رجل ترامب رئيساً للبنك الدولي.. هل يمكن أن تتغير سياسات المنظمة التنموية تجاه العالم؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/07 الساعة 11:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/07 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
ديفيد مالباس قدّم المشورة لحملة ترامب في انتخابات الرئاسة 2016، رويترز

هذه القصة هي حديث العصر، ناقد البنك الدولي يسيطر على البنك، بعد أن رشَّحه رئيسٌ أمريكيٌّ قوميٌَ يرفض مبدأ التوافق العالمي الذي لطالما بنِيَت عليه المؤسسة. تقول صحيفة Washington Post الأمريكية إن ديفيد مالباس، وكيل الشؤون الدولية بوزارة الخزانة، حصل على منصب رئيس البنك الدولي، في خطوةٍ تمثِّل "انتصاراً" لدونالد ترامب الذي رشَّحه لهذا المنصب. ومن المنتظر أن تطرأ كثير من التغييرات على منظمة التنمية الدولية؛ نظراً إلى هجوم مالباس عليها سابقاً.

1- لماذا اختار الرئيس الأمريكي هذا الرجل لمنصب رئاسة البنك الدولي؟

رسمياً، ليس هذا الاختيار من صلاحيات ترامب. فهو يختار أسماء المرشَّحين المحتملين فقط، ويترك القرار النهائي لمجلس إدارة البنك الدولي الذي يمثِّل الدول الـ189 الأعضاء. لكن منصب رئاسة البنك الدولي يكون دائماً من نصيب مواطنٍ أمريكيٍّ، في حين يجب أن يكون المدير الإداري لصندوق النقد الدولي مواطناً أوروبياً، وذلك بموجب الاتفاق غير الرسمي بين الولايات المتحدة (أكبر حمَلة الأسهم في البنك الدولي) وأوروبا.

2- ما سبب هذا الترتيب؟

تتطلَّب الإجابة عن هذا السؤال مراجعة تاريخ المؤسستين الشقيقتين اللتين يقع مقراهما الرئيسان في واشنطن. إذ يقف هاري ديكستر وايت، مسؤول وزارة الخزانة الأمريكية؛ وجون مينارد كينز، الاقتصادي البريطاني، وراء تأسيس المنظمتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وتأسس صندوق النقد الدولي للإشراف على منظومةٍ جديدةٍ لأسعار الصرف المرتبطة بالدولار. في حين موَّل البنك الدولي إعادة إعمار أوروبا. وكان من المتوقَّع أن يحظى وايت بمنصب رئيس صندوق النقد الدولي، لكن البلجيكي كميل جوت هو من حصل على المنصب إثر اتِّهام وايت بالتجسّس لمصلحة روسيا. وأصبح يوجين ماير، المستثمر الأمريكي، أول رئيسٍ للبنك الدولي، ليولد ذلك التقليد من يومها.

3- ما سبب نزاع مالباس مع البنك الدولي؟

شكَّك مالباس في حاجة البنك الدولي لرأسمالٍ أكبر من الدول الأعضاء، فضلاً عن زيادة أجور موظَّفي البنك، رغم أنه أيَّد زيادة رأسمال البنك بمقدار 13 مليار دولارٍ العام الماضي (2018). وانتقد مالباس القروض الضخمة التي يقدِّمها البنك للصين؛ نظراً إلى الموارد المالية الوفيرة التي تمتلكها البلاد.

وعلى نطاقٍ أوسع، أعلن مالباس عام 2017 أن "التعددية تخطَّت كل الحدود المتعارف عليها لقيم الحكومة والحرية وسيادة القانون المحدودة". فضلاً عن ذلك، ينحدر مالباس من إدارةٍ انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ في فترةٍ كان البنك الدولي يعبِّئ خلالها الاستثمارات لمصلحة المشاريع البيئية.

وخلال حديثه العام عن "تعدّدية المنظمات" التي تساعد الدول الأخرى على النهوض من الفقر مثل البنك الدولي، قال مالباس إنهم "أنفقوا قدراً كبيراً من المال دون فاعلية، وممارسات الإقراض لديهم فاسدةٌ، ولا يوصِّلون المنفعة إلى شعوب البلدان فعلياً"، وذلك في جلسة استماعٍ بالكونغرس عام 2017.

