تؤثر ظاهرة التثاؤب على جميع الأشخاص، وتؤثر كذلك على حيواناتنا الأليفة. وبالرغم من أنك قد تتظاهر بالتثاؤب أو تجبر نفسك على القيام به، فليس هناك طريقة حقيقية للتحكم في هذه الظاهرة اللاإرادية؛ لذا من المنطقي أن نعتقد أن التثاؤب يؤدي هدفاً ما، ولكن دعونا نسأل: لماذا نتثاءب؟
بحسب موقع ThoughtCo الأمريكي؛ اقترح العلماء الذين يدرسون هذه الظاهرة اللاإرادية كثيراً من الأسباب لحدوثها. ويبدو أن ظاهرة التثاؤب تحدث للبشر نتيجة لعوامل فسيولوجية وسيكولوجية.
نقاط رئيسية: لماذا نتثاءب؟
– يُعرف التثاؤب بأنه ظاهرة لا إرادية تحدُث نتيجة النعاس، أو الضغط العصبي، أو الملل، أو مشاهدة شخص آخر يتثاءب.
– تحدث العملية من خلال ملء الرئتين بالهواء وبسط الفك وطبلة الأذن، ثم إخراج هذا الهواء. يبسط كثير من الأشخاص عضلات أخرى في أجسامهم عند التثاؤب.
– اقترح الباحثون أسباباً كثيرة له، ويمكن تصنيف هذه الأسباب إلى أسباب فسيولوجية وأخرى سيكولوجية. وفي كلتا الحالتين يغير الحافز الأساسي للتثاؤب الكيمياء العصبية من أجل إثارة هذه الاستجابة.
– يمكن أن تؤثر الأدوية والحالات الصحية على معدلاته.
الأسباب الفسيولوجية للتثاؤب
يستلزم حدوث التثاؤب من الناحية الجسدية فتح الفم، والشهيق، وفتح الفك، وبسط طبلة الأذن، والزفير. ويمكن أن يحدث نتيجة للإرهاق، أو الملل، أو الضغط العصبي، أو مشاهدة شخص آخر يتثاءب.
دونظراً إلى أنها حركة لا إرادية، يتضمن التثاؤب تفاعلاً بين النواقل العصبية المرتبطة بالتعب، والشهية، والتوتر، والعواطف. وتشمل هذه المواد الكيميائية أكسيد النيتريك، والسيروتونين، والدوبامين، وحمض الجلوتاميك.
يعرف العلماء حالات صحية محددة (مثل التصلب المتعدد، والسكتة الدماغية، والسكري) تغير من معدلات تكرار التثاؤب ومستويات الكورتيزول في اللعاب بعده.
ولما كان التثاؤب يتعلق بالكيمياء العصبية، ثمة العديد من الأسباب الممكنة التي قد تؤدي إلى حدوثه.
ففي الحيوانات يمكن استيعاب بعض هذه الأسباب بكل سهولة. على سبيل المثال تتثاءب الثعابين لإعادة ضبط فكِّها بعد الطعام، ومن أجل المساعدة على التنفس.
وتتثاءب الأسماك عندما تفتقر المياه للأكسجين الكافي لها، غير أنه من الصعب تحديد سبب التثاؤب لدى البشر.
تزيد معدلات الكورتيزول بعده، لذا من الممكن أن يرفع مستوى الانتباه ويكون إشارة إلى وجود حاجة للقيام بشيء ما.
يعتقد الخبيران السيكولوجيان أندرو غالوب وغوردون غالوب أنه يساعد على تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، إذ تقول هذه الفرضية إن بسط الفك يزيد من تدفق الدم إلى الوجه والرأس والرقبة، فيما يدفع التنفس العميق المصاحب للتثاؤب الدم والسائل الشوكي للتدفق إلى الأسفل.
قد يفسر هذا الأساس المرتبط بالجسد السبب الذي يجعل الأشخاص يتثاءبون عندما يكونون متوترين أو مضغوطين. ومن المعروف أن أفراد سلاح المظلات يتثاءبون قبل القفز من الطائرة.
