كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول العربية التي أعلنت مشاركتها ودعمها لصفقة القرن الأمريكية، التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، لكن اللافت للنظر هو التصريحات المتناقضة الصادرة من الداخل الإماراتي، فما هي القصة، وماذا يريد الحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن زايد؟
خلفان يهاجم ترامب بشراسة
نائب رئيس شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، وصف صفقة القرن بأنها "صفقة بيع فلسطين في القرن الحادي والعشرين"، مضيفاً "لن يقدم عليها أي قائد عربي".
وفي سلسلة من التغريدات قال خلفان إن تحقيق "صفقة القرن" التي يتحدَّث عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، هو "حلم إبليس في الجنة".
وخاطب خلفان المسؤولين العرب في اجتماع "صفقة القرن" قائلاً: "انتبهوا… لا بيعَ لكم فيما لا تملكون… فلسطين ملك لأهلها".
خلفان حكم على الصفقة بالفشل، مؤكداً أنها فشِلَت بكلِّ "مخططاتها ومحاولاتها… أي قائد عربي يقول نعم يدرك أن تاريخ الأمة لن يرحمه… لذلك فشلت الصفقة… بشارة".
التغريدة الأكثر غرابة هي تلك التي وصف فيها ترامب بالمليونير الذي يظن الفلسطينيين بحاجة للمال.
موقف آخر يثير الدهشة
المستشار السابق لحاكم أبوظبي، الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، الذي كان مدافعاً بشراسة عن صفقة القرن ومؤتمر البحرين، غرَّد في الاتجاه المضاد تماماً، مشيداً بموقف الكويت بمقاطعة ورشة البحرين.
مشاركة رسمية فعّالة وداعمة
تغريدات خلفان، اليوم الأربعاء 26 يونيو/حزيران 2019، تزامنت مع اليوم الثاني لانطلاق ورشة البحرين الاقتصادية في المنامة، حيث يشارك وفد رسمي إماراتي يقوده وزير الدولة للشؤون المالية، وضمن الوفد محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار وأحد أبرز رجال الأعمال في الدولة.
حيث إنه من الجانب الرسمي، قالت الإمارات إنَّ وفدَها المشارك في اجتماع البحرين الذي تقوده الولايات المتحدة بشأن خطة اقتصادية للسلام في الشرق الأوسط، يرأسه وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير، وهو تمثيل أعلى من مثيله من دول عربية أخرى أعلنت المشاركة، بحسب موقع شؤون إماراتية.
العبار يغازل الإسرائيليين
محمد العبار لم يشارك فقط، بل أدلى بحديث لمراسلة إذاعة "كان" الإسرائيلية، قال فيه إن "الإماراتيين والإسرائيليين يجمعهما كوكب واحد، ولديهما حقوق وواجبات متبادلة".
قدَّم "العبار" كذلك أمس الثلاثاء هو و "ستيفن شوارزمان"، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "بلاكستون"، وجهات نظرهما وآمالهما للمستقبل، في جلسة نقاشية بالمؤتمر، بعد خطاب ألقاه "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ومستشاره، والمشرف الأول على "صفقة القرن".
ماذا يحدث فعلياً؟
لو كانت الإمارات دولة ديمقراطية لَمَا بدا الأمر غريباً، لكن في ظلِّ السيطرة المطلقة للنظام، ورجله القوي ولي العهد محمد بن زايد على كل ما يجري، وبالتأكيد على تصريحات شخصٍ مثل خلفان، يصبح الأمرُ مثيراً للرِّيبة، وليس فقط الاستغراب.
فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟
غرابة الأمر تزداد في ظلِّ مصالح ترامب المالية في الإمارات، ونادي الجولف الذي يحمل اسمه في دبي، وكذلك علاقته بمحمد بن زايد، التي جعلت الأخير مذكوراً في تقرير المحقّق الخاص روبرت مولر، الذي رصد دور بن زايد في التدخل الروسي لإيصال ترامب إلى البيت الأبيض.
ومن المستبعد أن يتطاول خلفان على ترامب (صديق ولي العهد) بتلك الصورة، دون أن يكون ذلك في إطار توزيع الأدوار.
الوفد الرسمي يأتي ضمن المشاركة الإماراتية في صفقة القرن، التي تشمل تمويلها جزئياً أيضاً، بحسب ما هو معلن، بينما تصريحات خلفان وعبدالخالق عبدالله موجهة للرأي العام العربي، الرافض تماماً لصفقة القرن، وهو ما يُعرف في السياسة بلعبة توزيع الأدوار حسب خطة مدروسة.