أحد الأسئلة الكبرى التي يجب طرحها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 هو موقف المُرشّحين من إسرائيل، فهي مُشكلة يقول البعض عنّها إنها بالفعل تهدد بتقسيم الحزب الديمقراطي الأمريكي.
في هذه الأثناء، غابت عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين -التي حاولت الولايات المتّحدة الأمريكية التوسّط فيها لعقود- عن المشهد من الأساس.
وعلى الرغم من أن زوج ابنة ترامب وكبير مُستشاري البيت الأبيض، غاريد كوشنر، يعكف على وضع ما يعرف بـ"صفقة القرن"، فإنها تقريباً لا تشمل الفلسطينيين بالمرّة. كما أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة -التي ستسمح ببقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ممسكاً بزمام السلطة في البلاد بعدما وعد بمدّ نطاق السيطرة الإسرائيلية على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية- لا تبشّر بالخير بشأن أي رؤية مستقبلية للسلام تشمل دولة فلسطينية مُستقلّة.
ولهذه الأسباب وغيرها، هناك فرصة كبيرة أن يكلل مصير خطّة كوشنر بالفشل الذريع في مهدها.
ومحاولات أمريكا وإخفاقاتها المُستمرّة في التوسّط بعملية السلام لافتة للنظر، ويقول كتاب جديد من تأليف الباحث في شئون الشرق الأوسط، خالد الجندي، إن ذلك يرجع إلى "نقطة عمياء" لدى أمريكا في موقفها إزاء الفلسطينيين.
عمل خالد الجندي كمستشار للقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال مفاوضات السلام في العقد الأوّل من الألفية الجديدة، وهو حالياً زميل في مركز الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز البحثي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقد تواصل موقع Vox الأمريكي مع الجندي للحديث عن السبب وراء إخفاق توسّط أمريكا في عملية السلام، والدور الذي لعبه ترامب في كل هذا، وكيف سيكون صدى مشكلة الإسرائيليين والفلسطينيين في الفترة التي تسبق انتخابات 2020.
وكان هذا نصّ حواره مع الصحفية أليكسا أندروود، وقد أُجري عليه بعض التعديلات للإيضاح وبسبب الطول.
"نقطة العمى" الأمريكية
- أليكسيا وود:
دعنا نبدأ بالحديث عن "نقطة العمى" الأمريكية، التي وردت في عنوان كتابك، اشرح لنا ماذا تعني.
- خالد الجندي:
تشير نقطة العمى إلى ساحتين من الساحات الدبلوماسية يميل صنّاع السياسة الأمريكية عادة للتقليل من شأنهما أو تجاهلهما؛ وهما السلطة والقوة الإسرائيلية والسياسة الفلسطينية.
حيث تميل الولايات المتّحدة الأمريكية للتعامل مع الطرفين وكأنهما بطريقة ما على قدم المساواة في القوة، في حين أنّه في الحقيقة، يحتّل أحد الجانبين الآخر؛ إسرائيل هي سلطة احتلال، لذا فإنه ليس صراعاً فحسب، إنّه أيضاً احتلال.
وقد رأينا لحظات مختلفة في التاريخ حدث خلالها هذا على نحو هائل؛ على سبيل المثال، حين كان الجيش الإسرائيلي يحاصر مجمع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات خلال الانتفاضة الثانية في عام 2002، وهذا ليس بالأمر الذي قد تراه في سياقات أخرى، ففي المفاوضات بين مصر وإسرائيل في السبعينيات، والتي انتهت إلى معاهدة سلام بين البلدين في عام 1979، لم تحاصر الدبابات الإسرائيلية مقر الرئيس المصري أنور السادات، أليس كذلك؟
ومع ذلك، تميل الولايات المتحدة إلى التعامل مع المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية كما فعلت مع المفاوضات بين مصر وإسرائيل، أو مفاوضات أيرلندا الشمالية؛ بطريقة: إذا استطعنا أن نجعل الزعيمين يجلسان سويّاً على طاولة مفاوضات، فبإمكانهما إذاً اتخاذ قرار بشأن المساومات الصعبة.
