قصة مقتل أغنى رجل بالدنمارك في سريلانكا بدأت تنتشر تفاصيلها ، ففي تمام التاسعة من صباح عيد الفصح الموافق يوم الأحد 21 أبريل/نيسان 2019، كان أندريس هولش بوفلسن، أغنى رجل في الدنمارك، يتناول وجبة الإفطار مع عائلته في مطعم "تابل ون" بفندق "شانغري-لا" بالعاصمة السريلانكية كولومبو.
القصة تسردها صحيفة نيويورك تايمز. حيث كان المطعم مُزيَّناً بصناديق البرتقال والتفاح والأناناس الكبير غير المُقطَّع، وكانت عائلة بوفلسن تنظر إلى أمواج المُحيط التي تتلاطم على حافة الشاطئ غير بعيدة.
وفي الوقت نفسه، كان إلهام إبراهيم، نجل أحد أغنى تجار التوابل في سريلانكا مُتجهاً إلى مطعم "تابل ون" في أحد مصاعد الفندق، مُرتدياً قبعة بيسبول وحقيبة ظهر كبيرة الحجم، وقد دخل إلى المصعد بصحبة صديق يرتدي الزيّ نفسه، وقبل أن تنفتح أبواب المصعد، أظهرت كاميرات المُراقبة إلهام إبراهيم يُحييه بابتسامة عريضة ناصعة.
كان مسار عائلتي بوفلسن وإبراهيم على وشك التلاقي.
مليارات العائلتين ومصدرها
إحدى العائلتين تمتلك المليارات بعملة الدولار، والأخرى لديها المليارات بالرويبة، إحداهما قد بَنَت ثروتها عن طريق الجينز والقمصان وجميع أنواع ملابس الموضة، أما الأخرى فقد كوَّنت ثروتها من الفلفل الأبيض والفلفل الأسود وجميع أنواع التوابل.
العائلتان كانتا معروفتين ومحلَّ إعجاب، وجزء من تجارة ناجحة ومتماسكة تُديرها عائلة كل منهما على طرفين مُتقابلين من العالم، وربما كانا أيضاً على طرفين متضادّين أيديولوجياً.
وفي لحظة واحدة لاقوا حتفهم
وفي لحظة واحدة، 5 من أبناء العائلتين لاقوا حتفهم في الانفجار؛ وهم إلهام، وإنشاف، وإلما، وأغينس، وألفريد، لتصير أجسادهم أشلاءً، إلا أن إحدى العائلتين قد قتلت الأخرى.
فقد كان أبناء إبراهيم؛ إلهام وشقيقه الأكبر إنشاف، بين الانتحاريين الذين نفّذوا سلسلة الهجمات المدمّرة في أنحاء البلاد. وظل مُسلمو سريلانكا في حيرة مُؤلمة بالسؤال عن السبب الذي يدفع اثنين من أكثر أبنائهم ثراءً لفعل ذلك.
السؤال الذي يبحث الكثيرون عن إجابة له
يقول حلمي أحمد، نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا: "الجميع ما زالوا يسألونني هذا السؤال، وأنا لا أعرف ما إذا كانت ستكون له إجابة في أي يوم".
وبعد أسبوع من مقتل 250 شخصاً في هجمات على يد مُتطرِّفين إسلاميين، ما زالت سريلانكا في حالةٍ من الصدمة؛ الخوف مطبوع على الكثير من الوجوه، والهدوء غير الطبيعي يملأ الأماكن التي عادةً ما تكون مُزدحمة، مثل شارع أولد مور في العاصمة كولومبو، التي تدير فيها عائلة إبراهيم إمبراطورية التوابل التي تملكها خلف واجهة متجر متواضعة ذات بوابة رمادية.
ما زال المُحققون من 6 بلدان، من بينها الولايات المُتحدة الأمريكية، يُمشِّطون الفنادق الثلاثة والكنائس الثلاث التي تعرَّضت للهجوم، باحثين عن أدلة حول كيفية تنفيذ جماعة إسلامية غامضة ليس لها تاريخ من وقائع العنف الخطيرة لواحدة من أكثر الهجمات دموية في العالم بالسنوات الأخيرة.
