاً".
وجاءت إيمي بايلون، إحدى سكان إل باسو، إلى المرفق مع أختها وزوج أختها. وقالت: "نحن ضد ما يفعلونه مع الأطفال. نحن بحاجة إلى مد يد العون".
وخلال الأشهر الأخيرة، حذرت وزارة الأمن الداخلي من المرافق التي اكتظت بالأعداد الهائلة من المهاجرين الوافدين، وهو ما أثار في نهاية المطاف طلباً للحصول على أموال إضافية، مُرِّر الأسبوع الماضي.
وأكد كيفن ماكالينان، القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي، الجمعة الماضي، أنه حذر من الاكتظاظ في المرافق الحدودية منذ شهور، لكنه رفض أيضاً بشدةٍ ما وصفه بالتقارير "التي لا أساس لها" حول مرفق كلينت، حيث يقول إن الأطفال يتلقون الإمدادات مثل البطانيات وفُرش الأسنان، رغم مزاعم تفيد بعكس ذلك.
وأصبح الوضع على الحدود أكثر إلحاحاً، في الآونة الأخيرة، بسبب ظهور صورة لأب وابنته غرقا وهما يحاولان عبور نهر ريو غراندي إلى الولايات المتحدة. وشهدت قاعة مجلس النواب انفعال النائبة الديمقراطية عن تكساس فيرونيكا إسكوبار -التي كانت جزءاً من وفد الإثنين- في أثناء حديثها عن الصورة بأواخر الأسبوع الماضي.
قالت إسكوبار في حديثها لشبكة CNN يوم الإثنين، في إشارة إلى الصور المأساوية التي ظهرت مؤخراً: "على الولايات المتحدة أن ترى ما يحدث. والأمريكيون في حاجة إلى رؤية ما يحدث".
داخل المرفق.. التصوير ممنوع
خاضت شبكة CNN وغيرها من وسائل الإعلام جولةً في مرفق كلينت يوم الأربعاء الماضي، ولكنها مُنعت من التقاط أي صور أو فيديو.
وقال مسؤولو الجمارك وحماية الحدود في ذلك الوقت، إن المرفق، الذي يهدف إلى استيعاب 106 أشخاص، كان يضم 117 من الشباب المهاجرين. وكان أصغر الأطفال في المرفق يبلغ من العمر عاماً واحداً، كان مسافراً مع اثنين من القُصَّر غير المصحوبين بذويهم ويبلغان من العمر 17 عاماً وعامين.
وأُبقي على معظم الأطفال داخل غرف ذات أبواب معدنية ونافذة زجاجية كبيرة، ولكن دون نوافذ نحو الخارج. وكان البعض ينامون أو يرقدون على المعاطف البرتقالية والمراتب الزرقاء على الأرض. وكانت بعض الفتيات يمضين الوقت في تجديل شعر بعضهن بعض، وكانت مجموعة من الأولاد يلعبون كرة القدم.
وأُبقيت فتاة مراهقة بالحجر الصحي في زنزانة منفصلة، وأشارت لافتة معلَّقة خارج الزنزانة إلى أنها قد تكون مصابة بالأنفلونزا. قال عملاء الجمارك وحماية الحدود إن أطفالاً في المرفق عولجوا من جُدَري الماء وداء الكلب والقمل والحمى القرمزية.
ولا يمكنك الاطلاع إلا على ما يريدون
واقتيد المراسلون إلى منطقة المطبخ حيث شاهدوا أطباق الطعام، وضمن ذلك أكواب الشعرية والمشروبات. وزاروا كذلك منطقة تخزين بها صناديق من فُرَش الأسنان ومعجون الأسنان والملابس. كما رصدوا مجموعة من خمسة أطفال يلعبون كرة القدم.
ويُسمح للأطفال بالاستحمام كل يومين في مقطورة مجهزة بأغراض الاستحمام، وذلك على حد قول عملاء هيئة الجمارك وحماية الحدود.
على الرغم من أن مسؤولاً من المرفق التابع للجمارك والحدود في منطقة كلينت أخبر CNN بأن البيئة العامة للمرفق كانت هي نفسها يوم الأربعاء مثلما كانت في الأسبوع الماضي عندما زارهم المفتشون القانونيون، قال مصدر لدى هيئة الجمارك والحدود لديه معرفة مباشرة بالمرفق: "ظهر كل شيء بشكل نموذجي. لقد استعدت الهيئة لكم يا رفاق". مضيفاً: "إنها لعبة قط وفأر لا تنتهي أبداً".
تقارير الحكومة تفصّل المرافق الحدودية المكتظة
في مايو/أيار 2019، وجد المفتش العام لوزارة الأمن الداخلي "اكتظاظاً خطيراً" وظروفاً غير صحية بأحد مرافق دورية الحدود في إل باسو بولاية تكساس، وذلك بعد حملة تفتيشية مفاجئة، وفقاً لتقرير.
ووصف المفتش العام وجود حالات لـ "غرف لا تسمح إلا بالوضع وقوفاً"، وذلك بمركز المعالجة في إل باسو ديل نورتي، وهو المركز الذي يتسع لـ125 مهاجراً بحدٍّ أقصى. وفي 7 و8 مايو/أيار، أشارت السجلات إلى أن هناك "نحو 750 و900 معتقل، على التوالي".
"لاحظنا أيضاً أن المحتجزين يقفون فوق المراحيض في الزنازين، لإفساح المجال والحصول على مساحة للتنفس، وهو ما يحد من الوصول إلى المراحيض"، حسبما جاء في التقرير، الذي حصلت عليه CNN.
تحوي الزنزانة، التي تبلغ طاقتها الاستيعابية القصوى 12 شخصاً، 76 معتقلاً، وفي حين تحوي الزنازين الأخرى التي تتسع لـ8 أشخاص بحد أقصى، 41 معتقلاً، تكفي أخرى بحد أقصى، 35 معتقلاً، لكنها احتوت على 155، وذلك وفقاً للتقرير.
وجاء في التقرير: "كانت (هيئة الجمارك وحماية الحدود) تعاني في سبيل الحفاظ على الظروف الصحية بالزنازين. ومع صعوبة الحصول على فرص للاستحمام والملابس النظيفة، كان المعتقلون يرتدون ملابس متسخة عدة أيام أو أسابيع".
وفي ردها على المفتش العام، قالت وزارة الأمن الداخلي إنها "نفذت نهجاً متعدد الطبقات" يتضمن بناء هياكل إضافية لإيواء المهاجرين، والتنسيق المستمر مع وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وتقديم الدعم للموظفين.
وقد بَنَت الوكالة مبنىً لين الأجناب في محطة إل باسو يمكن أن يستوعب 500 شخص، ويعمل منذ 2 مايو/أيار، حسبما ورد في الرد. وتخطط الوكالة أيضاً لبناء مبانٍ إضافية، وضمن ذلك "منشأة نموذجية بطاقة استيعاب 800 شخص" في محطة إل باسو بحلول 31 يوليو/تموز، ومركز دائم للمعالجة المركزية يخدم نحو 1800 شخص.