كم يبلغ عدد العظام في الجمجمة ؟ قد تعتقد أن جماجم الحيوانات تتكون من عظمتين: الجزء العلوي من الجمجمة والفك السفلي. ولكن في الواقع، الجماجم أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، وتحتوي على كثير من العظام، أكثر مما قد تتوقع.
بعض الحيوانات لديها عدد أكبر من العظام في جمجمتها عندما تكون صغيرة وفي مرحلة النمو، إلا أنها تندمج معاً لاحقاً.
وتحتفظ بعض الحيوانات بعشرات العظام في جمجمتها خلال مرحلة البلوغ.
لماذا توجد كثير من العظام في جماجم الحيوانات؟ وأي الحيوانات تحتوي جماجمها على عظام أكثر؟
22 عدد العظام في الجمجمة
تحتوي جمجمة الإنسان على 22 عظمة: 8 عظام قحفية و14 عظمة وجهية، وفقاً للمركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية (NCBI).
حتى إن عظم الجبين، وهو عظمة واحدة تُسمى الجبهية، تتكون في الحقيقة من عظمتين منفصلتين بالمواليد، ثم تلتحمان في أثناء النمو.
وبالمقارنة، تحتوي جماجم التماسيح على نحو 53 عظمة.
وكشف باحثون في مختبر ويتمر بجامعة أوهايو مؤخراً، عن هذا الرقم المذهل مع صورة لجمجمة تمساح مفككة شاركوها على منصة تويتر.
156 عظمة هو أكبر عدد مكتشف في هذا الحيوان
قال جاك تشينغ، عالِم التشريح الوظيفي في جامعة بافالو، لموقع Live Science، إن أجنّة الثدييات تحتوي على نحو 43 عظمة متميزة من الناحية التطورية، وقد يختلف عدد العظام التي تلتحم معاً بين مجموعات الثديات المختلفة.
وقال تسينغ: "يمكنني القول إنه من المحتمل جداً أن تجد فصائل من الجرابيات تقترب من هذا العدد من عظام الجمجمة".
بدوره قال براين سيدلوسكاس، الأستاذ المساعد والقائم على الأسماك بقسم المصايد والحياة البرية في جامعة ولاية أوريغون، إن العدد الأكبر من عظام الجمجمة حتى الآن هو 156 عظمة، ووُجد في حفرية لإحدى الأسماك المنقرضة.
وقال سيدلوسكاس: "تختلف الأسماك في عدد العظام الموجودة برؤوسها، ولكن العدد يتراوح بشكل عام في نطاق 130 عظمة تقريباً".
شكل العظام ومواضع التحامها وفق المرونة
أما لاري ويتمور، أستاذ التشريح والحفريات في قسم العلوم الطبية الحيوية بجامعة أوهايو، فقال إن عدد العظام بجماجم الفقاريات، وكيفية ملاءمتها بعضها مع بعض ومواضع التحامها ببعضها ببعض تختلف بشكل كبير جداً.
وقد تعكس كيفية استخدام الحيوان لجمجمته ومقدار المرونة التي يحتاجها.
وأضاف ويتمور أن الأسماك، على سبيل المثال، لديها جماجم تتميز بالحركية؛ وهذه الحركية ترجع إلى امتلاكها عظاماً أكثر في الجمجمة ومواضع التحام أقل لتلك العظام عن الفقاريات الأخرى.
حتى إن بعض أنواع الأسماك لديها فكَّان آخران، يُسميان فكّي البلعوم، يمتدان من داخل الفكّين الخارجيين، مثل تلك الشخصية الفضائية المرعبة في أفلام "Alien".
وقال ويتمور: "من أجل الحفاظ على هذه الحركة داخل الجمجمة، نحتاج مجموعة كاملة من العظام. نحتاج الحفاظ على تلك الروابط الميكانيكية التي تتيح للعضلات تحريك أجزاء من الجمجمة من دون أجزاء أخرى".
فرق بين عظام الحيوانات داخل الماء وخارجها
بالإضافة إلى عظام الجمجمة التي تشاركها الأسماك مع الحيوانات الأخرى، فإن لديها أيضاً عظاماً خيشومية، 4 عظام ملتحمة تغطي الفتحات الخيشومية.
ويقول باولو فيساردي، القائم على قسم الحيوان بمتحف إيرلندا للتاريخ الطبيعي، إن بعض البرمائيات تحتفظ بتلك العظام أيضاً، إلا أنها أصغر بكثير من العظام الخيشومية في الأسماك، بينما لا توجد مثل تلك العظام بجماجم الفقاريات الأخرى.
وقال فيساردي لموقع Live Science عبر البريد الإلكتروني: "الجمجمة نفسها تكون أكثر تبايناً في الأسماك عن الفقاريات الأخرى، لذا ليس من المستغرب أن تفكر في أن جميع الفقاريات الأخرى مشتقة من سلالة واحدة من الأسماك، بما قد يمثّل عنق الزجاجة لدراسة تنوع عظام الجمجمة في تلك المرحلة".
وأضاف فيساردي: "هذا يعني أن الفقاريات الأخرى لديها تركيبة محافظة للجمجمة إلى حد ما، حيث تحتوي معظم جماجمها على 22 عظمة. وعكس الفقاريات الأرضية، فإن الأسماك غير مضطرة إلى التعامل مع الجاذبية التي تسحب جماجمها إلى الأسفل، لذا تميل العظام إلى أن تكون أخف وزناً وأكثر مرونة عن عظام الجمجمة الموجودة في الحيوانات التي تعيش على اليابسة".
عظام الطيور تشبه أسلافها من الديناصورات
وفيما يتعلق بالطيور، يقول ويتمور إن عديداً منها يمتلك أيضاً جماجم عالية المرونة، وجاءت هذه المرونة وقابلية الحركة نتيجة فقدان بعض العظام التي كان يمتلكها أسلافهم الديناصورات.
تمتلك الطيور كثيراً من عظام الجمجمة في مرحلة التفريخ، ثم تلتحم عديد من تلك العظام معاً بحلول وقت بلوغها.
مع ذلك، فإنها تحتفظ بأكثر من عشرة عظام منفردة في تجويف العين العظمي.
وأضاف ويتمور: "تمتلك كثير من الطيور نحو 14 أو 15 عظمة في كل عين، أي 30 عظمة تقريباً بالعين فقط. وتوجد تلك التجاويف العظمية للعين في السحالي وبعض الأسماك أيضاً، إلا أن وظيفتها غير واضحة".
واختتم ويتمور قائلاً: "مع تطور الحيوانات عبر ملايين السنوات، أصبحت بعض عظام الجماجم أكبر، وبعضها أصغر، وبعضها ملتحمة وبعضها ضمُرت بالكامل. هذا التباين والتغير المستمر في عدد العظام بين المجموعات المختلفة أمر رائع يُبرز السمات الغنية للتطور على مر العصور".