كل يوم، يعبر البشر عن أنفسهم وعن مشاعرهم بعدد لا يحصى من الطرق، فمن خلال الكلام والتخاطب ولغة الجسد وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت يمكننا أن ننقل كل ما نريد التعبير عنه.
الحيوانات أيضاً لديها مجموعة من استراتيجيات الاتصال فيما بينها، والتي تتواصل وتعبر من خلالها عن كل ما تريده وهي تختلف تماماً عن الطرق التي يتواصل بها الإنسان.
إن طرق التواصل بين الحيوانات تساعد في إعطاء أفراد الجماعة تنبيهاً مسبقاً في وجود خطر، وهي وسيلة لإرشاد الآخرين لأماكن تواجد الطعام، ووسيلة للدعوة إلى التزاوج وغيرها.
الدببة..قدرة مذهلة على تمييز الروائح
غالباً ما تُرى هذه المخلوقات وهي تفرك ظهورها في الأشجار وتعضها أحياناً، وتظل في هذه الحالة لفترة طويلة، وفي النهاية يتناثر الفرو السميك للدب عند الشجرة، وتتكون خدوش على الشجرة تحمل رسالة واضحة إلى الدببة الأخرى في المنطقة: "هذه أرضي".
تستخدم الدببة أيضاً مجموعة من الإشارات الكيميائية لتأكيد سيطرتها على المنطقة، على سبيل المثال، يتم عادة نشر البول وإفرازات الغدة الشرجية على النباتات في الغابة.
الدببة لديها مقدرة مذهلة على تمييز هذه الرائحة، لذلك تكتشف هذه العلامات الكيميائية بسهولة.
والدببة لها غدد عرقية كبيرة بين أصابع قدميها. بينما تتجول في كل مكان، تطلق أقدام المخلوقات رائحة مميزة، هذه الرائحة النفاذة تكشف عن جنس الدب وحالته الإنجابية.
الدببة الذكورية الكبيرة يمكن أن تقتل بعضها البعض، أو تتسبب في إصابات خطيرة لبعضها البعض عندما تدخل في قتال. إذا تعرف أحدهما على الآخر من علامات الخدوش على الشجر أو من خلال الرائحة، فهو يعرف أنه سيخوض معركة صعبة -إنه على رقعة الرجل الآخر إذا جاز التعبير- لذلك قد يكون من الأفضل التراجع عن المعركة.
الفطريات..إنترنت أرضي
يتكون الجسم الرئيسي لمعظم الفطريات من شبكة من الهياكل تشبه الخيوط وتسمى خيوط الميكيليوم. ويمكن أن تمتد لأميال تحت الأرض، وكأنها إنترنت أرضي.
يمكن أن تنمو هذه الشبكات المترامية الأطراف إلى أحجام فلكية، حيث تعتبر التربة المحيطة بالجبال الزرقاء في أوريغون بالولايات المتحدة موطناً لشبكة فطرية تمتد على مساحة 2384 فداناً. هذه الفطريات التي عمرها 2400 عام هي أكبر كائن حي على الأرض.
الفطريات لها علاقة تبادل منفعة مع 90في المئة من جميع النباتات البرية، تتشكل الشبكات الفطرية حول جذور النباتات والأشجار وتحميها من البكتيريا الضارة، وتحسن من امتصاص المغذيات، فهي تحلل المواد النباتية، وتحافظ على التربة السليمة، وتغذي العناصر الغذائية من نبات لآخر.
على سبيل المثال، يستخدم العديد من أنواع الأشجار هذه الشبكات لمشاركة العناصر الغذائية مع الأشجار الصغيرة التي تعاني من سوء التغذية. يمكن للنباتات الفردية أن تتحدث بشكل أساسي مع بعضها البعض من خلال الشبكة، وفي مقابل هذه الخدمة، تتلقى الفطريات مصدراً للكربوهيدرات.
في عام 2010، اكتشف الباحثون الصينيون أن نباتات الطماطم تستخدم هذه الهياكل الفطرية لإرسال إشارات استغاثة.
