عندما ألغى وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو زيارته إلى ألمانيا الأسبوع الماضي بصورة مفاجئة ليسافر إلى العراق، تاركاً موعده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ساد الأوساط الدبلوماسية شعورٌ عميق بالقلق، لا سيما أن أسباب بومبيو وراء هذا التغيير في مساره كانت شديد الغموض.
المعلومات تفيد بأن صواريخ باليستية إيرانية عُثر عليها في العراق
وفقاً لرئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، جاءت زيارة بومبيو المفاجئة للعراق بعد أن أشارت الاستخبارات الإسرائيلية إلى "عثورها على مخزون من الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق"، بحسب ما ذكرته مجلة Foreign Policy الأمريكية.
وفي مقابلة مع قناة "الشرقية" العراقية، قال علاوي إنه التقى مؤخراً مسؤولين أمريكيين بارزين في العاصمة الأردنية عمَّان أخبروه بما توصلت إليه المخابرات الإسرائيلية، والذي تضمن "صوراً من الأرض وليس من الأقمار الصناعية فحسب".
إسرائيل هي التي زوّدت الأمريكان بالمعلومات بناءً على صور حصلت عليها من الأرض
وقال علاوي للمحطة التلفزيونية: "المخابرات الإسرائيلية التقطت صوراً لمنصات الصواريخ" في البصرة جنوبي العراق، "بعد وقت قصير من قصفها حماس في غزة".
وأضاف علاوي أن "المعلومات الاستخباراتية تظهر أن الصواريخ موجهة إلى دول الخليج"، التي تشارك في مواجهات جيوسياسية مع إيران.
بناءً على هذه المعلومات تحركت أمريكا لجمع المزيد من المعلومات وتدارك الأمر
ونتيجة لذلك، "قررت الولايات المتحدة إجراء المزيد من التحقيقات حول الأمر والتحدث مع المسؤولين العراقيين المعنيين، وهذا هو السبب وراء زيارة بومبيو".
وتحدثت إدارة ترامب في الأسابيع الأخيرة عن تهديدات إيرانية غير محددة باعتبارها مبرراً لنشر مجموعة من حاملات الطائرات وقاذفات من طراز بي 52 وصواريخ باتريوت في الشرق الأوسط.
وأشارت التقارير الإخبارية إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن إيران تنقل صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى قوارب تستقر في الخليج .
الخارجية الأمريكية رفضت التعليق على تصريحات علاوي، لكنها أكدت وجود تهديدات
ولدى سؤاله عن تصريح علاوي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "لا نعلق على مزاعم حول تقارير استخباراتية"، لكنه أضاف قائلاً: "التهديدات التي دفعتنا إلى اتخاذ إجراءات احترازية في العراق مرتبطة مباشرة بإيران. إذ كانت التهديدات واضحة وموجهة إلى الموظفين الأمريكيين في العراق".
ويمكن لمزاعم علاوي أن توضح جزءاً من السبب الذي دفع وزارة الخارجية الأمريكية إلى توجيه الأوامر لموظفي الحكومة غير الضروريين بمغادرة السفارة الأمريكية في بغداد والقنصلية الأمريكية في أربيل.
خبير أمني عراقي يرجّح صحة هذه المعلومات ويتوقع مكان وجود هذه الصواريخ
وقال هشام الهاشمي، وهو خبير أمني وسياسي عراقي، لمجلة Foreign Policy إنه يعتقد أن "المعلومات التي قدمها علاوي صحيحة". وأضاف أن "الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق قواعد قوات الحشد الشعبي في العراق لجمع المعلومات الاستخبارية".
وأوضح الهاشمي أن الصواريخ مخزنة في قواعد في جرف الصخر، وهي مدينة تقع جنوب بغداد وتبعد عنها 64 كم، ومدينة النخيب غرب العراق.
وكانت قوات الحشد الشعبي في البداية عبارة عن جيش مؤقت معظم أفراده من الشيعة، وقد تكوَّن لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2014، لكن العديد من المراقبين العراقيين يعتقدون أن لدى إيران نفوذاً كبيراً في هاتين القاعدتين.
وليس من المستغرب في نظر أغلب المحللين العراقين أن إيران تُدرّب وتسلّح بعضاً من قوات الحشد الشعبي. والجدير بالذكر أنه في أعقاب ظهور داعش، زوّدت كل من إيران والولايات المتحدة قوات الأمن العراقية بالتدريب والمعدات، لكن إيران استمرت في دعم جزء كبير من قوات الحشد الشعبي.
والولايات المتحدة معرضة للخطر أيضاً، إذ إن هناك أكثر من 5 آلاف جندي أمريكي في العراق ولديها أكبر سفاراتها في بغداد، بالإضافة إلى العديد من المصالح الاقتصادية في البلاد بما في ذلك عائدات نفط شركة إكسون موبيل.
وقد أخبر بومبيو المراسلين الصحفيين لدى سفره إلى العراق الأسبوع الماضي بأنه "يريد الذهاب إلى بغداد للتحدث مع القيادة هناك، لطمأنتهم بأننا على أهبة الاستعداد لمواصلة ضمان بقاء العراق دولة مستقلة ذات سيادة".
ولكن عندما زاد المراسلون في إلحاحهم، قال: "لا أرغب في الخوض في تفاصيل ذلك فحسب".