صوَّت أعضاء الكنيست الإسرائيلي، في ساعة مبكرة من صباح الخميس 30 مايو/أيار 2019، بحل المجلس، وهو ما يمهد لإجراء انتخابات ثانية في غضون شهور؛ بعدما فشل رئيس الوزراء اليميني، بنيامين نتنياهو، في تشكيل ائتلاف حاكم قبل انتهاء مهلة عند منتصف الليل.
تصويت بحل الكنيست الإسرائيلي
كان نتنياهو قد بدأ، في أبريل/نيسان 2019، في الطريق لولاية خامسة بعدما حصد حزب الليكود بزعامته 35 من مقاعد الكنيست المئة والعشرين، رغم أنه يواجه اتهامات محتملة في ثلاث قضايا فساد. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات، ويتهم معارضيه بشن حملة اضطهاد ضده.
لكن بعد أسابيع من المفاوضات، أخفق في التغلب على الانقسامات بين حلفائه العلمانيين والمتدينين، وصوَّت البرلمان في ساعة مبكرة من صباح الخميس، بأغلبية 74 صوتاً مقابل 45، بحل نفسه.
ومن المقرر أن تُعقد الانتخابات الجديدة في 17 سبتمبر/أيلول 2019.
ومن المتوقع على نطاق واسع إجراء الانتخابات في سبتمبر/أيلول 2019 لتكون الثانية هذا العام. ويقول المعلقون إن هذه واقعة لم يسبق لها مثيل حتى في بلد معتاد على التشاحن السياسي، كما تمثل ضربة لنتنياهو الذي أعلن الفوز في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في التاسع من أبريل/نيسان 2019.
وكان من المقرر أن يصبح رئيس الوزراء صاحب أطول فترة في المنصب في الصيف.
إعادة الانتخابات لا تمثل نكسة لنتنياهو
لكن إجراء انتخابات جديدة لا يمثل انتكاسة كبيرة لنتنياهو بالنظر إلى البديل الآخر، حيث كان من المحتمل أن يطلب الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين من أحد السياسيين الآخرين تشكيل ائتلاف حاكم.
ولا ترغب الأحزاب الدينية في تطبيق التجنيد الإلزامي على طلاب المدارس اليهودية.
وندد نتنياهو بالخلاف حول التجنيد، ووصفه بأنه خدعة "درامية". وقال للصحفيين: "إنه أمر لا يصدق. أفيجدور ليبرمان أصبح الآن جزءاً من اليسار.. من الواضح تماماً أنه يريد إسقاط هذه الحكومة… لجمع بضعة أصوات أخرى".
وفي مواجهة احتمال تنحيه جانباً ورؤية أحد منافسيه السياسيين يطيح به إلى الهامش، حشد نتنياهو الأصوات اللازمة لحل الكنيست المؤلف من 120 عضواً.
ويواجه نتنياهو احتمال توجيه اتهامات له في ثلاث قضايا فساد، لكنه نفى ارتكاب أي مخالفات.
ومن المقرر أن يدافع عن نفسه في جلسة تسبق المحاكمة في أكتوبر/تشرين الأول في مواجهة اتهامات بالرشوة والاحتيال أعلن المدعي العام في شباط/فبراير أنه يعتزم توجيهها له.
ونتنياهو يتعهد بالفوز
حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حزبه المحافظ "الليكود" سيفوز بالانتخابات المبكرة التي جرت الدعوة إليها؛ بعدما فشل في تشكيل حكومة ائتلافية قبل انقضاء مهلة تشكيلها.
وقال نتنياهو للصحفيين بعدما صوَّت الكنيست (البرلمان) بحل نفسه: "سنخوض حملة انتخابية نشطة وواضحة تحقق لنا النصر. سنفوز، سنفوز والشعب سيفوز".
