"عندما يتعلق الأمر بالقادة، فإننا لا نهتم بالكفاءة بقدر ما ينبغي، سواء في السياسة أو في عالم الأعمال".
هذا ما يقوله توماس تشامورو-بريموزيتش، العالم النفسي ومؤلف كتاب Why So Many Incompetent Men Become Leaders (لماذا يصبح الكثير من الرجال غير الأكفاء قادة) في كتابه الذي يناقش فيه أن أحد الأسباب التي تجعل من الصعب على النساء الوصول إلى مناصب قيادية، أننا كمجتمع، نحب عدم الكفاءة لدى الرجال، لدرجة أننا نكافئهم على ذلك.
لماذا يصبح غير الأكفاء قادة؟
بحسب موقع BBC Mundo الإسباني، عندما يتعيَّن علينا اختيار قائد في السياسة أو الأعمال، فإننا نواجه مسؤولية كبيرة، لكننا، وبشكل غير مفهوم، نختار دون "اختبار أو التحقق مما إذا كانت خياراتنا جيدة بالنسبة لنا، أو لمنظمتنا، أو حتى بالنسبة للبلد الذي نختارهم لقيادته".
يقول عالم النفس: "نتخذ القرارات باختيار القادة، دون أن نمتلك المعلومات التي نحتاجها لمعرفة ما إذا كانوا سوف يؤدون أدوارهم جيداً أم لا، وبالتالي، نركز أكثر في مظهرهم وما يبدو أنهم يستطيعون تقديمه أكثر من قدرتهم الحقيقية على القيادة".
وتابع: "في المقام الأول، نركز على مصداقية الشخص أكثر من اللازم، ونعطي الكفاءة أهمية أقل، وكثيراً ما نختار بناء على التعامل لوقت قصير، كمقابلة عمل أو مناظرة تلفزيونية (في حالة القادة السياسيين)".
وأضاف: "في المقام الثاني، نركز اهتمامنا على الكاريزما أكثر من التواضع".
وفقاً لتشامورو، قد نولي اهتماماً للتواضع، لكننا في النهاية نفضّل القادة المرحين والجذابين والمؤثرين، لكن ما أدرانا أن هؤلاء سيقومون بأدوارهم كما ينبغي؟
وثالثاً، وربما تلك هي الأكثر إثارة للقلق: نحن نحب الزعماء ذوي الميول النرجسية، وفقاً لعالم النفس.
يقول: "عندما يبدو أحدهم شديد التركيز على ذاته ومهتماً بتحقيق مصالحه وأهدافه الشخصية، ومغرور بالإضافة إلى ذلك كله، بدلاً من أن نفكر في إقالته، نعتقد أن (هذا النوع يتمتع بمؤهلات القيادة)".
وفقاً للبيانات التي تم تجميعها من عدة دراسات عن الشخصية، على مدار عقود، ومن جميع أنحاء العالم، فإن هذه الأوصاف الثلاثة شائعة بين الرجال أكثر من النساء، وهذا يفسر انتشار القادة السيئين من الرجال، وفقاً لتشامورو.
الأسباب التي تجعلنا نستمر في تكرار أخطائنا ونختار القادة غير المناسبين
ربما لا نريد حقاً "أفضل شخص" لهذا المنصب، كما يقول الطبيب النفسي الذي تابع قائلاً: "من الناحية النظرية، نعم، بالطبع، لكن أين الدليل؟"
بالنظر إلى الإحصائيات، يقول تشامورو إنّه: "في معظم الأوقات، يركز قسم الموارد البشرية على الأهداف ذاتها للمديرين التنفيذيين الآخرين للشركة، التي لا تنظر إلى المدى البعيد، مثل (هذا الشخص سيجعلني أبدو جيداً)، أو (سوف يحل هذه المشكلة بسرعة)، أو حتى (لن يحاول تغيير المنظمة، وسوف يفعل ما أقول)".
كيف يمكن كسر هذه الحلقة؟
يقول تشامورو إنَّ هناك ثلاث خطوات أساسية في أي شركة، أو نظام ديمقراطي، حسب الحالة، يجب على الجميع اتباعها لتجنُّب تعيين القادة غير الأكفّاء.
1. سواء كنت توظّف أحدهم أو تدلي بصوتك، لاحظ بعناية جميع المؤشرات وابحث عن الصفات التي تجعل الشخص قائداً أفضل.. هذه المميزات التي تبحث عنها هي:
- الكفاءة
- المهارات الاجتماعية
- التواضع
- الوعي الذاتي
- النزاهة
- الشغف والقدرة على التعلّم
2. نحتاج أن نتعلم عدم الثقة في حدسنا، وأن ننسى اتباع الحدس أو الشعور، وأن نبحث بدلاً من ذلك عن المعلومات.
ابحث عن البيانات المهمة كلما أمكن ذلك، مثل نتائج التقييمات التنبؤية، وبيانات الاختبارات النفسيّة، واختبارت الأداء، ويجب أن تعتمد هذه البيانات على الكفاءة الفعلية في القيادة وليس على قدرة الشخص في تنفيذ سياسات المؤسسة.
يقول الخبير: "المنظمات مليئة بالبيانات، لكن معظمنا لا يستخدمها، ونختار الأشخاص الذين نشعر أننا نحبهم".
3. مواجهة التنوع الجنسي سوف يحلّ مشكلة كبيرة، ينتقد تشامورو التمييز الإيجابي في حدِّ ذاته، ووفقاً له: "هذه الأساليب تفشل دائماً لأنها تركز على النوع بدلاً من الكفاءة".
يقول عالم النفس: "إذا أردت العثور على حلٍّ، لا تقلل رتبة النساء ذوات الكفاءة حتى يمكن أن يصبحن قائدات، ولا ترفع رتبة الرجال غير الأكفاء".
هل النساء هنَّ الحل؟
يقول تشامورو: "الحل ليس في النساء؛ بل في جدية تقييم المهارات والقدرات".
عندما تستهدف منظمة ما المهارات والإمكانات "فلن ينتهي بها الأمر بوجود المزيد من النساء في المناصب القيادية فحسب، بل أكثر من الرجال أيضاً".
وفقاً للبيانات الحالية، يقول تشامورو إنَّ: "النساء يتفوقن قليلاً على الرجال في خصائص مثل التواضع والقدرة على التحفيز والوعي الذاتي، ويتمتعن بالمهارات الاجتماعية، وقبل كل شيء الكفاءة"، وأضاف: "في غالبية الدول المتقدمة تتفوق الطالبات على الطلاب في الجامعات، حتى في الدراسات العليا".