طرح تصويت مجلس الشيوخ لصالح رفض صفقات عتاد عسكري بمليارات الدولارات للسعودية والإمارات أبرمها الرئيس دونالد ترامب أسئلة عديدة أبرزها هل يستخدم ترامب الفيتو لتحدي الكونغرس لصالح السعودية مرة أخرى وهل القرار ملزم؟ وما إذا كان يعني ذلك الوقف الفوري لتلك الصفقات؟ وهل يؤثر القرار على العلاقة بين البلدين؟ وهل يدفع ذلك الرياض إلى أحضان روسيا والصين؟
ترامب بالفعل كان قد تعهَّد باستخدام الفيتو الرئاسي ضد أي تحرُّك من جانب مجلس الشيوخ للمُضي قُدماً في تلك الصفقات التي تناهز قيمتها 8.1 مليار دولار، وعندها سيحتاج المشرِّعون إلى 67 صوتاً لإبطال الفيتو الرئاسي، وهو أمر يبدو غير مرجح بعد تصويتين أُجريا الخميس 20 يونيو/حزيران 2019.
اللافت هنا أن مجلس الشيوخ يحظى فيه الجمهوريون بالأغلبية، عكس مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون، وبالتالي التصويت رسالة واضحة لترامب أن مواصلة دعمه للسعودية ستكون له عواقب وخيمة.
قال مؤيدو مشاريع القرارات الرافضة لقرار ترامب، بقيادة الديمقراطي بوب منينديز والجمهوري لينزي جراهام، إنهم بعثوا برسالة تسمو على الحزبية للسعودية مفادها أن واشنطن مستاءة من انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، وعبَّر كثيرون أيضاً عن قلق عميق إزاء السعودية والإمارات بشأن الحرب في اليمن، حيث تقاتل الدولتان المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران، بحسب رويترز.
هل القرار ملزم لترامب؟
من المتوقع إقرار مشاريع القرارات في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون قبل أن تصل إلى ترامب، ولن يكون القرار ملزماً للرئيس إذا استخدم الفيتو كما هو متوقع، ولكي يلغي مجلس الشيوخ الفيتو الرئاسي لابد من حصول مشروع القرار على أغلبية الثلثين أي 67 صوتاً، وهو أمر يبدو مستبعداً في ضوء تصويتي الأمس، حيث تم إقراره بواقع 53 موافقاً مقابل 45 صوتاً رافضاً.
لكن النقطة المثيرة هنا هي ما قاله السيناتور البارز غراهام الحليف الوثيق لترامب أمام المجلس قبل التصويت: "لا يمكن أن تكون لديك علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة وتتصرف بطريقة تظهر عدم احترام للكرامة الإنسانية وعدم احترام للمعايير الدولية"، في إشارة إلى مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول والذي ألقى تقرير أممي بالمسؤولية عن الجريمة على عاتق البلاط الملكي السعودي الذي يديره فعلياً ولي العهد محمد بن سلمان.
التهديد الإيراني
ترامب كان قد استخدم استراتيجية إعلان الطوارئ للتوقيع على صفقات الأسلحة للالتفاف على الكونغرس، وسخر منينديز من تأكيد الإدارة على أن التهديد الإيراني يمثل حالة طوارئ تبرر مبيعات الأسلحة الكبيرة للغاية لدول ثالثة، قائلاً: "هذا انتزاع للصلاحيات ولا شيء غير ذلك، وله تداعيات دائمة على دور الكونغرس في مبيعات الأسلحة حول العالم".
مشاريع أخرى ضد السعودية تحديداً
لكن بعيداً عن هذا القرار، أكد أعضاء في الكونغرس أن هناك مشارع قرارات تستهدف السعودية تحديداً تحظى بتوافق أكبر بين الحزبين، ومنها تشريع منفصل "لتحميل السعودية مسؤولية" انتهاكات حقوق الإنسان ومقتل خاشقجي، كما أنه من المقرر أيضاً أن تبحث لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في وقت قريب ربما الأسبوع المقبل تشريعاً ينتزع قدرة ترامب، أو أي رئيس، على استخدام سلطة الطوارئ لبيع أسلحة لأي دولة باستثناء الأعضاء في حلف شمال الأطلسي وبعض الشركاء الرئيسيين الآخرين دون مراجعة الكونغرس.
رئيس تحرير النسخة الروسية من المونيتور الأمريكية مكسيم سوتشكوف يرى أن إدارة ترامب ربما تجد المخرج من تلك الأزمة (الصراع مع الكونغرس) في التهديد الإيراني، بحجة أن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستغناء عن مساعدة السعودية.
كيف سيكون التأثير على السعودية؟
هذه التحركات من المؤكد أن تكون لها عواقب سيئة على العلاقة بين الرياض وواشنطن وهي علاقة قائمة على معادلة النفط مقابل السلاح والحماية، وبالتالي فإن وقف تصدير السلاح للسعودية سيضعها أمام خيارات صعبة أبرزها التوجه نحو روسيا أو الصين أو كلتيهما للحصول على السلاح.
وفي هذا السياق، قضت محكمة إنجليزية بأن بريطانيا خالفت القانون بسماحها بمبيعات أسلحة للسعودية ربما تستخدم في حرب اليمن، بعدما قال نشطاء إن هناك أدلة على أن الأسلحة استخدمت في انتهاك لقوانين حقوق الإنسان، وهي خطوة ستضع قيودا على بيع السلاح البريطاني للسعودية.
كان تقرير أممي صادر عن الأمم المتحدة قد أدان الحكومة السعودية، بقيادة ولي العهد بمسؤوليتها عن جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وطالبت مقرّرة حقوق الإنسان، أغنيس كالامارد، الأمينَ العامَّ للأمم المتحدة بفتح تحقيق جنائي دولي في القضية، سواء تم تنفيذه أو لم يتم، يضع مسؤولية أخلاقية على عاتق المجتمع الدولي بأَسره؛ نظراً إلى بشاعة تفاصيل الجريمة، من التخطيط لها على أعلى مستوى وتكريس موارد السعودية لتنفيذها.