كان عضو الكنيست عن حزب الليكود ميكي زوهر، تقدَّم بمشروع حلّ الكنيست الأحد الماضي في محاولة من نتنياهو للضغط على الأحزاب اليمينية للتوافق على حل لأزمة قانون التجنيد الذي يصر زعيم حزب "إسرائيل كلنا" وزير الدفاع السابق، على إقراره، ويرفضه الحزبان الحريديان (الأصوليان): "يهدوت هتوراه" و"شاس".
وجاء تصويت أعضاء الكنيست على حله، بعد ليلة قد تكون من أكثر الليالي درامية في تاريخ إسرائيل السياسي، إذ دقَّ نتنياهو الأبواب الممكنة كافة، من أجل التمكن من تشكيل ائتلاف حكومي، لدرجة تقديمه عرضاً لزعيم حزب العمل اليساري المعارض آفي جاباي، شمل عدة وزارات ومناصب وتنازلاً عن تشريعات مثيرة للجدل، مقابل ضمه إلى ائتلافه الحكومي، لتجنب حل الكنيست، في خطوة وصفها مراقبون إسرائيليون بـ "المُذلّة".
وسعى نتنياهو إلى تحقيق أحد خيارين فقط، لمنع تكليف غيره تشكيل الحكومة، إذ سعى أولاً إلى إيجاد صيغة توافقية بين الحزبين الحريديَّين، وليبرمان، وثانياً إلى ضمان أغلبية في الكنيست للتصويت على حله، لمنع منح الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، الفرصة لتكليف عضو كنيست آخَر مهمة تشكيل الحكومة.
الإطاحة بنتنياهو
وفي إشارة أخرى إلى رغبة نتنياهو القوية في تولي فترة جديدة رئيساً للوزراء، قال حزب العمل المعارض المنتمي لتيار يسار الوسط إنه تلقى عرضاً بالانضمام إلى ائتلاف بقيادة الليكود، لكنه رفض هذا العرض. ولم يؤكد الليكود، الذي قال إنه يعتزم قيادة حكومة يمينية، أو ينفِ هذه الأنباء.
وقال ليبرمان الأربعاء 29 مايو/أيار 2019 إنه لن يتراجع عما وصفها بأنها مسألة مبدأ بشأن قضية التجنيد الإجباري، ونفى مزاعم الليكود بأن نيته الحقيقية تتمثل في الإطاحة بنتنياهو وقيادة "معسكر قومي".
وكان ليبرمان استقال 2018 من منصب وزير الدفاع في خلاف مع نتنياهو بسبب السياسات تجاه غزة.
وكان اهتمام الرأي العام بتشكيل حكومة ائتلافية أقل مقارنة بتركيزه على التحركات التي كان يخطط لها أنصار نتنياهو في البرلمان لمنحه الحصانة وإصدار قانون يضمن عدم قدرة المحكمة العليا على إلغائها.
الانتخابات الجديد قد تعرقل الخطة الأمريكية للسلام
وقد تؤدي الانتخابات الجديدة إلى تعقيد جهود الولايات المتحدة للمضي قدماً في خطة السلام التي وضعها الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ورفض الفلسطينيون الخطة حتى قبل إعلانها باعتبارها ضربة لطموحاتهم في إقامة دولة.
ويزور فريق البيت الأبيض الذي يقف وراء الخطة، ويضم صهر ترامب غاريد كوشنر، الشرق الأوسط لحشد الدعم "لورشة عمل" اقتصادية في البحرين الشهر المقبل، لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. ووصل الفريق إلى إسرائيل الأربعاء 29 مايو/أيار 2019 ومن المقرر أن يجتمع مع نتنياهو الخميس 30 مايو/أيار 2019.
وقبل ثلاث ساعات من انقضاء مهلة تشكيل الحكومة، أعلن حزب الليكود أنه حصل على تأييد 60 من أعضاء البرلمان الـ120 لتشكيل ائتلاف، لكنه لم يصل إلى الأغلبية.