والجانب الآخر من هذه النقطة العمياء هو السياسة الفلسطينية. يفهم السياسيون الأمريكيون بالبديهة أنك عندما تتفاوض مع قوة أجنبية، فأنت لا تتفاوض فقط مع الشخص الذي أمامك؛ بل تتفاوض مع معارضته السياسية، ومع الرأي العام، وهلم جرا.
ويفهم الأمريكيون أن هناك أشياء بعينها يمكنك دفع الإسرائيليين إلى فعلها أو عدم فعلها بسبب ضغوطهم السياسية الداخلية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، يكون موقف أمريكا هو معاملتهم وكأنّهم بلا سياسة؛ وكأنهم ليس لديهم معارضة سياسية يتعين عليهم الرد عليها، أو رأي عام. والأمر ليس فحسب أنّهم لا يفهمون فقط الفروق الدقيقة في السياسة الفلسطينية، بل إنهم يعاملون الفلسطينين باعتبارهم ليس لديهم سياسة على الإطلاق.
لذلك فإن هذا النوع من البقعة العمياء المزدوجة -التي تظهر في تقليل الأمريكيين من شأن القوة الإسرائيلية، لا سيّما قدرة إسرائيل على إقرار الأمر الواقع على الأرض، وكذلك إهمال السياسة الفلسطينية- هو ما أعاق قدرة الولايات المتحدة على العمل كوسيط فعال.
وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن دور أمريكا في عملية السلام غير فعال فحسب، بل أنّه في الواقع فاقم الأمر سوءً، لأنه ضخّمَ اختلال التوازن الكبير في القوة والذي هو مُختلّ بالفعل. وأين نحن اليوم؟
لدينا حكومة إسرائيلية منتصرة تقول، في الأساس، لقد فزنا؛ ومشروع المستوطنين هو نجاح كبير. وعلى الجانب الآخر توجد هذه القيادة الفلسطينية المنقسمة غير الفاعلة والتي بالكاد قادرة على إدارة المساحات الضئيلة القليلة الخاضعة لولايتها؛ الضفة الغربية وقطاع غزة. إنه واقع مختلّ للغاية.
ترامب.. وأكثر القرارات تطرّفاً
- أليكسيا أندروود:
إذن ما الذي حدث تحت إدارة ترامب؟ هل جعل الأمور أكثر سوءاً مما هو عليه؟
- خالد الجندي:
كما تعلمين، فقد زادوا الأمور سوءاً في بعض النواحي، لكنني أقول إنهم، في نواحي أخرى، قد ساعدوا بالفعل على إيضاح بعض الأشياء.
وهناك عدة طرق مختلفة للنظر إلى إدارة ترامب؛ يمكنك أن تقول: "حسناً لقد تبنوا نهجاً مختلفاً تماماً"، وليس من الواضح أنهم يدعمون فعلياً حلاً حقيقياً للدولتين، فقد أطاحوا بالفعل بعملية السلام القديمة. هذه طريقة واحدة للنظر إلى الأمر.
طريقة أخرى للنظر إلى الأمر تقول: "حسناً، هذه الإدارة تقوم بشكل أساسي، وعلى نحو متطرف جداً، بما سبق أن بدأته سابقاتها"، إلا أنّهم أخذوا الأمور إلى أكثر النهايات تطرّفاً.
فلنأخذ على سبيل المثال قرار الأمم المتحدة رقم 242، الذي كان بمثابة المنارة الأساسية لعملية السلام لأكثر من 50 عاماً، وهو مبني على مبدأ السلام من أجل السلام والأمن؛ ويقول إن إسرائيل ستنسحب من الأرض التي احتلتها في حرب 1967 في مقابل السلام والاعتراف والتطبيع مع العرب.