بعد أن تواجه كائناً قاتلاً، ستستخدم النباتات المصابة الشبكات الفطرية لتبادل المعلومات مع جيرانها. ثم تقوم النباتات الصحية بإنتاج إنزيمات دفاعية لمقاومة المرض.
النحل.. الرقص للتواصل!
خلال فصل الربيع، يقوم النحل بالتجول في الريف بحثاً عن الرحيق وحبوب اللقاح، يجب على كل نحلة أن تنقل نتائجها مع بقية أفراد الخلية. يستخدم نحل العسل روتيناً محدداً جداً للرقص للقيام بذلك فيما يعرف برقصة waggle.
للوهلة الأولى قد يبدو الرقص عشوائياً، لكنه في الواقع ينقل الكثير من المعلومات المفيدة للغاية.
النحلة ترقص وتهز أجنحتها أثناء المشي في خط مستقيم، ثم تدور إلى موقعها الأول وتفعل ذلك مرة أخرى.
اتجاه الرقص في النحل يحدد الطريقة التي يجب أن يطير بها فيما يتعلق بالشمس. إذا كانت الراقصة تهتز لأعلى، فإن الطعام يقع في اتجاه الشمس في الأفق. إذا كانت النحلة متجهة لأسفل أثناء الرقص، فسيكون الطعام في الاتجاه المعاكس للشمس في الأفق، ومقدار وقت الرقص يحدد المسافة.
قد تزود النحلة الراقصة المتفرجين بعينة مما عثرت عليه، من خلال تقيؤ بعض الرحيق من معدتها للحصول على فكرة أفضل عن نوع الزهرة التي يبحثون عنها.
الأفيال.. سمع شبه خارق
قامت الدكتورة جويس بول، الخبيرة في سلوك الأفيال باستخدام معدات التسجيل الصوتي لالتقاط أصوات الأفيال.
بعد أن قامت بدراسة الفيلة لمدة 40 عاماً، يمكن لبول أن تتنبأ بشكل موثوق بما سيفعله الفيل بناءً على الموقف والحركة والأصوات.
إن ترجمة عبارة "مرحبا" عند الفيل تتمثل في رفع خرطومه إلى الوراء ومن ثم تدليته لأسفل مع إصداره نبرة صوتية معينة، حيث ثمة ارتباط بين الحركات التي يقوم بها والأصوات التي يصدرها.
استخدمت بول نتائجها لإنشاء قاعدة بيانات للغة الأفيال، ساعدت حتى في تطوير برنامج "هلو إن إليفانت" الذي يتيح ترجمة أصوات الأفيال إلى كلمات مفهومة للبشر.
وعندما يواجه الفيل خطر محتمل ينبه حلفاءه عن طريق التعبير بمزيج من الأصوات العالية والمنخفضة التردد.
يمكن للأفيال التواصل عبر مسافات شاسعة تحت مستوى السمع البشري بأقل من 20 هرتز، وهو المستوى الأدنى لما يمكن للناس سماعه. نظراً لأن الأصوات منخفضة التردد تنتقل لمسافة أبعد من الأصوات عالية التردد، فإن الاتصالات بين الأفيال يمكن أن تنتقل إلى عدة أميال عبر الأرض.
خرطوم الفيل يتمتع بحاسة شم قوية جداً وذلك لأن لديها عدداً كبيراً جدآ من أجهزة الاستشعار الخاصة بحاسة الشم.
تستنشق الفيلة وتتذوق كلاً من البول والبراز وإفرازات المواد الكيميائية.
أثناء مراسم التزاوج، تصبح الإناث متحمسة لدرجة أنها تتغوط وتبول في كل مكان، وتوجد معلومات مهمة حول الحالة الفسيولوجية لعضو القطيع في هذه الروائح، ويستخدم الفيل خرطومه أيضاً أثناء الاحتكاك الاجتماعي لتعزيز الروابط بين أفراد الأسرة المقربين.