قد تعيد الأمل لفاقدي النطق..علماء يُطوِّرون تقنية لتحويل نشاط الدماغ إلى حديث

في المستقبل، سوف يصبح بإمكان واجهات الدماغ الآلية إعادة القدرة على الكلام للأشخاص الذين فقدوا أصواتهم بسبب حالات مثل الشلل أو سرطان الحنجرة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/04/30 الساعة 17:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/06 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
علماء يُطوِّرون تقنية لتحويل نشاط الدماغ إلى حديث

تمكَّن علماء من تطوير وحدة لفك الترميز يمكنها ترجمة نشاط الدماغ إلى حديث.

في المستقبل، سوف يصبح بإمكان واجهات الدماغ الآلية إعادة القدرة على الكلام للأشخاص الذين فقدوا أصواتهم بسبب حالات مثل الشلل أو سرطان الحنجرة أو التصلب الجانبي الضموري والشلل الرعاش.

قال إدوارد تشانغ، أستاذ جراحة الأعصاب بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: "لأول مرة.. تمكنا من الحصول على عبارات صوتية كاملة بناء على النشاط الدماغي". وأضاف المشارك الرئيسي بهذا العمل:

"إنه دليلٌ مُبشِّر على أن بإمكاننا الآن، باستخدام تلك التقنية التي أصبحت في المتناول بالفعل، تصميم جهاز قابل للتطبيق سريرياً على المرضى الذين فقدوا قدرتهم على الكلام".

تمثيل أصوات الكلام في الدماغ

بحسب صحيفة The Guardian البريطانية؛ تبشِّر هذه التقنية بتحسين حياة الأشخاص الذين يعتمدون على وسائل الاتصالات البطيئة والتي تجعل التواصل معهم مستحيلاً.

إذ تعمل أجهزة تأليف الكلمات، مثل التي كان يستخدمها الراحل ستيفن هوكينغ، على تهجئة الكلمات حرفاً بحرف باستخدام حركات الأعين أو عضلات الوجه.

وتسمح للأشخاص بالحديث بمقدار ثماني كلمات في الدقيقة، مقارنة بمتوسط 100-150 كلمة للحديث الطبيعي.

ووصفت كيت واتكينز، أستاذة علم الأعصاب الإدراكي بجامعة أوكسفورد، هذا العمل الأخير بأنه "تقدم ضخم وكبير". وقالت: "قد يمثّل ذلك أهمية كبيرة لتزويد الأشخاص الذين يعانون من عدم قدرتهم على التواصل بجهاز يتحدث عنهم".

كانت المحاولات السابقة لترجمة أنشطة الدماغ صناعياً إلى حديث تركّز بشكل أكبر على اكتشاف كيفية تمثيل أصوات الكلام في الدماغ، وحققت نجاحاً محدوداً.

بينما حاول تشانغ وزملاؤه تجربة شيء مختلف. استهدفوا مناطق الدماغ التي ترسل التعليمات اللازمة لتنسيق تسلسل حركات اللسان والشفاه والفك والحنجرة أثناء الكلام.

وقال غوبالا أنومانشيبالي، عالم الكلام بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، والمؤلف الأول للورقة البحثية: "فكرنا إذا كانت مراكز الكلام في الدماغ تقوم بترميز الحركات بدلاً من الأصوات، ربما علينا أن نحاول بالمثل فك ترميز تلك الإشارات".

ونظراً لسرعة ودقة وتعقيد الحركات التي يؤديها الناس أثناء الكلام، واجهت هذه المهمة تحدياً صعباً، نُشر في ورقة بحثية بمجلة Nature.

واستعان الفريق بخمسة متطوعين على وشك الخضوع لجراحة أعصاب لعلاج الصرع. وخلال التحضير للجراحة، قام الأطباء بزراعة أقطاب كهربائية مؤقتة في الدماغ لتحديد مصادر النوبات التي تصيب المرضى.

وعند وضع الأقطاب الكهربائية في مكانها، طُلِبَ من المتطوعين قراءة بضع مئات العبارات بصوت مرتفع، بينما يسجّل العلماء نشاط المنطقة الدماغية المعروفة بإنتاج الكلام.