كانت هذه هي الصيغة التي استخدمت في عام 1979 مع مصر، واستعادت مصر حينها شبه جزيرة سيناء -التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967- وجاءت تلك هي الصيغة أيضاً في مفاوضات عام 2000 بين إسرائيل وسوريا. وكانت أساساً كذلك لمفاوضات معاهدة أوسلو -مجموعة الاتفاقيات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العامين 1993، و1995- والتي هدفت إلى إبرام على معاهدة سلام بين الجانبين .
كانت سياسة الولايات المتحدة دائماً ما تدين المستوطنات الإسرائيلية بسبب انتهاك المستوطنات الإسرائيلية بشكل مباشر لمبدأ الأرض مقابل السلام. كيف يمكنك التخلي عن الأرض إذا كنت تقتحمها أكثر فأكثر؟ أنت تتفاوض حول كيفية تقسيم الكعكة، لكن جانباً واحداً هو من يأكلها.
لكن الموقف الرسمي كان "المستوطنات سيئة"، فكل رئيس أمريكي منذ أوسلو كان يقوم في الأساس بنحت الثغرات من أجل إسرائيل. فهم يقولون: "نعم، المستوطنات سيئة. لا ينبغي لإسرائيل أن تفعل ذلك، لكننا نعلم مدى أهمية القدس بالنسبة لكم، لذلك امضوا قدماً في القدس الشرقية وإن كانت لا تزال محتلة، وسوف نعامل القدس الشرقية بشكل مختلف عن بقية أنحاء الضفة الغربية".
ثم جاءت إدارات أخرى وقالت: "حسناً، أنت تعلم أن هذه الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية ستكون على الأرجح جزءاً من إسرائيل على أي حال، فانطلق إلى الأمام وقم بالبناء هناك أيضاً".
والذي جرى في نهاية المطاف هو أنّ تلك الاستثناءات أصبحت هي القاعدة، وبعدما كان لديك نحو 270 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفّة الغربية والقدس الشرقية في عام 1993، تخطّى العدد ضِعف ما كان عليه، ليبلغ الآن نحو 630 ألف مستوطن.
مبدأ الأرض مقابل السلام مات من الأساس
يضيف الجندي، لم نصل إلى هنا عن طريق الصدفة، بل وصلنا بسبب كل هذه الاستثناءات والإعفاءات التي منحت لإسرائيل، ولأن الولايات المتحدة وإسرائيل تجمعهما "علاقة خاصة"، ولأن الولايات المتحدة أرادت استيعاب السياسة الإسرائيلية، ولأن فرض تجميد عمليات الاستيطان هو أمر يصعب على أي رئيس وزراء إسرائيلي أن يبرره لمجلس الوزراء أو لخصومه السياسيين.
لذلك نحن دائماً على استعداد للتنازل عن هذه القواعد الأساسية من أجل عملية السلام. ولكن عند القيام بذلك، فإن العواقب تكون نمو مشروع الاستيطان. هم يشعرون الآن أنهم منتصرون، ومبدأ الأرض مقابل السلام قد مات من الأساس.
الكلمة التي استخدمتها في الكتاب لوصف هذا الموقف المتناقض هي "الازدواجية"، وهي ليست كلمة مثيرة للغاية، ولكنها تُظهر كيف أن الولايات المتحدة لديها موقف لكنها تتبنى في نفس الوقت الموقف المعاكس.
عندما جاء الرئيس باراك أوباما، أعتقد أنه أدرك مخاطر هذه الازدواجية -فإذا كنت ستتخذ موقفاً بشأن شيء ما، فيجب أن تعني ذلك- وقال أوباما: "أريد إيقاف المستوطنات، ليس بعض المستوطنات، وليس فقط المستوطنات الصغيرة، بل جميع المستوطنات". لقد حاول أوباما العودة إلى عملية السلام الأصلية، والقواعد الأساسية.
