استبعد رئيس الوزراء الأسترالي، الخميس 25 أبريل/نيسان 2019، وجود أي صلةٍ محتملة بين حدثَي اعتقال شخص يُشتَبه بعضويته في تنظيم الدولة (داعش) داخل تركيا ومراسم إحياء ذكرى معركة الحرب العالمية الأولى في شبه جزيرة غاليبولي التي يحضرها مئات الأستراليين والنيوزيلنديين، نقلاً عن صحيفة The Washington Post الأمريكية.
وذكرت تقارير وسائل الإعلام أن السلطات ألقت القبض على عبدالكريم حليف، المواطن السوري، لأنه خطَّط للهجوم على التجمُّع السنوي لإقامة مراسم تأبينية وقت الفجر في خليج الأنزاك.
وتُقام هذه المراسم إحياءً لذكرى إنزال القوَّات الأسترالية والنيوزيلندية 25 أبريل/نيسان عام 1915 في تركيا، ضمن حملةٍ منكوبة للاستيلاء على مضيق الدردنيل.
في ذكرى غاليبولي السلطات التركية والأسترالية تنفيان الخبر
وأجاب سكوت موريسون، رئيس الوزراء الأسترالي، عن تساؤلات المُراسلين قائلاً إنَّ عملية الاعتقال تمَّت في مكانٍ يبعد ثلاث ساعاتٍ بالسيارة عن مراسم تأبين غاليبولي، ولم يطرأ أي تغييرٍ على إجراءات الأمن إثر الاعتقال.
وتابع موريسون، في حديثه إلى المراسلين: "التقارير التي تصلنا لا تحسم وجود صلةٍ بين عملية الاعتقال وهجومٍ خُطِّط لتنفيذه في غاليبولي نفسها. وأعتقد أن افتراض ذلك على أرض الواقع هو افتراضٌ مبالغٌ فيه".
وأقرَّ مسؤولٌ تركيٌ بأنَّ عملية القبض على المشتبه به (26 عاماً) لا علاقة لها بمراسم غاليبولي. وأضاف المسؤول أنَّ السلطات ألقت القبض عليه في محافظة تيكيرداغ الشمالية الغربية، لأنه تواصل مع مجموعةٍ من المشتبه بهم التابعين لداعش في محافظة عثمانية قُرب الحدود السورية جنوب تركيا.
وتحدَّث المسؤول إلى وكالة Associated Press، شرط عدم الإفصاح عن هويته، وذلك امتثالاً لقوانين الحكومة التي تحظر على موظفي الخدمة المدنية الحديث إلى وسائل الإعلام دون تصريحٍ مُسبق. ولم يتبيَّن توقيت القبض على المُشتبه به تحديداً.
وقال موريسون إنَّ الجنرال أنغوس كامبيل، رئيس قوَّات الدفاع الأسترالية، حضر المراسم مُمثِّلاً عن الدولة الأسترالية، وأثنى على جهود الشرطة والجيش التركي في تأمين الحدث.
وقال كامبيل للمراسلين المُتواجدين في غاليبولي: "لم أكُن قلقاً بشأن أمن وسلامة الحدث".
الرئيس التركي يحيي بضيوف غاليبولي برسالة سلام
وقدَّرت الحكومة الأسترالية أن الحدث حضره أكثر من 1,400 شخص، وسط إجراءاتٍ أمنية مُشدَّدة تشمل الفحص بالأشعة السينية والتواجد المُكثَّف لعناصر الجيش التركي المُسلَّحة.
وتفاقمت المخاوف بشأن أمن وسلامة الحاضرين في غاليبولي في شهر مارس/آذار 2019، إثر القبض على مواطنٍ أسترالي على خلفية مقتل 50 مصلياً في مسجدين بنيوزيلندا يوم 15 مارس/آذار 2019.