قناة صوتية افتراضية

كان الهدف فك ترميز الكلام باستخدام عملية من خطوتين: ترجمة الإشارات الكهربائية في الدماغ إلى حركات صوتية ثم ترجمة تلك الحركات إلى أصوات كلامية.

لم يحتاجوا لجمع بيانات الخطوة الثانية بفضل إجراء باحثين آخرين في وقت سابق بتجميع مكتبة كبيرة من البيانات تظهر كيفية ارتباط الحركات الصوتية إلى أصوات كلامية. وتمكنوا من استخدام ذلك للهندسة العكسية لما قد تبدو عليه الحركات الصوتية للمرضى.

ثم قاموا بإعداد خوارزمية تعلُّم آلي تطابق أنماط النشاط الكهربي في الدماغ مع الحركات الصوتية التي تقوم بإنتاجها، مثل الضغط على الشفتين معاً، وشد الأحبال الصوتية ورفع اللسان إلى سقف الحلق. ووصفوا التقنية بأنها "قناة صوتية افتراضية" يمكن التحكم بها مباشرة عن طريق الدماغ لإنتاج "تقدير اصطناعي" لصوت الشخص.

وبدت العينات الصوتية للحديث أشبه بصوت الإنسان الطبيعي، ولكن بلكنة أجنبية قوية.

ولاختبار مدى الوضوح، طلب العلماء من مئات الأشخاص الاستماع إلى العينات وتفريغها نصية من منصة Amazon Mechanical Turk. في أحد الاختبارات، تم تقديم 100 عبارة واقتراح على 25 كلمة للاختيار من بينها في كل مرة، تتضمن الكلمات المستهدفة والكلمات العشوائية. وتمكن المستمعون من تفريغ 43% من العبارات بشكل مثالي.

تم الحصول على أصوات مثل "sh"  و"z" بدقة كبيرة مع تحديد إيقاع ونوع المتحدث جيداً، بينما عانى جهاز فك الترميز مع أصوات مثل "b"  و"p".

وقالت واتكينز إن هذه العيوب لا تمثِّل بالضرورة عائقاً أمام التواصل. أثناء الممارسة، اعتاد الأشخاص على تلك التحويرات في الكلام وتمكنوا بمرور الوقت من فهم ما يقوله بشكل منطقي ومنظم.

كما تمكن العلماء من فك ترميز عبارات جديدة لم يتم تدريب الخوارزمية عليها لتتحول إلى عبارات مفهومة، وهو ما قد يثبت قدرة تلك التقنية على تقديم العون للمرضى.

وسوف يحدد الاختبار التالي إذا كان بإمكان شخص لا يتحدث أن يتعلم استخدام النظام بدون تدريب الجهاز على صوته.

إمكانية عودة التواصل

في كتاب قناع الغوص والفراشة (The Diving Bell and the Butterfly) ، يحكي الصحفي الفرنسي جان دومينيك بوبي تجربته بعد إصابته بجلطة حادة أدت إلى الشلل. ويقول إن من أكبر العيوب هي فقدان قدرته على إلقاء النكات:

"أصبح سلاحي الحاد ثلماً، وأصبح إطلاق التعليق يحتاج إلى بضع دقائق. وعند الوصول إلى نهاية العبارة، لن تفهم مغزاها وكم كانت تبدو في بدايتها عبقرية".

لمن فقدوا أصواتهم، سواء بسبب الشلل أو الجلطات أو سرطان الرقبة أو الانتكاسات العصبية، مثل التصلب الجانبي الضموري، نطمئنهم بأن الأمور تحسنت منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما أملى بولي خطابه حرفاً بحرف من خلال الغمز بعينه اليسرى.

أجهزة تأليف الكلمات، مثل الخاصة بستيفن هوكينغ، تتعرف على حركات المستخدم تلقائياً ويمكنها استخدام تقنية التنبؤ النصي لتسريع العملية. ولكنهم ما زالوا يحتاجون إلى كتابة الكلمات بسرعات بطيئة محبطة.

هذا التقدم الأخير قد يسمح للأشخاص الذين حُرموا من الكلام بسبب المرض أو الإصابة بالتحدث بشكل طبيعي، للمرة الأولى، وبدون مجهود إضافي. وذلك لاستعادة قدرة الفرد على سرد أفكاره واحتياجاته، إلى جانب استعادة الشعور بمتعة وبريق المحادثات.

تحميل المزيد