ولكنّه لم يزد من فاعلية وقوّة موقفه؛ حيث لم يكن مستعدّاً لفرض أي تبعات على إسرائيل في مقابل عدم وفائها بتلك المعايير.
وهنا يأتي ترامب، الذي يقول "تعرف؟ لديّ طريقة مُختلفة لحلّ هذا التناقض الأساسي، وهو ببساطة التطبيع مع الواقع الجديد؛ فالقواعد القديمة لم تعد تنطبق بسبب تلك الحقائق القائمة بالفعل على أرض الواقع، وهذا هو الأساس الجديد لتقدّم عملية السلام".
المشكلة في هذا الأمر هو أنّه تعسفيٌ تماماً، إنه أمر تُمليه السلطة أن تأخذ إسرائيل بشكل أساسي ما تريد، وأن نؤيّد نحن والولايات المُتحدة ذلك، والبقايا قد يأخذها الفلسطينيون.
على سبيل المثال، لو كانت هيلاري كلينتون فازت في الانتخابات الرئاسية وصارت رئيسة للبلاد، وكانت أكثر ميلاً لبدء عملية سلام، لكان الأمر شبيهاً إلى حد كبير بعملية السلام التي تولّاها أوباما، وربما تُشبه أيضاً عملية سلام بيل كلينتون، التي شوّشوا فيها الحقائق وتلاعبوا بالقضية ومضوا قدماً في عملية السلام من أجل العملية في حد ذاتها، فأنت تخلق وهماً حول العملية حتّى ولو لم يكن يعتقد أحدٌ أنها ستمضي إلى أي وجهة.
أعتقد أن ترامب هو النقطة العمياء في أوضح تجلّياتها؛ إنّه تقريباً صورة كاريكاتورية للنقطة العمياء، ولكن بأخذ الأشياء إلى مسارات متطرّفة من منافاة العقل، خلق لحظة من الوضوح أمام الناس، لذا الكثير من الديمقراطيين الآن يقولون: "يا إلهي، هذا ليس مقبولاً"، حتّى أن بعض الجمهوريين لا يرتاحون لهذه الديناميات الجديدة.
ترامب أنهى "وهْم السلام"
- ألكسيا أندروود:
إذا فأنت تقول إن ترامب أنهى الوهم..
- خالد الجندي:
نعم، لقد تخلّص من تلك الذريعة والوهم وكل هذا، والآن نواجه هذا الخيار الصارخ: هل ندعم حل الدولتين أم ندعم حل الدولة الواحدة؟ أم أننا تأخّرنا في حقيقة التمييز العنصري على أرض الواقع؟ من خلال فك الخيوط المتشابكة، وضع ترامب تلك الخيارات في بؤرة التركيز.
- ألكسيا أندروود:
دعنا نتحدث قليلاً عن مشروع السلام في الشرق الأوسط، والذي يسمى بـ"صفقة القرن" ويعمل غاريد كوشنر عليها؛ الكثير من الناس يعتقدون أن مصيرها الفشل في مهدها، ولكن ما الذي تحتاجه تلك الصفقة للحصول على فرصة للنجاح؟
- خالد الجندي:
اسمحي لي أن أجيب على هذا السؤال بطريقة مختلفة؛ هناك اختبار يمكنك إجراؤه لمعرفة ما إذا كان الأمر جادّاً.
أوّلاً: هل هي تدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي؟ هل تقول في الواقع "أنهوا الاحتلال"، مثلما فعل كل رئيس قبل ترامب؟ ثانياً: هل تستند إلى قرار الأمم المتحدة رقم 242؟ مرة أخرى، هذه هي القاعدة الأساسية الكبيرة لعملية السلام. وثالثاً، هل تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية؟ – إذا لم تُلبّى كل هذه المعايير، فنحن لسنا حتّى عند الحد الأدنى من متطلبات التظاهر بعملية السلام.
