إنها ليست فقط أعقد وأكبر انتخابات في العالم، بل هي الأغرب أيضاً، نعم تستحق الانتخابات الإندونيسية هذا الوصف.
إذ تجري إندونيسيا، وهي دولة مكونة من 17 ألف جزيرة، أكبر انتخابات في يوم واحد وأعقدها في العالم في 17 أبريل/نيسان 2019، حسب وصف تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
لماذا تعتبر أكبر من الهند والولايات المتحدة؟
وتوصف إندونيسيا بأنها ثالث أكبر ديمقراطية في العالم بعد الهند والولايات المتحدة، حيث إن هناك ما مجموعه 192.8 مليون ناخب إندونيسي مسجل للتصويت وأكثرهم في سن الأربعين أو أقل.
ولكن الانتخابات الإندونيسية تُوصف بأنها الأكبر عالمياً، والسبب هو أنه رغم أن الانتخابات في الهند تعد الأكبر من حيث العدد لكنها تُجرى عبر فترة مريحة نسبية مدتها 6 ستة أسابيع.
وستكون الانتخابات الإندونيسية هي أكبر انتخابات رئاسية مباشرة في العالم (لدى الولايات المتحدة نظام المجمع الانتخابي غير المباشر).
الانتخابات الإندونيسية تتحول إلى حفل وليس مجرد استحقاق سياسي
وفي بلد تعد فيه الديمقراطية شابة نسبياً أيضاً، تعتبر الانتخابات حدثاً مليئاً بالاحتفالات، يوصف محلياً باسم "pesta demokrasi" أو "حفلة الديمقراطية".
وفي هذا العام، أصبحت عملية التصويت أكثر ضخامة وتعقيداً من المعتاد، مع تزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نفس اليوم لأول للمرة الأولى.
هذا يعني أنه في 809500 مركز اقتراع، سيختار الناخبون الإندونيسيون من بين أكثر من 250 ألف مرشح لـ 53838 مقعداً تشريعياً على 5 مستويات حكومية على مدى 6 ساعات فقط.
بائع أثاث ضد قائد القوات الخاصة
في الوقت الذي سيحدد فيه الناخبون 5 مربعات في أوراق الاقتراع الخاصة بهم، فإن معظم التركيز ينصبّ على سباق الرئاسة.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الحالي لإندونيسيا هو جوكو ويدودو، المعروف باسم "جوكوي"، وهو رجل أعمال سابق في مجال الأثاث تحوّل إلى سياسي من جاوة، يخوض السباق الرئاسي لولاية ثانية إلى جانب رفيقه الذي يترشح لمنصب نائب الرئيس، معروف أمين البالغ من العمر 76 عاماً.
ويخوض جوكوي السباق الرئاسي ضد برابو سوبيانتو، القائد العسكري السابق للقوات الخاصة ومن القوميين المتحمسين، وصهر الزعيم السابق لإندونيسيا سوهارتو الذي حكم لفترة طويلة.
ويدخل برابو السباق بالتعاون مع المرشح لمنصب نائب الرئيس ساندياجا أونو، وهو مصرفي استثماري سابق ثري كان نائب حاكم جاكرتا لفترة وجيزة.
هذا التصويت في الأساس هو تكرار للسباق الرئاسي الحاد في انتخابات 2014، حيث هزم جوكوي برابو بفارق 6 نقاط مئوية.
استثناء غريب للمتزوجين، ومليون من السكان الأصليين قد لا يستطيعون التصويت
يحق لجميع الإندونيسيين الذين تبلغ أعمارهم 17 عاماً أو أكثر والذين يحملون بطاقة هوية إلكترونية، والمعروفة باسم e-KTP، التصويت.
يمكن للمتزوجين التصويت في سن أصغر، السن القانونية للزواج للبنات هي 16 عاماً.
أما الفئات الوحيدة المستبعدة من التصويت فهي ضباط الشرطة والجيش، الذين يلزمهم القانون بالحفاظ على الحياد السياسي.
ولكن يعني شرط بطاقة الهوية الإلكترونية أن البعض في المناطق النائية أو المتأخرة لن يستطيعوا التصويت.
في مقاطعة بابوا بأقصى شرق إندونيسيا، على سبيل المثال، هناك أقل من 50٪ من الناخبين المؤهلين يحملون بطاقة هوية إلكترونية، وفقاً لوزارة الشؤون الداخلية الإندونيسية.
في مناطق أخرى، قد لا يتمكن أكثر من 1.6 مليون من السكان الأصليين من التصويت لنفس السبب.
وفي بعض المناطق الجبلية في بابوا، تستخدم بعض القبائل، بشكل فريد، نظام كتلة التصويت المعروف باسم noken، حيث يمثل فيه زعيم القبيلة الصوت المجتمعي للقبيلة. توضع بطاقات الاقتراع داخل noken، وهي حقيبة تقليدية منسوجة، ويصوّت الزعيم القبلي نيابة عنهم.
تسليم بطاقات الاقتراع من خلال الخيول والزوارق
مع تسليم أوراق الاقتراع إلى المناطق النائية في إندونيسيا بالطائرة والسفن الحربية والخيل والزوارق وحتى من خلال المشي على الأقدام، فإن الخدمات اللوجستية الهائلة تعد مثيرة للإعجاب.
وهناك حتماً بعض السقطات، حسب وصف الصحيفة البريطانية.
في الأسبوع الماضي غرق زورق يحمل 26 كيساً من أوراق الاقتراع في طريقه إلى ناتونا، وهي منطقة من المستوى الإداري الثاني (ريجنسي) تتألف من عدة مئات من الجزر في بحر الصين الجنوبي، بعد أن اصطدمت ببعض المرجان.
وهناك ناخبون وُلدوا في القرن الأول الميلادي
هناك قلق أيضاً بشأن المخالفات المزعومة في القائمة الانتخابية.
إذ تدّعي المعارضة أن 17 مليون ناخب مسجلون بثلاثة تواريخ ميلاد مختلفة، بينما سُجِّل أشخاصٌ بتواريخ ميلاد في القرن الأول الميلادي.
وتحقق لجنة الانتخابات في المزاعم، على غرار المزاعم التي رفضتها المحكمة الدستورية الإندونيسية في عام 2014.
وشراء الأصوات أمر منتشر
على الرغم من الأبحاث التي تشير إلى محاولات الشراء المتفشي للأصوات، يُنظر إلى الانتخابات الإندونيسية على أنها حرة ونزيهة نسبياً.
وقد تم دعوة مراقبين للانتخابات من 33 دولة للمراقبة.
والإندونيسيون مدافعون عنيدون عن ديمقراطيتهم، حسب وصف، The Guardian.
إذ بقى العديد من الناخبين في مراكز الاقتراع الخاصة بهم خلال الانتخابات الأخيرة لمشاهدة عملية الفرز.