والخميس 25 أبريل/نيسان 2019، أصدر أردوغان رسالة سلامٍ ترحيبية قال فيها إنَّ "الجميع مسؤولون عن "حماية رسالة الصداقة المحفورة على أحجار الأرض والبحر في غاليبولي. وهي رسالةٌ كُتِبَت بالدماء والحياة والتصميم والشجاعة. وتقع على عاتقنا مسؤولية كبيرةٌ تتطلَّب منا ضمان عدم وقوع حربٍ جديدة، لتحيا الأجيال القادمة في سلام. والتحية موصولةٌ لأبطال غاليبولي، وضيوفنا الحاضرين في هذه المراسم… بمشاعر صادقة".
ولم تتطرَّق تصريحات أردوغان إلى عملية القبض على السوري المُشتبه به.
وفي أستراليا ونيوزيلندا وبحضور الأمير ويليام تم الاحتفال بيوم الأنزاك
وأُقيمَت مراسم لإحياء ذكرى يوم الأنزاك في مختلف مدن أستراليا ونيوزيلندا الخميس، 25 أبريل/نيسان 2019، حيث حضر الأمير ويليام من المملكة المتحدة ليضع إكليلاً من الزهور في مدينة أوكلاند بنيوزيلندا.
ويستعد دوق كامبريدج لزيارة مسجدي مدينة كرايستشيرش، حيث قُتِل 50 مسلماً وأُصيب 50 آخرون.
وانخفضت أعداد حاضري مراسم الفجر في غاليبولي إثر إحياء الذكرى السنوية عام 2015.
لكن دينيس باشام، مدير المبيعات الدولي لشركة On The Go Tours السياحية، قال إنَّ شركته لم تتلقَّ أي طلباتٍ من السائحين لإلغاء رحلاتهم إلى غاليبولي نتيجةً للتوتُّرات التي أعقبت مذبحة كرايستشيرش.
رسالة طمأنة للأستراليين: ضحايا معركة غاليبولي "يرقدون الآن داخل أرض دولة صديقة"
ويوجد تمثالٌ لكمال أتاتورك، قائد الأتراك العسكري المنتصر في معركة غاليبولي، قرب النصب التذكاري لضحايا الحرب الأستراليين في مدينة كانبرا.
وحُفِرَت على التمثال كلمات أتاتورك المطمئنة للأستراليين، والتي قال فيها إنَّ ضحاياهم في الحرب "يرقدون الآن داخل أرض دولةٍ صديقة".
ويُذكر عن أتاتورك، أول رئيسٍ للجمهورية التركية، أنَّه قال في عام 1934: "أنتن، أيتها الأمَّهات اللاتي أرسلن أبناءهن إلى هُنا من دولٍ بعيدة، امسحن دموعكن. أبناؤكن يرقدون الآن بسلامٍ بين أحضاننا. وقد أصبحوا أبناءً لنا بعد أن خسروا أرواحهم على هذه الأرض".
لكن هناك من يحذر من تركيا!
لكن نيل جيمس، المدير التنفيذي لمركز أبحاث الأمن Australian Defense Association، يرى أنَّ الأستراليين والنيوزيلنديين يجب ألا ينتظروا من تركيا الترحيب دائماً بمراسم إحياء ذكرى غاليبولي على نطاقٍ موسَّع. إذ يُنظر إلى هذه المعركة داخل تركيا باعتبارها حرباً دينية، على نحوٍ مُتزايد.
وقال جيمس: "القوميون الإسلامويون هُم مَن يُديرون البلاد الآن، وأتوقَّع فعلياً أن يأتي وقتٌ لا تُقام فيه أي مراسم تأبينٍ كبرى في غاليبولي، لأنَّ الأمر سيصبح مستحيلاً على الصعيدين الثقافي والسياسي في تركيا. وافتراض أن سهولة الوصول إلى شبه جزيرة غاليبولي برضى الأتراك أمرٌ مفروغٌ منه الآن، قد لا يكون افتراضاً مقبولاً على المدى البعيد".