وراء كل علم أبيض قصة حزن لا يطاق
وخلف كل علم أبيض من أعلام الجنازات التي ترفرف في جميع أنحاء كولومبو، هناك قصة حُزنٍ لا يُطاق؛ قصص أزواج صِغار السن ماتوا معاً، وقصص شظايا اخترقت لحم أطفال رُضَّع، وقصص أشخاص لن يعشقوا مُجدَّداً.
ولعل الأكثر إثارة للدهشة هو كيف أن مسارات عائلة إبراهيم وعائلة بوفلسن، القويَّتين، اللتين لديهما الكثير جدّاً ليعيشوا لأجله، قد تقاطعت في هذا اليوم.
رجل أعمال حالم… الدنماركي
يرتفع فندق "شانغري-لا" كبرجٍ أنيق على طول طريق متنزَّه غالا فيس المُطل على المُحيط، ويتكوّن الفندق من 32 طابقاً من الصلب والزجاج المائل للزُرقة بإطلالة مباشرة على المحيط الهندي. وكانت عائلة بوفلسن تُقيم هناك، كجزء من إجازة يقضونها على الشاطئ في سريلانكا خلال عطلة عيد الفصح المدرسية للأبناء.
هذا هو أندريس، الرئيس التنفيذي الخاص لشركة أزياء ضخمة تديرها عائلته وتُدعى Bestseller، وزوجته آن، وأطفالهما الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً.
إلما كانت الطفلة الأكبر، وقد نشرت صوراً لرحلتها على موقع إنستغرام، ولكن الأمر كان كما لو أنها تجعل منشوراتها غامضة عمداً؛ فتجد موجات شفّافة تبدو من شاطئ خالٍ، وشجرة تُلقي بظلالها في مواجهة السماء الاستوائية، وصورة لأشقّائها التُقِطت من الخلف.
وربما يكون هُناك سبب للأمر؛ ففي أواخر التسعينات، اقتحم أحد المُبتزّين عقار والدي أندرياس وهدد بقتلهما لو لم يتم الدفع له، وبعدها بسنوات قليلة، اختطفت مجموعة رجلاً ليحصلوا على فدية في الهند، حين اعتقدوا خطأً أنه بوفلسن.
يقول سورين جاكوبسن، كاتب السير الذاتية الذي كتب عن عائلة بوفلسن، إن العائلة "تضع الأمان على قمّة أولوياتها منذ 20 عاماً"، ولا يحب أندرياس، البالغ من العمر 46 عاماً، أن يُصوّره أحد ويتجنّب وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعيش عائلة بوفلسن في قصرٍ عمره 600 عام، ويمتلكون غيره العديد من القصور و220,000 فدّان في أسكتلندا، تعهَّد أندرياس أن يُعيدهم إلى الطابع البري الطبيعي مُجدَّداً كما يُسمّي الأمر. وبحسب ما تقول مجلة Forbes الأمريكية، تبلغ ثروته حوالي 8 مليارات دولار.
عاشوا مع الأمراء الدنماركيين
عاش أندرياس مع الأمراء الدنماركيين، حيث ربّوا الدجاج معاً وشربوا الجعَّة، وعاش حياةً ساحرة تتردد قصصها في الدنمارك إلى جانب سير القديسين، ويقول موظَّفو شركة Bestseller والناس في بلدته ستافترب إنه متواضع وإنهم لا يخشونه.
ويقول جاكوبسن إن "أندرياس هولش بوفلسن ليس شخصاً يتظاهر بمعرفة كل شي، بل هو صارم وأمين ورجل أعمال يتطلّع إلى الأفق، ولهذا السبب هم يدعمونه".
وهذه هي الأشياء نفسها التي قالها الناس عن عائلة إبراهيم.
لم يُظهِر وجهه قط.. ابن الثري السريلانكي
يحب محمد إبراهيم أن يروي حكاية خاتمه.
في أواخر ستينيات القرن الماضي، كان محمد صبياً مراهقاً غير مُتعلِّم من بلدة صغيرة على أرض سريلانكا الخصبة تُدعى دلتوتا، وباع الفتى خاتمه المفضَّل نظير ركوب الحافلة للذهاب إلى كولومبو، بمفرده، ولم يلتفت إلى الخلف قط.
وفي قلب حي المسلمين في العاصمة كولومبو، عمل في البداية بكدٍّ طاهياً، ثم بائع بصل، ثم دخل إلى تجارة السمسم والفلفل، كيس تلو الآخر، وركَّز على تجارة التوابل.
