قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 31 مارس/آذار 2019، إن تقارير طبية تشير إلى تعرض سجناء سياسيين لاعتداءات بدنية شديدة في السعودية، سوف تُقدَّم إلى الملك سلمان.
وأضافت الصحيفة أن هذه التقارير ستكون مصحوبة بتوصيات "يُقال إنها تتضمن عفواً محتملاً لجميع السجناء، أو على الأقل إفراجاً مبكراً لمن يعانون من مشاكل صحية خطيرة".
أول دليل من الديوان الملكي حول تعرُّض المعتقلين السياسيين للتعذيب
ويبدو أن التقارير تقدم أول دليل موثَّق من قلب الديوان الملكي تشير إلى تعرض السجناء السياسيين لاعتداءات بدنية شديدة، بالرغم من الإنكار الحكومي بأن الرجال والنساء المحتجزين يتعرضون للتعذيب.
وتأتي هذه التحركات ضمن مراجعة داخلية كبيرة يُقال إنها بأمر من الملك السعودي، الذي وافق على التكليف بإجراء فحوصات على حوالي 60 سجيناً، وكثير منهم من النساء، من أجل تقرير سوف يُوزع في الديوان الملكي، حسبما قال أحد المصادر.
صحيفة الغارديان طلبت من الحكومة السعودية التعليق.. لكنها رفضت
وسُربت بعض الفحوصات إلى صحيفة The Guardian، التي طلبت من الحكومة السعودية التعليق على التقارير الطبية منذ أكثر من أسبوع. لكنَّ متحدثاً باسم الحكومة رفض مناقشة الموضوع، بالرغم من منحه أكثر من فرصة للرد. ولم يطعن أي مسؤول في صحة التقرير.
واستطاعت الصحيفة التحقق باستقلالية من صحة ومحتويات أحد الفحوصات. وجاءت حالة الأفراد، حسبما وُصفت في الوثائق، متسقة مع تقارير ظهرت وتضمنت مزاعم بتعرضهم للتعذيب، برغم عدم قدرة الصحيفة على التأكد من تفاصيلها.
وتزايد الضغط خلال الأشهر الأخيرة على السعودية بسبب احتجاز السجناء السياسيين وسوء معاملتهم في السجون، في خِضم مزاعم تشير إلى أن الناشطات تعرضن للجَلد والصعق الكهربائي أثناء احتجازهن.
الملك سلمان هو مَن أمر بهذا التحقيق بعد اغتيال خاشقجي
ولمّا كانت المملكة تترنح أيضاً من عواقب اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، يُقال إن الملك سلمان أمر بمراجعة قرار اعتقال 200 رجل وامرأة في حملة قمعية أمر بها وريثه ولي العهد محمد بن سلمان.
قال مصدر مطلع على إجراءات المراجعة إن الديوان الملكي نحَّى جانباً الاعتراضات التي أبداها معاونو الأمير محمد وسعى لإجراء فحوصات طبية على عدد من المحتجزين من أجل الحصول على نبذة حول حالتهم الصحية.
الغارديان علمت أيضاً بأسماء المعتقلين الذين خضعوا لهذه الفحوصات
وتضمنت قائمة الرجال الذين يُعتقد أنهم خضعوا لهذه الفحوصات عادل أحمد باناعمة، ومحمد سعود البشر، وفهد عبدالعزيز السنيدي، وزهير قطبي، وعبدالعزيز فوزان الفوزان، وياسر عبدالله العياف.
وعلمت صحيفة The Guardian أن قائمة النساء تضمنت سمر محمد بدوي، وهتون أجواد الفاسي، وعبير عبد اللطيف النمنكاني.
وتضمنت التقارير 3 توصيات من اللجنة
وعلمت الصحيفة أن الفحوصات أُجريت في يناير/كانون الثاني، إضافة إلى احتواء التقارير الطبية، التي وُصفت بالسرية، على استعراض مفصل تضمن ثلاث توصيات من اللجنة المنوطة بإجراء الفحص إلى الملك حول ماهية الخطوة التالية.
وبحسب التقارير الطبية التي اطلعت عليها صحيفة The Guardian، تشير التعليقات الواردة بشأن المعتقلين إلى تعرض كثير منهم إلى سوء المعاملة ومعاناتهم من عدد من المشكلات الصحية.
طالبت التقارير في أغلب الحالات بأن يُنقل السجناء بسرعة من الحبس الانفرادي إلى المراكز الطبية.
وشملت التقارير توصيفاً لما يعانيه المعتقلون
ورصدت التقارير هذه الحالات التي يعانيها المحتجزون:
– "المريض يعاني من فقدان شديد في الوزن مع قيء دموي مستمر. يوجد أيضاً عدد من الجروح والندبات منتشرة في مناطق متعددة من الجسد".
