شبَّه عمدة لندن، صادق خان، اللغة التي يستخدمها دونالد ترامب لحشد مؤيديه، بتلك التي كان يستخدمها "فاشيّو القرن العشرين"، في تعليقٍ فجَّر جدلاً قبيل زيارة الرئيس الأمريكي للندن، التي ستبدأ غداً الإثنين 3 يونيو/حزيران 2019.
وفي مقالٍ كتبه في صحيفة the Observer البريطانية، أدان خان الاستقبال الفخم لترامب وزوجته ميلانيا، عندما يحلان ضيفين على الملكة خلال إقامةٍ ستمتد لثلاثة أيامٍ، ويُتوقَّع أن تثير احتجاجاتٍ واسعةً في العاصمة يوم الثلاثاء المقبل.
وقال خان: "الرئيس دونالد ترامب هو أحد أوضح الأمثلة على التهديد العالمي المتنامي. اليمين المتطرف يصعد حول العالم، مهدداً حقوقنا التي ناضلنا لكسبها، وحرياتنا، والقيم التي تُعرِّف مجتمعاتنا الديمقراطية الحرة لأكثر من 70 عاماً".
وتابع، كمثل ترامب "يستخدم كلٌّ من فيكتور أوربان في هنغاريا، وماتيو سالفيني في إيطاليا، ومارين لوبان في فرنسا، ونايجل فاراج هنا في المملكة المتحدة نفسَ الخطاب التقسيمي الذي استخدمه فاشيو القرن العشرين لكسب التأييد، لكن بطريقةٍ خبيثةٍ جديدةٍ لإيصال رسالتهم. وهم يكسبون أرضيةً وسلطةً ونفوذاً في أماكن كانت أبعد من خيالهم منذ سنواتٍ قليلةٍ فقط".
ترامب يتدخل في بريطانيا
ويضيف خان، الذي اشتعلت عداوةٌ بينه وبين ترامب منذ صار عمدةً للندن عام 2016: "هذا رجلٌ حاول أيضاً استغلال خوف أهالي لندن في أعقاب هجومٍ إرهابيٍ مريعٍ على مدينتنا، وكان بوقاً يردد تغريدات مجموعات اليمين البريطاني العنصرية المتشددة، واستنكر الأدلة العلمية القوية المحذّرة من خطر التغير المناخي، معتبراً أنها أخبارٌ كاذبةٌ".
واتَّهم عمدة لندن الرئيسَ الأمريكي بأنه يحاول "بلا خجلٍ التدخل في انتخابات قيادة الحزب المحافظ، داعماً بوريس جونسون؛ لأنه يعتقد أن ذلك سيُتيح له كسب حليفٍ في حكومة المملكة المتحدة، يدعم أجندته التقسيمية".
وكان ترامب قد خرق أمس السبت، الأول من يونيو/حزيران 2019، معاهدةً دبلوماسيةً تنصُّ على أنَّه لا يحقُّ للقادة السياسيين التدخُّل في شؤون السياسة الداخلية لأي بلدٍ آخر، خصوصاً قُبيل الزيارات، عبر تأييده لجونسون في مواجهة تيريزا ماي، في مقابلةٍ أجراها مع صحيفة The Sun البريطانية. وفي المقابلة نفسها، وصَفَ ميغان ماركل، دوقة ساسكس، بأنها "بذيئة".
وفي مقابلةٍ أخرى أجرتها معه صحيفة Sunday Times، قال إنه يريد أن "يعرف" جيرمي كوربين قبل أن يتشارك معه معلوماتٍ استخباراتيةً أمريكية، واقترح أن يستكمل نايجل فاراج المفاوضات مع بروكسل، إذا لم يتمكَّن الاتحاد الأوروبي من منح بريطانيا ما تريده.
من جهته لم يخفِ ميل سترايد، رئيس مجلس العموم المعين حديثاً، دهشته حيال تعليقات ترامب، وقال إن الرئيس، وإن كان حراً في رأيه، لكنه لن يختار رئيس الوزراء البريطاني القادم.
أما كوربين، فقد قال: "إن محاولة الرئيس ترامب تحديد مَن سيكون رئيس وزراء بريطانيا القادم هي تدخلٌ غير مقبولٍ على الإطلاق في ديمقراطية بلادنا. لن يختار رئيس الوزراء البريطاني القادم لا الرئيس الأمريكي، ولا أعضاء الحزب المحافظ، البالغ عددهم 100 ألف عضو، والذين لا يمثلون إلا أنفسهم، بل سيختاره الشعب البريطاني في انتخاباتٍ عامةٍ".
وأما جو سوينسون، نائبة رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار، فتقول: "لا يجدر بنا أن نتفاجأ حين نرى أن ترامب يدعم بوريس، هما من نفس العجينة. بوريس جونسون هو ما ستحصل عليه لو أنك أرسلت ترامب لجامعة إيتون".
وتتابع: "كلاهما غير جديرٍ بالقيادة، وكلاهما يستمتعان بالإساءة للناس، وكلاهما يمثل تيار الطائفية والشعبوية الذي نحتاج لحركةٍ ليبراليةٍ لتقف في وجهه".
احتجاجات واسعة ضد ترامب
وكان ترامب قد تحدَّى خان في اختبارٍ لقياس مستوى الذكاء عام 2016، حين قال عنه العمدة إن آراءه حول الإسلام تتسم "بالجهل".
ومن ثم، وفي أعقاب الهجوم الإرهابي على جسر لندن وسوق بورو عام 2017، اتهم ترامب خان بأن سلوكه "مثيرٌ للشفقة". وفي يوليو/تموز من العام الماضي، قال ترامب إن خان قد "فشل فشلاً ذريعاً في ملف الإرهاب".
ويقول منظمو احتجاجات، الثلاثاء، إنهم سيُسجلون اعتراضاتهم على ترامب، وآرائه، بما فيها تلك المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، الذي أوضح الرئيس الأمريكي بما لا يدع مجالاً للشك أنه يدعمه.
ومن المتوقع أن يشارك نحو 250 ألف فردٍ في الاحتجاجات التي ستقام وسط لندن في تمام الساعة 11 صباحاً، في طريقٍ بين ميدان ترافالغار وساحة البرلمان، حين يلتقي ترامب بتيريزا ماي في مقر الحكومة.
ويزعم مُنظِّمو التظاهرة أن مسؤولين من الولايات المتحدة ضغطوا على شرطة المدينة لفرض "منطقة إقصاءٍ" غير مسبوقةٍ، حول مسار رحلة ترامب، لإبقائه بعيداً عن العامة.
وتقتضي إحدى الخطط فرض "سياجٍ" أو "حظيرةٍ" لإبقاء المتظاهرين في ساحة وايتهول التي تبعد نحو 70 متراً عن مقر الحكومة؛ لإبقائهم خارج نطاق السمع أثناء اجتماع ترامب بتيريزا ماي.
ويقول المنظمون أيضاً إنه من المُتوقَّع أن يوضع بالون "ترامب الطفل" الضخم في ميدان ترافالغار، لكن لن يحدث ذلك إلا إذا وصلت التبرعات على صفحة "ضد سياسات الكراهية والتقسيم" إلى 30 ألف جنيه إسترليني.