مناخ سريلانكا الاستوائي والتربة الغنية يُنتجان بعض التوابل الأكثر طلباً في العالم. وحتى الأسبوع الماضي، كان إبراهيم يدير واحدة من أكبر شركات تصدير التوابل في الجزيرة، حيث كان يُرسل ما تبلغ قيمته 20 مليون جنيه من الفلفل إلى الهند كل عام.
يقول التجَّار إنه اشترى وباع كثيراً، لدرجة أنه تمكَّن من تحديد الأسعار. وشغل أيضاً منصب رئيس جمعية التجار في كولومبو، وعاش في قصر يبلغ سعره مليون دولار على مشارف العاصمة كولومبو، ويحتفظ بأسطول من 6 سيارات بما في ذلك سيارة من طراز BMW.
ويقول أفراد عائلته إن إبراهيم، حتى وهو في سن السبعين تقريباً، كان لا يعرف الكلل في عمله؛ إذ يستيقظ في تمام الرابعة صباحاً، ويتَّجه إلى المسجد، ثم يتناول فطوراً بسيطاً بالمنزل، ويقضي بقية يومه في مصنع التوابل، يفرك حبوب الفلفل بين أصابعه، ويتفقَّد جودة مُنتجاته.
يقع مكتب عائلة إبراهيم في شارع أولد مور بين المحلّات الضئيلة، وتمتزج هناك رائحة الكمّون والشطّة والقرفة في الهواء.
يقول كالدين، أحد مُستوردي التمر الذي يتذكَّر كرم إبراهيم خلال شهر رمضان: "إنه يُنادي الجميع بكلمة أخي، حتى إن المحققين قالوا لنا إنهم يعرفون أنه شخصٌ جيد".
وكثيراً ما كان يراه الجيران وهو يسير في شارع أولد مور مُطأطئ الرأس وعيناه على الأرض، في انحناء طفيف.
كان ابنه الأكبر إنشاف، البالغ من العمر تقريباً 35 عاماً، أكثر خطفاً للأنظار من أبيه؛ كان يقود سيارة تويوتا لاندكروزر بيضاء جديدة، وتنتصب قامته فيبدو أطول من مُعظم الرجال في سريلانكا؛ حيث يبلغ طوله 5 أقدام و11 بوصة (180 سنتيمتراً) مع بنية عضلية واضحة. ويقول الأصدقاء إنه كان يمشي بسرعة، بغض النظر عن المكان الذي كان يذهب إليه.
قبل سنوات، كان لقبه في مدرسة دي إس سيناناياك، التي تُعد واحدة من أعرق المدارس في كولومبو، هو كودا أو بودرة، في إشارة وثيقة إلى تجارة التوابل التي تديرها العائلة.
وكان إنشاف كبيراً مُعداً لتولّي المسؤولية، وأوكل إليه أبوه مصنعاً للأنابيب النحاسية. وتُظهر إحدى الصور التي التُقطت في عام 2016 إنشاف بينما يتلقَّى هو وأبوه جائزة من أحد الوزراء -وهي واحدة بين العديد من الجوائز الممنوحة لعائلة إبراهيم من الحكومة السريلانكية.
كان رجلاً وسيماً، ويبدو بصحّة جيدة، ويرتدي بذلة رمادية مريحة وعلى وجهه لحية طويلة ناعمة.
إلهام هو الابن الثاني، وكان يبلغ من العمر 31 عاماً، وكان أكثر انسحاباً؛ فالتجَّار في أولد مور نادراً ما كانوا يرونه. ويبدو أن وظيفته كانت الإشراف على مزرعة فلفل تملكها العائلة بالقرب من مدينة ماتالي التي تبعد بضع ساعات.
وقال أحد الأقارب لم يرغب في ذكر اسمه إن "إلهام لم يُظهر وجهه للناس قطّ"، مُضيفاً أن هذا كان سيجلب له المشاكل إذا عُرِفت الصلة بينه وبين عائلة إبراهيم، وقال إنه "لم يكن مُرتاحاً للغاية".
