هدَّد مسؤولون مصريون الرئيسَ المصري الراحل محمد مرسي، قبل وفاته بأيام، بالتنازل عن منصب الرئيس وحلِّ جماعة الإخوان المسلمين، أو مواجهة العواقب، بحسب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، اليوم الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2019.
والتهديد لم يُوجّه لمرسي فقط، بل وإلى باقي قيادات الجماعة في السجن، بحسب التقرير المنشور في موقع ميدل إيست آي البريطاني، وكانت المهلة الممنوحة لهم هي قبل نهاية شهر رمضان (في الثالث من يونيو/حزيران)، مرسي رفض التهديد، وتوفي بعده بأقل من أسبوعين.
وبحسب التقرير، يخشى أعضاء الجماعة داخل وخارج مصر، من أن يواجه المرشد محمد بديع والقيادي خيرت الشاطر نفسَ مصير محمد مرسي، إن رفضا التهديد من النظام المصري.
جاء طلب الإعلان عن حلِّ جماعة الإخوان في البداية ضمن وثيقة استراتيجية صاغها كبار مساعدي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تم إعدادها بعد إعادة انتخابه العام الماضي بوقت قصير، ومن ضمن بنودها أن تعلن قيادات الإخوان عن حلِّ الجماعة رسمياً.
اطلع الموقع البريطاني على محتويات الوثيقة من عدة مصادر في المعارضة المصرية، أحد تلك المصادر شاهد الوثيقة بنفسه، وتحدَّث إلى الموقع شريطة عدم ذكر اسمه.
المصادر أكدت للموقع أنهم كانوا على دراية بالمفاوضات السرية مع مرسي قبل وفاته المفاجئة.
إغلاق ملف الإخوان
تم حجب بعض تفاصيل الاتصالات بين المسؤولين المصريين ومرسي على مدى الأشهر القليلة الماضية، خوفاً من تعريض حياة السجناء للخطر.
الوثيقة التي حملت عنوان "إغلاق ملف جماعة الإخوان المسلمين"، جاء فيها أن الجماعة تعرَّضت لضربة قاصمة من خلال الانقلاب العسكري عام 2013، وهي ضربة غير مسبوقة في التاريخ، وأكبر من الضربات الأمنية التي وجَّهها لها الرئيسان جمال عبدالناصر وحسني مبارك.
واقترحت الوثيقة أن الجماعة أصبحت في حالة ضعف مميت، ولم تعد لها قيادة معروفة، ونصَّت الوثيقة على أن الجماعة لم تعد تمثل خطراً على مصر كدولة، وأن المشكلة الرئيسية المتبقية هي أعداد المسجونين من أعضائها، حيث يُقدَّر عدد المسجونين السياسيين في مصر من المعارضين، سواء علمانيين أو إسلاميين بنحو 60 ألف سجين.
وتوقَّعت الوثيقة إغلاق ملف الجماعة نهائياً خلال ثلاث سنوات، وعرضت إطلاق سراح أعضاء الإخوان الذين يتعهَّدون بعدم الانخراط في أي نشاط سياسي أو دعوي، ومن يرفضون يتم تهديدهم بعقوبات مشددة والسجن مدى الحياة، وتوقعت الوثيقة أن يقبل 75% من الأعضاء والقيادات عرض إطلاق السراح.
وطبقاً للوثيقة، لو وافقت قيادات الجماعة على العرض، يتم تحسين ظروف إقامتهم ومعيشتهم في السجن.
الضغوط على مرسي
تعرَّض مرسي تحديداً لضغوط مستمرّة، وكان محبوساً انفرادياً في مبنى ملحق بسجن مزرعة طرة، وممنوعاً من مقابلة محاميه أو عائلته، أو التواصل حتى مع باقي النزلاء بأي صورة من الصور.
أحد الأشخاص الذين على دراية بما يحدث في السجن تحدَّث للموقع قائلاً: "أرادت الحكومة المصرية أن تحافظ على سرية المفاوضات قدرَ المستطاع، حيث لم يريدوا أن يتناقش مرسي مع زملائه في العرض".
ومع استغراق المفاوضات وقتاً طويلاً أصبح المسؤولون المصريون أكثر إحباطاً وغضباً من مرسي وقيادات الإخوان في السجن، حيث رفض مرسي الحديثَ في أمر حل الجماعة، لأنه ليس المرشد، فيما رفضت قيادات الجماعة الحديث حول القضايا الوطنية، مثل تنازل مرسي عن كونه الرئيس الشرعي المنتخب، وطلبوا من المسؤولين التفاوض مع مرسي نفسه.
مرسي رفض الاعتراف بالانقلاب أو التنازل عن كونه الرئيس الشرعي المنتخب، مؤكداً أنه رئيس مصر ولن يتنازل.
"استمرت هذه المفاوضات فترة من الوقت، وتم تكثيف الجهود خلال شهر رمضان، مما جعل النظام محبطاً وغاضباً، وأوضح المسؤولون لقادة الجماعة، أنهم إن لم يُقنعوا مرسي بالتنازل، ويتفاوضوا هم بنهاية رمضان، فسيتم التصرف بطرق أخرى، دون أن يحددوا نوعية التصرف"، على لسان مصدر ملمّ بالأحداث لموقع ميدل إيست آي.
لهذا السبب تعتقد المصادر التي تحدَّثت شريطة عدم ذكرها، أن مرسي مات مقتولاً، وأن قادة الجماعة الآخرين يواجهون الآن خطراً داهماً يُهدد حياتَهم.
أحد الشخصيات العامة المصرية قال للموقع: "تحليلي أنهم قرروا قتله في هذا الوقت تحديداً (الذكرى السابعة للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها)، وهذا تفسيري لتوقيت الإعلان عن وفاته. السبب الرئيسي هو أنهم قرَّروا قتله بعد أن تأكدوا أنه لن يوافق أبداً على مطالبهم.
الوثيقة لم تكن العرض الأول من جانب حكومة السيسي للسجناء من قادة الإخوان، حيث إن العرض الأول كان إطلاق السراح مقابل عدم الانخراط في الحياة السياسية لفترة محددة من الوقت، والعرض الثاني كان إطلاق السراح مقابل البعد عن السياسة، ومواصلة العمل الدعوى فقط، وتم رفض العرضين.