منافسة شديدة في الانتخابات الإسرائيلية.. 5 عوامل ستنقذ أو تُجهِز على فرص نتنياهو

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/09 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/09 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
عمال يعلقون لوحة ضخمة لنتنياهو ومرشحي حزب الليكود في القدس المحتلة/ رويترز

في انتخابات تعد أشبه باستفتاءٍ على شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، توجه الإسرائيليون الثلاثاء 9 أبريل/نيسان إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء الكنيست الجدد، في الوقت الذي لا تزال فيه سياسات نتنياهو اليمينية تلقى رواجاً رغم أن أسلوب قيادته وشبهات الفساد أثارت سخط الكثير من الناخبين.

يخوض نتنياهو المنافسة للفوز بولاية خامسة في الحكم ضد رئيس هيئة الأركان السابق للجيش بيني غانتس، الوافد الجديد إلى عالم السياسة والذي يضم حزبه "أزرق أبيض" المنتمي إلى تيار الوسط قائدي أركانٍ سابقين آخرين إلى جانب خريجين اثنين بارزين من إدارة نتنياهو.

وشنَّ غانتس أخطر تحد لحكم نتنياهو منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، عن طريق تركيزه في الغالب على شخصية القائد الإسرائيلي وتجنُّب القضايا الجوهرية. ولم يقضِ أيٌ من المرشحين وقتاً كبيراً في مناقشة كيفية حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني أو التحرُّك الأمثل بشأن العلاقة مع حركة حماس التي تحكم قطاع غزة.

حملات بدون مضمون

وقال أفيف بوشنسكي، المتحدث السابق باسم نتنياهو: "كانت حملة انتخابية بدون مضمون، للمرة الأولى في التاريخ الإسرائيلي".

ويتمتَّع نتنياهو بدعمٍ واسع على الرغم من قرارٍ من المُدَّعي العام الإسرائيلي في فبراير/شباط الماضي بإصدار لائحة اتهام بحق رئيس الوزراء في تهمٍ بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو القرار الذي يعتمد صدوره على نتائج جلسة استماع. وأكَّد الرجل خبرته الدبلوماسية الواسعة وعلاقته الوثيقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حين صوَّر غانتس باعتباره يسارياً مُتخفِّياً يفتقر إلى المهابة السياسية المطلوبة لقيادة البلاد.

وصاغ غانتس وحزبه رسالة شبه "وسطية" بشأن السلام والأمن، مع تعهُّداتٍ بالإبقاء على القدس موحدة والحفاظ على سيطرة الجيش الإسرائيلي على كامل الضفة الغربية باعتبارها جزءاً من أي اتفاقٍ مع الفلسطينيين.

حملات دعائية في شوارع القدس المحتلة لنتنياهو وخصومه من حزب أزرق أبيض، رويترز
حملات دعائية في شوارع القدس المحتلة لنتنياهو وخصومه من حزب أزرق أبيض، رويترز

وتشير استطلاعات الرأي إلى أنَّ حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وحزب أزرق أبيض يسيران رأساً برأس في السباق. لكنَّ كل استطلاعات الرأي الحديثة تشير إلى أنَّ تحالف رئيس الوزراء الحالي، المُكوَّن من الأحزاب اليمينية والمُحافِظة، سيفوز بأغلبية من مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعداً، مما يجعله الأوفر حظاً.

ولكن تجدر الإشارة إلى أنَّ نحو 6% من المصوتين لم يحسموا قرارهم بعد. وتتمتَّع استطلاعات الرأي الإسرائيلية قبل الانتخابات وعلى أبواب لجان الاقتراع بسجلٍ ضعيفٍ في توقع النتيجة. ففي عام 2015 مثلاً، قلَّلت استطلاعات الرأي النهائية من نسبة التأييد التي حصل عليها حزب الليكود في النتيجة النهائية بمقدار الثلث تقريباً.