ثم أنه علينا توسيع نطاق المعايير؛ فإذا لم نتحدث عن حل الدولتين، فما الذي نتحدث عنه إذاً؟ هل ما يطالبون به أيّاً كان يسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بتقرير المصير؟ أم أن الأمر ببساطة إعادة رسم صورة إخضاع مجموعة لأخرى؟
إذا كان حلّك لا يتضمّن حق تقرير المصير للجميع، والحقوق المدنية والإنسانية والسياسية الأساسية للجميع، فإنها لن تكون عملية حقيقية. وأي خطّة تستند إلى استمرار إخضاع مجموعة لأخرى هي ببساطة إعادة رسم لصورة النزاع وإدامة له.
على الفلسطينيين تقرير مصيرهم
- ألكسيا أندروود:
حسناً. أعتقد أننا يمكن أن نقول أنه -بِناء على ما نعرفه- هذه الخطّة لا تلبّي تلك المتطلّبات، فماذا يأتي بعد ذلك إذاً؟ ما الخطوة الفعّالة التالية التي يمكن أن يأخذها الفلسطينيون والإسرائيليون؟
- خالد الجندي:
أنا لا أرى عملية دبلوماسية في الأفق؛ وربما تظهر واحدة في مرحلة لاحقة، إلا أنّه في الوقت الحالي، لا بديل عن اتفاقية أوسلو القديمة، أو الولايات المُتحدة الأمريكية كوسيط رئيسي. وبالتالي نحن نعاني بعض الخواء هناك. ولكننا لدينا أيضاً حقيقة أخرى مُختلّة على الأرض.
أعتقد أنه إذا كان من شأن الفلسطينيين تغيير أوضاعهم، ولا سيّما بصفتهم الطرف الضعيف، فهذا لن يأتي من الولايات المتحدة، ولن يأتي من الإسرائيليين، وربما لن يأتي من الأمم المتحدة. بل سيحدث بأن يبدأوا بأنفسهم أولاً.
الآن، الطرف الوحيد الذي يريد حقاً تغيير الوضع الراهن هو الفلسطينيون، وأعتقد أن الخطوة الأولى للقيام بذلك هي إصلاح موطنهم، أن يُنظّموا مؤسساتهم السياسية؛ والخطوة الأولى هي أن إنهاء الانقسام بين الضفة الغربية وغزّة والانفصال بين حماس وفتح. وعلى الرغم من أن هذا ضرورياً إلا أنّه ليس كافياً؛ فهذه هي البداية، ويتعيّن على الفلسطينيين أن يقرروا مُستقبل تلك الحركات.
ويحتاج الفلسطينيون إلى مرحلة دستورية جديدة، يحتاجون عملية توافق جديدة تعيد تعريف الحركة الوطنية الفلسطينية، وأولوياتها، ومؤسساتها، واستراتيجيتها، لأنه من الواضح أن المراحل القديمة قد انهارت أو فشلت أو اختفت.
أعتقد أنه من المهم حقاً بالنسبة لهم أن يبدأوا في التفكير في هذه القضايا، ليس المصالحة فحسب، بل ما يحدث بعدها أيضاً.
- ألكسيا أندروود:
بالنظر إلى هذا كلّه، أشعر بالفضول لسماع رأيك حول تحوّل مسار الحوار بشأن إسرائيل والفلسطينيين في الولايات المتحدة؛ من المحتمل أن يتحدث بعض الناس عن وضع الفلسطينيين، فهل تعتقد أن هذا الأمر سوف يُطرح في انتخابات عام 2020؟
- خالد الجندي:
نعم ، أعتقد أنه سيكون عاملاً، فلو لم يصر هكذا، سيجعله الجمهوريون عاملاً.
لقد رأينا بالفعل كيف يحدث ذلك؛ فإن لدينا هذا الانقسام الناشئ داخل صفوف الديمقراطيين، داخل الحزب، وهو ما يحرص الجمهوريون بشدة على استغلاله. وقد رأيناه من خلال تشريع مكافحة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، الذي سرعان ما طرحوه بمجرد انتهاء الإغلاق الحكومي.