4- ما الذي سيسعى مالباس إلى فعله في البنك؟

قال مالباس في مقابلةٍ مع قناة Bloomberg، في 7 فبراير/شباط 2019، إن البنك يجب أن يلتزم تقليل حجم قروضه للصين، وأن يعيد التركيز على مهمته الأساسية التي تنصّ على رفع مستويات المعيشة بالبلدان الفقيرة. وأضاف: "هذا ليس انفصالاً كاملاً عن الصين، بل مجرَّد تغييرٍ في طبيعة العلاقة، حتى نتمكَّن من توفير أموالٍ أكثر لمصلحة الدول النامية أو الدول ذات الدخل المنخفض".

وقال أيضاً إنه مهتمٌّ "للغاية بمهمة البنك الدولي والتنمية في المطلق". وذكرت صحيفة New York Times أن مالباس كان متصالحاً للغاية خلال الاجتماعات التي حضرها مع الزعماء العالميين من أجل الحصول على دعمهم لترشُّحه، وأكَّد لهم أنه سيعمل من أجل مصالح البنك وليس مصالح إدارة ترامب في حال فوزه بالمنصب.

5- هل يمكن أن تتغيَّر مهمة البنك الدولي فعلياً؟

حدث ذلك من قبلُ في ولاية روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، الذي ترأس البنك بين عامي 1968 و1981. إذ اتجَّه البنك نحو التنمية المالية في البلدان الأكثر فقراً. واليوم، تنصّ المهمة الرسمية للبنك على القضاء على الفقر المدقع والحد من عدم المساواة. وتقترح تصريحات مالباس أن اهتمامه ربما ينصبُّ أكثر على "تعزيز النمو الاقتصادي العالمي إجمالاً".

6- لماذا يختار ترامب أحد نقَّاد البنك الدولي لرئاسته؟

يقول ترامب إن إدارته ترفض "أيديولوجية العولمة"، وهو الأمر الذي برهن عليه بشنِّ حربٍ تجاريةٍ وقائيةٍ، والانسحاب من الاتفاقيات الدولية، والتهديد بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية، والتشكيك في أهمية منظمة حلف شمال الأطلسي.

ويعَدّ البنك الدولي، على غرار حلف الناتو، جزءاً أساسياً من النظام العالمي القائم على القوانين والذي أسَّسه ودافع عنه أسلاف ترامب، لكن ترامب يقول إنه لا يعمل بالكفاءة اللازمة في مصالح الشعب الأمريكي. واختار ترامب مالباس لأنه "اقتصاديٌّ مخضرمٌ" ذو خبرةٍ في وول ستريت ويدرِك جيداً خبايا واشنطن والدبلوماسية الدولية. وكان مالباس مسؤولاً بارزاً بوزارة الخزانة بإدارة رونالد ريغان وكبير الاقتصاديين في بنك "Bear Stearns" الاستثماري. ونادراً ما يوجِّه ترامب غضبه مباشرةً إلى البنك الدولي. في حين أن ابنته إيفانكا هي أحد المعجبين بالبنك، إذ أنشأ البنك صندوقاً لتمويل رواد الأعمال من النساء إثر تبنِّيها الفكرة.

7- هل حان الوقت لاختيار رئيسٍ غير أمريكيٍّ للبنك الدولي؟

يعتقد بعض المعلِّقين أن هذا الخيار سيكون الخيار الأمثل، إذ دعا جوزيف ستيجلز، الحاصل على جائزة نوبل، إلى إنهاء "الاحتكار الرجعي والمناهض للإنتاجية"، مشيراً إلى حجم النفوذ الاقتصادي المتزايد للبلدان النامية. وقال مجلس الإدارة إن الرئيس الجديد سيتم اختياره على أساس الجدارة؛ نظراً إلى حساسية الانتقادات التي تعرَّض لها البنك، ومنح المجلس البلدان مهلةً حتى الـ14 من مارس/آذار 2019، لتقديم مرشَّحيها. ولم يتقدَّم أيُّ منافسٍ لمالباس حتى الآن. ويرى بعض الخبراء ضرورة توسيع حصة التصويت المتاحة للأسواق الناشئة مثل الصين والهند؛ نظراً إلى حجم اقتصاداتهما.

تحميل المزيد