"كوني قوية"
ليس من الواضح كم كانت المدة التي قضتها عائلة بوفلسن في كولومبو؛ وتدل منشورات ألما على موقع إنستغرام إنها كانت في سريلانكا لمدّة 4 أيام على الأقل؛ فقد التُقِطت إحدى الصور يوم الخميس قبل عيد الفصح وكتبت عليها سريلانكا، وبدا فيها ثلاثة أطفال صغار -يُفترض أنهم إخوتها- يجلسون على حافة حمام سباحة تُحيطه أشجار النخيل. وكان التعليق المُصاحب للصورة يقول "ثلاثة أحبّاء صِغار".
بحسب أحد أفراد العائلة الذين تحدَّثوا مع صحفيين، في الليلة التي سبقت هجمات عيد الفصح، قال إنشاف لزوجته إنه مُسافر إلى زامبيا، وبينما كان يودّعها، بقى دقيقة إضافية خارج السيارة وقال لها "كوني قوية".
وصل إنشاف إلى فندق "سينامون غراند" في كولومبو، وأخوه إلهان إلى فندق "شانغري-لا"، واستخدم إنشاف هويّة مُزيّفة لتسجيل دخول الفندق، ولكن إلهان استخدم اسمه الحقيقي، وهو قرار ستكون له عواقب إضافية وخيمة في أعقاب الهجمات.
وتُظهِر كاميرات المُراقبة بفندق "شانغري-لا" إلهام بينما يدخل المصعد، وتُظهره الكاميرات لاحقاً وهو في مطعم "تابل ون" بصحبة رجل آخر عُرِف الآن أن اسمه زهران هاشم، المُشتبه أن يكون العقل المدبّر للتفجيرات، وحين تكتشف السلطات كيفية مقابلتهم، سيُفصِح ذلك عن الكثير بشأن ما هو على وشك أن ينكشف.
وتقول السلطات إن زهران كان واعظاً مُسلماً مُتطرِّفاً، وكان مُجنّداً من شرق سريلانكا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وقد استقطب جمهوراً صغيراً عن طريق نشر مقاطع فيديو حماسية على موقع يوتيوب.
وفي العام الماضي، كان زهران يعظ برسائل كراهية ضد غير المسلمين في بلدة تبعد 30 ميلاً (نحو 48 كيلومتراً) عن مزرعة الفلفل التي أدارها إلهام لعائلته. وفي هذا الوقت، في هذه المنطقة الصغيرة، كانت المشاعر حادّة بين البوذيين، وهم الأغلبية في سريلانكا، والمسلمون الذين يمثِّلون 10% من تعداد السكّان.
وحينها كان رهبان بوذيون قد قادوا أعمال شغب أسفرت عن مقتل العديد من المسلمين، وقال مسؤولو الشرطة إن زهران قد استغل الأمر وشجّع الشباب في المنطقة على تشويه التماثيل البوذية.
وليس من الواضح كيف التقى زهران وإلهام، إلا أن بعض أفراد عائلة إبراهيم الممتدة قالوا إن إلهام كان أكثر تديّناً من غيره في العائلة، وكانت زوجته الشابة فاطمة تُغطّي وجهها بالكامل بحجاب، وهو أمرٌ غير مُعتادٍ في سريلانكا.
وبينما تبدو الجاذبية المتبادلة منطقية؛ فإن كان إلهام يبحث عن التوجيه الروحاني، ربما يقدّم له زهران ذلك، وإذا كانت لدى زهران خطط قاتلة، فإن ثروة عائلة إبراهيم بإمكانها التمويل.
الأمّ فجّرت أطفالها
يوم الأحد، في عيد الفصح، كانت السماء فوق كولومبو صافية، والشمس ساطعة وحرارتها قويّة. وكانت جميع الفنادق الكبرى -والكنائس- مزدحمة.
وكان مطعم "تابل ون" مليئاً بالضيوف، وكانوا يجلسون في صفوف طويلة على كراسي مُبطّنة ذات لون أخضر، والساحة مُضاءة بالنوافذ المضيئة. وكان الطعام المقدّم يشمل النقانق -على غرار الإفطار الإنجليزي، والسمك بالكاري، وشعرية الأرز الإسفنجية الشهيرة في سريلانكا.
دخل إلهام وزهران المطعم من جهتين مُختلفتين، حوالي الساعة 8:50 صباحاً، وفجَّرا نفسيهما.
كان أسانغا أبيياجوناسيكيرا، خبير السياسة الخارجية بوزارة الدفاع السريلانكية، يقيم مع أسرته في الطابق التاسع من الفندق، وقال إن الانفجار قد هز المبنى بأكمله.
