يمكن أن تجعل البحيرات والغابات والضباب والثلوج في شبه جزيرة كولا، هذا الركن من روسيا يبدو كأنه لوحة مرسومة، لكن الغريب أنه في قلب هذا الجمال الطبيعي توجد أنقاض مركز سوفييتي مهجور للأبحاث العلمية.
في منتصف المنشأة المتهالكة، يوجد غطاء معدني ثقيل وصدئ مُثبت في الأرضية الخرسانية، مُغلق بواسطة حلقات من البراغي المعدنية السميكة والصدئة كذلك، يسميه البعض المدخل إلى الجحيم، فماذا يوجد أسفل هذا الغطاء؟
بئر سحيقة
توجد بئر كولا السحيقة، في أعمق حفرة اصطناعية على وجه الأرض وأعمق نقطة حفرها الإنسان، يبلغ عمقها 12.2 كيلومتر، وهي عميقة جداً لدرجة تجعل السكان المحليين يقسمون بأنه يمكن من خلالها سماع صراخ النفوس تتعذب في الجحيم، واستغرق السوفييت ما يقرب من 20 سنة، حتى يصلوا إلى هذا العمق.
كانت عملية الحفر لا تزال في ثلث الطريق بين قشرة الأرض ووشاحها، "وهي الطبقة الثالثة من طبقات الأرض"، عندما توقف المشروع بسبب الفوضى التي عرفتها روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، وخلال الحرب الباردة، كان هناك رغبة جامحة لحفر أعمق حفرة عرفها الإنسان.
اليابانيون يرغبون في الحصول على فرصة الآن
ووفقاً لموقع BBC Mundo الإسباني، يقول أولي هارمس، وهو عضو البرنامج الدولي لأعمال الحفر العلمية القارية، الذي عمل كخبير في البئر التي حفرها الألمان كمنافس لبئر كولا السحيقة: "كانت هناك منافسة بيننا، وكان أحد أسبابها الرئيسية أن الروس ببساطة لم يرغبوا في مشاركة معلوماتهم، عندما بدأ الروس أعمال الحفر، زعموا أنهم عثروا على مياه حرّة، وهو الأمر الذي لم يصدقه معظم العلماء لأنهم كانوا يعرفون أن القشرة شديدة الكثافة بحيث لا يمكن للماء اختراقها".
القيمة العلمية
كانت عينات الصخور التي يمكن الحصول عليها في هذه الآبار العميقة مهمة للعلم مثل أي شيء جلبته وكالة ناسا من القمر، وكانت الولايات المتحدة هي أول من أشعل فتيل السباق لاكتشاف باطن الأرض.
في نهاية الخمسينيات، وضعت المنظمة الأمريكية المتنوعة أول مخطط جدّي لاختراق طبقة الوشاح، لكن المنظمة تحولت إلى نادٍ للشرب؛ لأنه كان تجمّعاً غير رسمي شكله قادة المجتمع العلمي الأمريكي.
تعرض الجميع للفشل
حاول العلماء استخدام بعض التقنيات الروسية في أوائل التسعينيات وأواخر الثمانينيات عندما كانت روسيا أكثر استعداداً للتعاون مع الغرب، لكن لسوء الحظ، لم يكن من الممكن الحصول على الفريق اللازم في الوقت المحدد"، ومع ذلك، آلت كل هذه البعثات إلى الفشل.
كما كانت هناك مشكلات أخرى متعلقة بدرجات الحرارة المرتفعة التي تواجهها الآلة في عمق الأرض، إضافة إلى التكلفة والعراقيل السياسية.
كانت تكلفة بضعة أمتار من البازلت التي يمكنهم حفرها تعادل اليوم حوالي 40 مليون دولار أمريكي.
كان هذا الرقم ضعف ما كان متوقعاً في هذا العمق، ما جعل مواصلة المشروع أمراً مستحيلاً.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لم يتوفر المال اللازم لتمويل مثل هذه المشاريع، وبعد ثلاث سنوات تم إغلاق المنشأة بأكملها وأصبح المكان المهجور وجهة للسياح المغامرين، ولا تزال آلة الحفر الضخمة موجودة هناك، وهي عامل جذب سياحي.