وقال إياد أراد، مخطط الحملات الانتخابية المخضرم: "السباق محتدم بدرجة تمنع التوقع. فهناك الكثير من المتغيرات والأمور المجهولة". وإليكم خمسة عوامل يمكن أن تحدد الفائز اليوم في الانتخابات، بحسب مجلة Foreign Policy الأمريكية.

1- قاعدة نتنياهو الشعبية

قضى نتنياهو الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية في محاولةٍ لتحميس أنصار اليمين وضمان تصويتهم لحزب الليكود بدلاً من الأحزاب التابعة الأصغر. وتضمَّنت تلك المحاولة تعهُّداً يصدر للمرة الأولى من رئيس الوزراء الإسرائيلي بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، في محاولةٍ لاستمالة المستوطنين المتطرفين الذين يعارضون التسوية مع الفلسطينيين.

مؤيدوه حزب الليكود يرفعون صوراً لنتنياهو وترامب في القدس المحتلة خلال الحملة الانتخابية/ رويترز
مؤيدوه حزب الليكود يرفعون صوراً لنتنياهو وترامب في القدس المحتلة خلال الحملة الانتخابية/ رويترز

ويشعر نتنياهو بالقلق من إمكانية ترجمة الشعور بالرضا من الوضع القائم بين قاعدته الشعبية إلى انتهائه بالحصول على المركز الثاني ومنح غانتس أفضلية الحصول على الفرصة الأولى لمحاولة تشكيل ائتلاف حكومي. لكن السؤال المطروح هو: هل سيُصدقه الناخبون المتطرفون أم سينظرون إلى الأمر باعتباره حيلة؟

إذ يُمثِّل رفع رئيس الوزراء لإيقاعه في الأمتار الأخيرة من الحملة الانتخابية تكراراً لاستراتيجيته في الأيام الأخيرة لحملة 2015 الانتخابية، حين تعهَّد بعدم الموافقة على إقامة دولةٍ فلسطينية وحذَّر على نحوٍ شهير الناخبين اليمينيين من أنَّ المواطنين العرب سيتجهون لمراكز الاقتراع بأعداد كبيرة. نجح ذلك معه قبل أربع سنوات، لكنَّ بعض المحللين يعتقدون أنَّ استراتيجيته فقدت تأثيرها.

2- من روسيا مع الحب

في الأسابيع الأخيرة من السباق، تخلَّى نتنياهو عن مسار الحملة في إسرائيل من أجل لقاءين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن.

كان اللقاءان أكثر من مجرد فرصة لالتقاط الصور. ففي البيت الأبيض، خالف ترامب السياسة الأمريكية المُستمرة منذ عقود ووقَّع أمراً تنفيذياً يعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان، الهضبة الاستراتيجية التي جرى احتلالها من سوريا في حرب 1967.

نتنياهو مع بوتين في موسكو قبل أيام من الانتخابات/ رويترز
نتنياهو مع بوتين في موسكو قبل أيام من الانتخابات/ رويترز

وجاءت زيارة نتنياهو لموسكو الخميس الماضي 4 أبريل/نيسان بعد يومٍ واحد فقط من إعلان إسرائيل تحديد موقع رفات زخاريا باومل، وهو جندي إسرائيلي فُقِد أثناء العمليات في لبنان عام 1982، وإعادته إلى إسرائيل. وأرسل بوتين، الذي استعاد جنوده رفات باومل، نتنياهو إلى إسرائيل بصحبة متعلقات باومل.

قال أراد: "كل هذا يُظهِر نتنياهو في صورة القائد المُتمكِّن على الجبهة الدولية، وهي جبهةٌ شديدة الأهمية بالنسبة للكثير من المصوتين الإسرائيليين. وحتى لو لم تكن تحب نتنياهو بسبب فضائح فساده أو سياسته الاقتصادية-الاجتماعية، عليك أن تصوت له لأنَّه لا بديل له"، بحسب تعبيره.

مع ذلك، استحوذت القضايا الداخلية على الإسرائيليين في هذه الانتخابات أكثر من المرات السابقة، بما في ذلك قضايا مثل تخفيض الضرائب وتقنين استخدام مخدر الماريغوانا. وقد يتضح أنَّ تركيز نتنياهو على "دبلوماسية الصورة الكبيرة كان خاطئاً".