وهرع أبيياجوناسيكيرا مع زوجته وطفليه الصغار للهرب من الحريق، وكان المُصابون بجروح خطيرة يترنّحون في الخارج، وكانت الأرضية مُغطّاه بالدم، ورأى امرأة غربية محمولة بعيداً.
قال: "لقد كانت أمامي مباشرة، كانت مُصابة، كانت هامدة بلا حياة".
ولا يتذكَّر أبيياجوناسيكيرا رؤية بوفلسن أو أسرته، وقال إنه في هذه اللحظة، كل ما كان يُحاول هو وزوجته فعله هو تغطية عيون أبنائهم.
وبمجرّد وصولهم إلى المنزل، تقيّأ طفلهم البالغ من العمر 6 سنوات.
وقُتِل 33 شخصاً في شانغري-لا، بمن فيهم 3 من أطفال بوفلسن الأربعة. وليس من الواضح كيف تسبب الحريق في مقتل نصف العائلة بينما ترك البقيّة.
في صورة التُقطت في مستشفى سريلانكا الوطني في كولومبو بعد ساعات قليلة من الحادث، كان هناك رجل يبدو أنه بوفلسن يضع هاتفه المحمول على أذنه، وكان قميصه مُطلّخاً بالدماء، وعينه اليُسرى مُغلقة تقريباً من التورّم. وحين تحدّث إليه أحد الصحفيين السريلانكيين هزَّ رأسه.
في فندق سينامون غراند، أظهرت لقطات كاميرات المراقبة إنشاف يحمل حقيبة ظهر ويرتدي قبّعة، ودخل إلى غرفة البوفيه. إلا أنه توقّف، وظل يتقدَّم ويتأخَّر لمرات عديدة وجسده مشدود.
قال أحد أفراد عائلته: "لقد كان مُتردداً بوضوح، فقد كان دائماً أكثر ارتباطاً بالناس من إلهام".
ولكن مهما كان التردد الذي انتابه، فقد تغلَّب إنشاف عليه وقتل نفسه و20 آخرين.
وفي غضون دقائق، الواحدة تلو الأخرى، وقعت 7 تفجيرات انتحارية بأنحاء سريلانكا عن طريق حقائب ظهر مُعبّأة بالمتفجّرات القويّة التي فجَّرت الناس في 3 فنادق و3 كنائس.
ولأن إلهام استخدم هويّته الحقيقية حين دخل إلى فندق "شانغري لا"، تعرّفت الشرطة سريعاً عليه، وفي غضون ساعات، داهمت الشرطة قصر إبراهيم.
حيّتهم امرأة على الباب التفتت حولها لاحقاً ثم صعدت أعلى الدرج. إنها فاطمة، زوجة إلهام.
وفي الجزء الطابق العلوي، أمام أطفالها الثلاثة، فجّرت فاطمة نفسها، وقتلت 3 من رجال الشرطة وأطفالها جميعاً، وكانت أعمارهم 5 سنوات، و4 سنوات، و9 شهور. وقالت الشرطة إنها ربما كانت حاملاً أيضاً.
أما إبراهيم، كبير الأسرة، فقد اقتيد مُقيَّداً في يد أحد ضبَّاط الشرطة.
وفي اليوم التالي، غادر بوفلسن، وزوجته، وطفلتهما الوحيدة الباقية على قيد الحياة أستريد، كولومبو على متن طائرة خاصّة.
في يوم الخميس 25 أبريل/نيسان 2019، احتشد أكثر من 1000 شخص في بلدة بوفلسن، في مسيرة بالمشاعل إلى منزل العائلة، وبعضهم لم يتمكّنوا من كبح دموعهم. كان الناس يبكون حتى في السوبر ماركت.
إبراهيم لا يزال قيد الاحتجاز، ويقول مُعظم مُساعديه إنهم يعتقدون إنه لا يعرف شيئاً عن الخطة الانتحارية.
قال أحمد، نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا، إنه على الرغم من أن إبراهيم يبلغ من العمر 70 عاماً، فمن المحتمل أن يتعرض للتعذيب.
وأضاف: "إذا احتاجوا لذلك، فإنهم سيفعلون.. أنا متأكِّدٌ من ذلك".