– "يوجد أيضاً عدد من الجروح الظاهرة في الصدر وأسفل الظهر".
– "يجب نقل المريض من الحبس الانفرادي إلى عيادة متخصصة للحصول على العلاج الفوري والخضوع لمزيد من الفحوصات الطبية".
– "يعاني المريض من صعوبة في المشي بسبب عدد من الندبات الظاهرة في منطقة القدمين. ويظهر أيضاً عدد من الجروح على الساعد ومنطقة أسفل الظهر. يوجد سوء تغذية وجفاف واضح على البشرة".
– "يعاني المريض من عدد من الندبات الظاهرة في الجسم، وخاصة في مناطق الظهر والبطن والفخذين. ويبدو أيضاً أنه يعاني من سوء التغذية نتيجة نقص الغذاء ويعاني من شحوب في الوجه وضعف عام في الجسم".
– "المريض غير قادر على الحركة على الإطلاق بسبب جروح في قدميه، إضافة إلى حالة ضعف عام في الجسم نتيجة لسوء التغذية وقلة السوائل".
– "يعاني المريض من حروق شديدة في جسمه. الجروح القديمة لم تُشفَ تماماً بسبب الإهمال الطبي".
– "يعاني المريض من صعوبة في الحركة بسبب سوء تغذية حاد وقلة السوائل في العموم. يوجد أيضاً عدد من الندبات والجروح والقرح منتشرة في الجسم".
التوصيات التي خرجت بها التقارير طالبت بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين
وتضمنت التوصيات التي قدمها بعض مستشاري الملك منح عفو لجميع السجناء السياسيين، وإطلاق سراح الأفراد الذين اُعتقلوا في 2017، وإطلاق سراح السجناء الذين ثبتت معاناتهم من مشاكل صحية.
وأطلقت السعودية، الخميس الماضي 28 مارس/آذار، سراح ثلاث نساء إلى حين محاكمتهن، ويُعتقد أن هؤلاء النساء هن عزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، والدكتور رقية المحارب.
وتلقت الصحيفة تحذيرات كثيرة من خبراء حقوق الإنسان خلال إعداد تقريرها تشير إلى أن محاولة التواصل مع أفراد عائلة المعتقلين قد تشكل خطراً شديداً على أفراد العائلة الذين يعيشون في السعودية.
أما أسباب اعتقال هؤلاء الأشخاص لا تزال مجهولة
وأكدت المنظمات الحقوقية والنشطاء الذين يتابعون الاعتقالات أن 9 أشخاص وردت أسماؤهم في التقارير الطبية كانوا معتقلين في يناير/كانون الثاني.
وتختلف أسباب إلقاء القبض عليهم، بل وفي بعض الحالات، لم يُنشر شيء عن جرائمهم المزعومة.
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش المملكة العربية السعودية بـ "الإفراج الفوري عن جميع النشطاء الحقوقيين والمعارضين السلميين"، ودعت المراقبين الدوليين "لإجراء تحقيقات شاملة وشفافة حول طريقة معاملتهم".
وأضاف متحدث باسم المنظمة: "يضم المعتقلون السعوديون ناشطات زعمن أن السلطات أساءت معاملتهن بقسوة لا يمكن وصفها، بما في ذلك استخدام الصواعق الكهربائية، والجَلد، والتحرش الجنسي، والمعلومات الجديدة الواردة في التقارير الطبية يبدو أنها تؤكد ما قُلنه منذ شهور".
وما ذكرته الغارديان يتطابق مع تقارير سابقة لما يتعرض له المعتقلون
وقال ناشط تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته إن التفاصيل الواردة في التقارير، بما فيها إبقاء الأفراد في الحبس الانفرادي، كانت متسقة مع الأدلة التي جمعها النشطاء.
وأضاف إن الطريقة الوحيدة للتحقق من التقارير كلها ستكون من خلال السماح لمراقبين مستقلين بالوصول إلى الأفراد الذين حُددت هوياتهم، ونشر تقييماتهم علناً.
وقال الناشط إن السجينات تعرضن للصعق بالكهرباء، وقُيدن في الكراسي وضُربن حول أفخاذهن، وظهورهن، وأردافهن بالعقال الذي يرتديه الرجال لتثبيت الغترة.
وتسبب الجَلد في ندبات عميقة ومستديمة. ووُصفت السجينات بأنهن يعانين مِن فقدٍ حاد في الوزن، إذ قيل إن إحدى النساء فقدت نصف وزنها، حسبما قال الناشط.