آثار مهدئة
تشير أبحاث أندرو غالوب وغوردون غالوب أيضاً إلى أن التثاؤب يساعد في تبريد الدماغ، لأن الهواء الأبرد الذي يتنفسه الإنسان يهدئ الدم الذي يندفع من أجل التدفق خلال عملية التثاؤب.
تشمل دراسات الخبيرين السيكولوجيين تجارب على ببغاوات البراكيت، والفئران، والبشر. توصل فريق غالوب إلى أن البشر يتثاءبون بمعدل أكبر عندما تكون درجات الحرارة أقل، والأرجح أن التثاؤب في هذه الحالة يحمل آثاراً مهدئة أكثر من آثاره عندما ترتفع درجات الحرارة.
تتثاءب طيور الدرة أيضاً في درجات الحرارة الأبرد أكثر مما تتثاءب في درجات الحرارة الأسخن.
وبردت أدمغة الفئران قليلاً عندما تثاءبت. غير أن النقاد يشيرون إلى أن التثاؤب يفشل في الحدوث عندما يحتاجه الكائن الحي بشدة.
فإذا كان التثاؤب يبرد الدماغ، فمن المنطقي أن يحدث عندما يريد الجسم الاستفادة من هذه العملية التي تنظم درجات حرارته (أي عندما يكون الطقس حاراً).
التثاؤب..الأسباب السيكولوجية
اقتُرح أكثر من 20 سبباً سيكولوجياً للتثاؤب حتى وقتنا هذا، غير أن هناك اتفاقاً طفيفاً بين دوائر المجتمع العلمي فيما يتعلق بأي الفرضيات هي الصحيحة.
قد يؤدي التثاؤب وظيفة اجتماعية، ولا سيما باعتباره غريزة قطيع. فالتثاؤب لدى البشر والفقاريات الأخرى يكون ظاهرة معدية، إذ إن ملاحظة التثاؤب يمكن أن تخبر أعضاء المجموعة عن حالة الإرهاق، لتساعد البشر والحيوانات الأخرى على تعديل نماذج النوم والاستيقاظ. وبدلاً من ذلك، قد يكون إحدى غرائز البقاء.
حسبما يقول غوردون غالوب، ترى هذه النظرية أن ظاهرة التثاؤب المعدية قد تساعد أعضاء مجموعة واحدة في أن يكونوا أكثر حذراً، من أجل اكتشاف المعتدين أو الحيوانات المفترسة والدفاع عن أنفسهم.
رصد تشارلز داروين في كتابه The Expression of the Emotions in Man and Animals (التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوانات)، تثاؤب قرود البابون لتهدد الأعداء.
وأُبلغ عن سلوك مشابه لدى السمك المقاتل والخنزير الغيني. وعلى الجانب الآخر، يأتي التثاؤب ضمن الطقوس التي يمارسها بطريق آديلي عند مغازلة الإناث.
وتشير دراسة أجرتها أليسيا ليون وفريقها إلى أن هناك أنواعاً مختلفة من التثاؤب من أجل نقل معلومات مختلفة (مثل التعاطف والتوتر) في أي سياق اجتماعي.
اشتمل بحث ليون على نوع من القرود يسمى أبو قلادة، ولكن من الممكن أيضاً أن يختلف تثاؤب البشر استناداً إلى وظيفته.
ما هي النظريات الصحيحة؟
من الواضح أن هناك عوامل فسيولوجية تقف وراء ظاهرة التثاؤب. فالتقلبات في مستويات النواقل العصبية تبعث على التثاؤب.
وتبدو الفوائد الحيوية للتثاؤب واضحة في بعض أنواع الكائنات الحية الأخرى، لكنها ليست كذلك لدى البشر.
ولكن على الأقل، يزيد التثاؤب الانتباه لمدة قصيرة. أما في الحيوانات، فيبدو الجانب الاجتماعي في التثاؤب موثقاً توثيقاً جيداً.
وبالرغم من أن ظاهرة التثاؤب معدية لدى البشر، لم يحدد الباحثون بعد ما إذا كان الجانب السيكولوجي للتثاؤب هو أحد بقايا تطور البشر، أو ما إذا لم يزل يؤدي وظيفة فسيولوجية حتى يومنا هذا.