أدان ساسة أوروبيون سابقون رفيعو المستوى السياسة أحادية الجانب التي تنتهجها إدارة ترامب في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ودعوا أوروبا في خطاب إلى رفض أي خطة سلام أمريكية في الشرق الأوسط إذا لم تكن عادلة للفلسطينيين، في إشارة غلى صفقة القرن التي يروج لها دونالد ترامب.
وقّع على الخطاب 25 وزير خارجية سابقين، وستة رؤساء وزارة سابقين، وأمينان عامان سابقان لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وأُرسل إلى صحيفة The Guardian، والاتحاد الأوروبي، والحكومات الأوروبية.
وحسب تقرير للصحيفة البريطانية، الإثنين 15 أبريل/نيسان 2019، جاء في الخطاب: "حان الوقت لأن تقف أوروبا بجانب معاييرها القائمة على المبادئ، من أجل السلام في (القضية) الفلسطينية الإسرائيلية"، منادين بحل الدولتين الذي تعيش بموجبه الدولة الفلسطينية بجوار الدولة الإسرائيلية.
"دولتان عاصمتهما القدس"
وأشار الخطاب إلى أن أوروبا يجب أن ترفض أي خطة لا تؤسس دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، على أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين.
وورد في الخطاب: "لسوء الحظ، ابتعدت الإدارة الأمريكية الحالية عن السياسة الأمريكية القائمة منذ عهد طويل"، منتقداً اعتراف دونالد ترامب في 2017 بـ "مزاعم جانب واحد فقط بحقه في القدس".
أضهرت واشنطن أيضاً عدم اكتراث مقلق تجاه التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في أراضي الضفة الغربية المحتلة، ومنعت مئات الملايين من الدولارات التي تُمنح للفلسطينيين في صورة مساعدات، وهو تحرك وُصف في الخطاب بـ "المقامرة بأمن واستقرار عديد من البلاد التي تقع على أعتاب أوروبا".
بينما اتخذ ترامب منذ توليه الرئاسة -ووسط مديح من جانب حكومة إسرائيل- إجراءات اعتُبرت عقابية في حق الفلسطينيين وخانقة لاستمرارية خيار تأسيس دولة فلسطينية.
مسؤولون يحذرون من خطة ترامب
وجاء في الخطاب الذي كتبه مسؤولون أوروبيون سابقون، أن أوروبا يجب عليها "أن تكون يقظة وتتحرك تحركاً استراتيجياً" عندما يقدم ترامب الخطة الجديدة. أُرسل الخطاب، الأحد 14 أبريل/نيسان 2019، إلى فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ووزراء الخارجية الأوروبيين الحاليين.
وجاء من بين الموقعين جان مارك أيرولت، وكارل بيلت، وفودزيميرز سيموسيفيتش، وماسيمو داليما، وجاي فيرهوفشتان، وداتشيان سيولوي، وهم على التوالي رؤساء الوزارء السابقون في فرنسا والسويد وبولندا وإيطاليا وبلجيكا ورومانيا.
وقّع أيضاً على الخطاب الأمينان السابقان لمنظمة حلف شمال الأطلسي ويلي كلايس وخافيير سولانا. ووقعت كذلك الرئيسة الأيرلندية السابقة ماري روبنسون. ويضاف إلى هؤلاء وزيرا خارجية بريطانيان: ديفيد ميلباند وجاك سترو.
وجاء في الخطاب: "إننا مقتنعون بأن أي خطة تخفض (تمثيل) الدولة الفلسطينية إلى كيان يخلو من السيادة، والتواصل الجغرافي، والجدوى الاقتصادية سوف تفاقم بشدة من فشل جهود السلام السابقة، وتعجل بزوال خيار الدولتين، وتتسبب في ضرر قاتل لقضية السلام الدائم من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء".
وقال الموقعون في خطابها، إن ذلك إن لم يكن ممكناً، فإنه "يجب أن تمضي أوروبا في مسار عملها الخاص".
الذي يجعل من صفقة القرن أمراً سرياً
تعهد الرئيس الأمريكي بالكشف عن "صفقة قرن" لا تزال سرية، من أجل الإسرائيليين والفلسطينيين، على الرغم من استباق القيادة الفلسطينية الأحداث وإعلانها عن رفضها إياها، لأنها تنحاز إلى طرف على حساب طرف آخر، في حين يستبعد قطعاً رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إمكانية تأسيس دولة فلسطينية.
يضم الفريق الأمريكي الذي يصوغ الخطة صهر ترامب، غاريد كوشنر، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهو محامٍ متخصص بقضايا الإفلاس يجاهر بتأييده بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية.
أخبر فريدمان مجموعة الضغط المؤيدة لإسرائيل، المعروفة بلجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، في شهر مارس/آذار 2019، بأن ترامب كان "أكبر حليف لإسرائيل على الإطلاق يسكن البيت الأبيض"، وأنه قد آن الأوان للمضي قدماً في خطة؛ نظراً إلى أن إدارته استوعبت أن إسرائيل ينبغي أن تكون لها هيمنة عسكرية دائمة على الأراضي الفلسطينية.
وكل تفاصيلها تصب في مصلحة نتنياهو
حقق نتنياهو، الثلاثاء 9 أبريل/نيسان 2019، الفوز في الانتخابات الإسرائيلية، ويُتوقع أن يضمن ولاية خامسة من خلال تشكيل ائتلاف حكومي من الأحزاب اليمينية والأحزاب المؤيدة للاستيطان.
قبل أيام من يوم التصويت، قال رئيس الوزراء إنه خطط -في حال فوزه- لضم المستوطنات الموجودة بالضفة الغربية المحتلة، وهو تحرك يعتبره الفلسطينيون نهاية آمالهم لتأسيس دولة؛ نظراً إلى أنه في هذه الحالة لن تكون هناك أراضٍ متصلة يمكن بناء الدولة عليها.
وفي مقابلة مع الشبكة الإعلامية الإسرائيلية "عروتس شيفع"، سُئل نتنياهو عما إذا كان "أصدقاؤه" في البيت الأبيض على دراية بالخطة، فأجاب قائلاً: "بكل تأكيد".
وقال: "قلت لهم ثلاثة أشياء: أولاً، لن أُخرج أي يهودي (من الضفة الغربية)، ولا أي مجموعة. لن يجري إخراج أي مستوطنين أو أي مستوطنات من هناك. النقطة الثانية أننا لن نقسم القدس، والنقطة الثالثة أننا سوف نواصل السيطرة على الأراضي الواقعة غرب (نهر) الأردن بالكامل"، في إشارة إلى الضفة الغربية المحتلة.
وسُئل مايك بومبيو، وزير الخارجية في إدارة ترامب، عن خطط نتنياهو لضم الضفة الغربية، فقال إنهم لن يضروا بخطة السلام غير المعلنة، ملمحاً إلى أن المقترح الأمريكي لم يضع تصوراً لدولة فلسطينية.
قال بومبيو: "أعتقد أن الرؤية التي سنضعها سوف تمثل تحولاً كبيراً عن النموذج المستخدم". وكان وزير الخارجية الأمريكي قد ذكر قبل ذلك، أنه يعتقد باعتباره مسيحياً أن الله جعل ترامب رئيساً لينقذ الشعب اليهودي.