3- الأصوات المتأرجحة

ركَّز حزب أزرق أبيض حملته على استمالة الناخبين اليمينيين المعتدلين. ويُمثِّل هؤلاء جمهور ناخبين يرتبط بحزب الليكود ولكنه يفتقر إلى الارتباط الأيديولوجي بالمستوطنات اليهودية والتوسع الأرضي الإقليمي لإسرائيل. بل إنَّ الكثير من هؤلاء الناخبين المتأرجحين المحتملين غاضبون من ارتفاع أسعار العقارات في البلاد ومزاعم الفساد بحق نتنياهو.

وإذا تمكَّن غانتس من استمالة جزء من هذه الشريحة، قد تقلب التوازن البرلماني لصالح كتلة أحزاب يسار الوسط وبعيداً عن ائتلاف نتنياهو من الأحزاب اليمينية والدينية. وتعتقد بعض جهات استطلاعات الرأي أنَّ حزب أزرق أبيض نجح في ذلك جزئياً بالفعل.

وصرَّح روني ريمون، الذي عمل في حملة نتنياهو في انتخابات 2009، لراديو إسرائيل: "أهم شريحة انتخابية هم أنصار الليكود المرنون.. فهذه شريحة ستُحدِّد مصير الحملة الانتخابية. ويُوجِّه كلا الطرفين حديثهما إلى تلك الشريحة".

4- الأصوات العربية

بلغت نسبة المشاركة في صفوف المواطنين العرب بإسرائيل 64% في عام 2015، لكن من المتوقع تراجع تلك النسبة إلى منتصف الخمسينات وفقاً لاستطلاعٍ أجرته المجموعة الإسرائيلية المعنيّة "بالتعايش المشترك" "Abraham Initiatives" ومركز استطلاعات الرأي الألماني "Friedrich-Ebert-Stiftung".

عَكَسَ المظهر القوي قبل أربع سنوات الحماس بشأن اندماج الأحزاب العربية في قائمة مرشحين موحدة، باسم "القائمة المشتركة"، والتي أصبحت ثالث أكبر حزب في البرلمان. لكن قبيل هذه الانتخابات، أدَّت الخلافات بشأن تشكيلة القائمة إلى انفصال القائمة، مما أثار الإحباط تُجاه القادة السياسيين لـ"عرب إسرائيل". ولهذا السبب وأسباب أخرى، تجادل المواطنون العرب علناً حول ما إن كانوا سيشاركون في الانتخابات أم يقاطعونها.

قال محمد دراوشة، الخبير السياسي بمركز المساواة والمجتمع المشترك في چفعات حبيبة: "الجمهور لا يفهم هذه السياسات القائمة على المصلحة الفردية. يرغب المجتمع العربي (داخل إسرائيل) في فرض  إحساس بالعقاب على القيادة العربية".

ومن شأن انخفاض نسبة المشاركة العربية في تعزيز تأثير الناخبين اليمينيين والمتدينين على توازن السلطة النهائي في الحكومة، الأمر الذي يساعد نتنياهو. في المقابل، قد تساعد نسبة الإقبال العالية على إضعاف قوة أولئك الناخبين.

5- أحزاب الفقاعة

بالنسبة للأحزاب الإسرائيلية الأصغر، فإنَّ الحد الأدنى للفوز بمقاعد في البرلمان هو 3.25% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة. وبسبب المشهد السياسي المتفتت في إسرائيل، يوجد حوالي ثمانية أحزاب –معظمها من اليمين- تتأرجح وقد تنجح في دخول البرلمان.

ولا يتم احتساب الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب التي تخفق في تجاوز هذا الحد الأدنى عند تحديد التوزيع النهائي للمقاعد في البرلمان. وقد تكون تلك الأصوات اليمينية المُهدَرة كافية لقلب الانتخابات لصالح غانتس.

تحميل المزيد