بعض ساعات مرّت على بيان للتلفزيون السوداني تحدث فيه عن تحركات عسكرية للإطاحة بالرئيس عمر البشير، وترقّب بيان من الجيش يرسم ملامح المرحلة المقبلة، لكن حتى كتابة هذه السطور لم يخرج البيان للعلن فما السبب؟
العديد من الاحتمالات تقف وراء تأخير هذا البيان في الوقت الذي يراقب فيه العالم ماذا يجري في السودان؟ وما مصير النظام الحكام؟
أول هذه الاحتمالات: ماذا حدث بالتحديد؟
الأحداث السريعة التي وصلت لذروتها في الساعات الأولى من صباح الخميس 11 أبريل/نيسان 2019، جعلت المشهد في البلاد ضبابياَ إلى حد كبير، فهل ما حدث انقلاب عسكري يقوده الجيش على الرئيس أم تنحي البشير طوعاً بسبب الاحتجاجات التي واصلت شهرها الرابع ضده، لكن الأمر الوحيد الذي لا يمكن إنكاره الآن هو أن البشير بات خارج السلطة.
وبحسب وكالة رويترز، ذكرت مصادر حكومية ووزير بولاية شمال دارفور، اليوم الخميس، أن الرئيس السوداني عمر البشير تنحَّى، وأن المشاورات جارية لتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد.
ونسبت قناة الحدث إلى عادل محجوب حسين، وزير الإنتاج والموارد الاقتصادية في ولاية شمال دارفور، قوله إن المشاورات مستمرة لتشكيل مجلس عسكري يتسلم السلطة بعد تنحّي البشير.
فمن الطبيعي أن يكون البيان الذي من المتوقع أن يرسم ملامح الفترة القادمة في السودان، يلبِّي طموحات الشارع حتى لا تدخل البلاد في دوامة من التيه في ظل رفض البعض لظهور رجالات البشير مرة أخرى في المشهد، وأبرزهم رجله الأمين عوض محمد أحمد بن عوف (65 عاماً)، أعلن أنه سيرأس المجلس الانتقالي.
ثانيا: خلافات على مَن يقود
يعد هذا الاحتمال هو الأبرز لما يحدث في السودان ففي الوقت الذي تتسارع في الأحداث يعكف العسكريون في البلاد على التوصل إلى صيغة تحظى بالقبول الداخلي، بحسب التقارير التي تفيد بأن قادة الجيش السوداني يعكفون منذ فجر اليوم على كتابة بيان للشعب، حول خلع الرئيس عمر البشير، وترتيبات المرحلة الانتقالية.
فرئيس المجلس الذي تم الإعلان عنه هو من رجال البشير الذي يرى البعض أن دوره هو حماية الرئيس السوداني من أي مساءلة قادمة، سواء داخلية أو خارجية، خاصة أن البشير مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية في دارفور، ناهيك عن خلافات أخرى متعلقة بشخصيات مثيرة للجدل مثل صلاح قوش رئيس الاستخبارات السوداني الذي يعتبره البعض مقرباً من الإمارات، وله علاقة خاصة بوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA.
ولعل موقف تجمع المهنيين وتحالفات المعارضة يشير إلى الرفض المسبق لشكل الحكم المنتظر الذي بالتأكيد سيحويه البيان المرتقب.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن تجمّع المهنيين دعا كل المواطنين إلى التوجه لمكان الاعتصام أمام مقر الجيش السوداني،عقب إعلان الجيش عن بيان مهم.
وقال: "نناشد كل المواطنين بالعاصمة ومدن البلاد التوجه لأماكن الاعتصامات أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وحاميات الجيش بمدن الولايات (18 ولاية)".
وشدد البيان على المعتصمين بالبقاء في ميدان الاعتصام وعدم التحرك حتى إعلان بيان آخر من التجمع.
التخوف نفسه من الخلافات رصده مراقبون سودانيون، ومنهم د. تاج السر عثمان، الذي يرى أن البلاد دخلت في المرحلة الأخطر.
تحرك الجيش
وكان ضباط من الجيش السوداني قد أعلنوا صباح الخميس، أن عدداً منهم أبلغ الرئيس عمر البشير بأنه لم يعد رئيساً للجمهورية، وفق ما نقلت قناة الجزيرة عن مصادر مطلعة.
وأعلن التلفزيون السوداني الرسمي أن القوات المسلحة ستذيع بياناً مهماً بعد قليل، وسط تكهنات بأنها قد تكون محاولة للإطاحة بالرئيس عمر البشير الذي يقود البلاد منذ 30 عاماً.
وقالت وكالة الأناضول إن قوات الجيش السوداني تقوم باعتقال العشرات من قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
فيما أكد تجمّع المهنيين والمعارضة السودانية أن مطالب الثوار هو تنحّي (الرئيس عمر) البشير ونظامه، وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية.
وأضاف في بيان، الخميس، أن المطلوب من الحكومة الانتقالية أن "تعبّر عن مكونات الثورة، وتنفيذ بنود إعلان الحرية والتغيير كاملة غير منقوصة".
وقال: "إننا نطالب في هذه اللحظات المفصلية من تاريخنا بالاحتشاد في ميدان الاعتصام أمام مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالعاصمة (الخرطوم)، والخروج إلى الشوارع في مدن البلاد وقراها، مستعصمين بها حتى تنفيذ مطالب إعلان الحرية والتغيير كاملة".
يتزامن ذلك مع اعتصام الآلاف أمام مقر قيادة الجيش السوداني لليوم السادس على التوالي، للمطالبة بتنحّي البشير وإسقاط النظام.
يأتي هذا التطور بعد شهور من الاحتجاجات على حكم الرئيس البشير الذي يقود السودان منذ 30 عاماً.