أعرف أن الكثير من الأشخاص في المؤسسة الديمقراطية يشعرون بالتوتر، ويفضلون عدم الانقسام حول أي قضيّة بعينها، لأنهم بحاجة إلى جبهة موحدة تتمكّن من هزيمة ترامب وكل ذلك. وأعتقد أن الدافع الأكبر لمعظم الحملات هو تجنب هذه المشكلة قدر الإمكان.
ولكنني أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية تجنب هذا الانقسام لسببين؛ الأول أن الجمهوريين سيضعون الديمقراطيين في قلب الحدث؛ والثاني يرجع إلى أن هناك حشداً سياسياً كبيراً يهتم بالقضيّة ولديه رؤية مغايرة لرؤية الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، وهم يزدادون غضباً، ويريدون التحدّث بوضوح حول هذه القضية.
أعتقد أن القواعد الشعبية التقدمية تريد أن تجعل الأمر -نوعاً ما- بمثابة اختبار أساسي للمرشحين الديمقراطيين، لأنهم يرون أن هذا جزء من العلاقات التي يتقاطع مسارها مع قضايا أخرى، مثل حملتيّ #MeToo وBlack Lives Matter، ومبدأ عدم التدخل بشكل عام في أماكن مثل فنزويلا.
إنهم يرون ذلك الأمر كجزء من هذا النهج الإيديولوجي. وسوف يجعلونه قضية. لذلك فسوف يُطرح الأمر من كلا الجانبين؛ من القاعدة الشعبية التقدمية، وكذلك سوف يأتي من المؤسسة الجمهورية.
وثمّه شيء سمعته من أكثر من حملة ديمقراطية وهو أنهم لا يتوقعون أن تكون السياسة الخارجية بمثابة مشكلة في عام 2020، باستثناء قضية إسرائيل والفلسطينيين، فهم يتوقّعون لها أن تُطرح.
هذا هو المرشح الأمريكي الذي يستطيع التعامل مع القضية الفلسطينية
- ألكسيا أندروود:
أي مرشح لعام 2020 لديه أفضل طريقة للتعامل مع هذه القضية حتّى الآن، بعبارة أخرى، من هو الأقل احتمالاً أن تكون لديه هذه "النقطة العمياء" التي ذكرتها؟
- خالد الجندي:
حتى الآن، الشخص الذي لديه رؤية أكثر وضوحاً بشأن القضية هو بيرني ساندرز؛ فمنذ عام 2016، يتحدّث ساندرز بطلاقة عن الموقف إزاء إسرائيل وفلسطين، وهو لا يرد فحسب -أنت تعرفين أن الكثير من المرشّحين أو القائمين على الحملات ينسحبون إذا سُئلوا "ما هو موقفك من كذا؟"- ولا سيّما قرار الولايات المتّحدة بنقل سفارتها إلى القدس، أو صفقة إيران أو أيّاً كان.
أعتقد أن معظم المرشحين ربما لا يزالون خائفين قليلاً؛ ليس لدى أحد منهم -على حد علمي- مواقف تضاهي مواقف ساندرز التفصيلية تجاه تلك القضية. أعتقد أن أكثر ما سمعناه يرمي إلى "نحن نريد حلاً للنزاع بين البلدين"، ولكنّي لا أعتقد أنّهم يضغطون لتنفيذ الأمر في الواقع.
أمّا ساندرز، فقد صمم، بشكل استباقي، مجموعة متماسكة إلى حد ما من السياسات، والبارز للغاية هو أنّه قام بذلك في عام 2016، في بروكلين، عندما دخل في مناظرة سياسية مع هيلاري كلينتون. أعتقد أنه يعي أن الأمر لم يعد مجرّد مسؤولية سياسية، بل هناك منفعة سياسية يمكن الحصول عليها من تولّي زمام هذه القضية.