يرى خبراء في أحدث تقنيات محاكاة الحرب، أن الصين يمكنها بسهولة أن تهزم الجيش الأمريكي في المحيط الهادئ، بسلسلة من الصواريخ المندفعة سريعاً تطلق على القواعد الجوية.
كان التعبير الذي استخدموه هو أن الولايات المتحدة "تعرضت لهزيمة نكراء" في تلك المحاكيات، وفقاً لما نقله موقع مجلة Breaking Defense الإلكترونية عن المحلل في مؤسسة الأبحاث والتطوير الأمريكية (RAND) ديفيد أوشمايك، في وقت سابق من شهر مارس/آذار.
وقال روبرت وورك، وهو نائب سابق لوزير الدفاع الأمريكي: "في كل حالة أعرفها، تهيمن طائرات F-35 على السماء عندما تكون في السماء، لكنها تُقتل على الأرض بأعداد كبيرة".
محاكاة الحرب المدمّرة
يقول موقع Business Insider الأمريكي، في مواجهة الصين، التي برزت باعتبارها المنافس الأصعب للولايات المتحدة، تصبح هذه المشكلة أكثر حدة. فالمنطقة الجبلية الشاسعة في الصين تمنحها ملايين الأميال المربعة لإخفاء أسطولها الساحق من منصات الصواريخ المتحركة طويلة ومتوسطة المدى.
في الدقائق الأولى من الحرب ضد الولايات المتحدة، ستطلق الصين وابلاً من الصواريخ التي ستصيب القوات الأمريكية في غوام واليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وربما أستراليا. ومع تنامي قدرات الصين المضادة للسفن، فمن المحتمل أن تتعرض حاملات الطائرات الأمريكية في المنطقة لنيران كثيفة.
بالنسبة للولايات المتحدة فهذا هو الهجوم الذي تخاف منه، لأنه سيؤدي إلى تدمير طائرات F-35 وF-22 من الجيل الخامس التي يحسدها عليها العالم، في حظائرها، وتخريب مدرجاتها، وإغراق السفن في مرافئها.
لن تكون القوات الأمريكية المتبقية في هذه الحالة كافية لإيقاف القوات الجوية والبحرية الصينية، التي قد تتمكن بسهولة حينها من حصد غنائم الحرب مثل تايوان.
بالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع الولايات المتحدة مجابهة العديد من أهم أنظمة الصواريخ الصينية، بسبب معاهدة القوات النووية متوسطة المدى التي وقعتها مع روسيا، والتي تحظر الصواريخ التي يتراوح مداها بين 310 أميال (499 كيلومتراً) و3400 ميل (5471 كيلومتراً)، وهو المدى الذي ستحتاجه لتشكل تهديداً متبادلاً للأهداف الصينية. (يذكر أن الولايات المتحدة تنسحب حالياً من تلك المعاهدة).
إذاً بالنظر إلى تفوق الصين الواضح في القدرات الصاروخية، والحافز القوي للبطش بأقوى جيش بلكمة مدمرة، فلماذا لا تحاول؟
السياسة
يمكن أن تحرق الصين جزءاً كبيراً من منطقة المحيط الهادئ من خلال إطلاق حمم من الصواريخ، تلحق ضرراً كبيراً بالسفن والطائرات الأمريكية، لكنها لن تفعل على الأغلب لأن ذلك سيبدأ الحرب العالمية الثالثة.
الصين لن تهاجم الولايات المتحدة فقط، ستهاجم اليابان وكوريا الجنوبية كحد أدنى. ومهما كانت الميزة التي ستكتسبها الصين من خلال بدء قتال بهذه الطريقة، فيجب أن تُقارن باستجابة مشتركة من الولايات المتحدة وحلفائها.
الولايات المتحدة تدرك مشكلة الضربة المدمرة المفاجئة. وفي حال تصاعدت التوترات إلى درجة تجعل من المحتمل حدوث ضربة، ستنشر الولايات المتحدة قواتها ببساطة بين قواعدها، وتقوي الأبنية المهمة، مثل حظائر الطائرات، حتى تتمكن من امتصاص مزيداً من الصواريخ.
عندها ستتضاعف الأهداف المحتملة التي تحتاج الصين لضربها، كما أن نشر الأفخاخ المادية والإلكترونية من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة لبكين. بالنسبة للسفن الأمريكية في البحر، فإن استخدام الأفخاخ الإلكترونية والدفاعات الصاروخية على متن السفن سيجبر الصين على إطلاق أعداد هائلة من الصواريخ على هذه المنصات، مما سيزيد من تكلفة مثل هذه الضربة.
ستزود القواعد العسكرية الأمريكية الرئيسية بدفاعات ضد الصواريخ الباليستية، يمكن أن تعرقل الهجوم إلى حد ما.
تراقب الولايات المتحدة أيضاً السماء لرصد الصواريخ الباليستية، مما يمنحها تحذيراً مبكراً. يمكن لوحدات الإنذار أن تدافع عن طائراتها، وتهاجم المجال الجوي الصيني بعد سقوط الدفعة الأولى من الصواريخ.
وأشار جوستين برونك، خبير الطيران العسكري في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، في مؤتمر "Combat Air Survivability" الذي نظمه المعهد، أنه عندما ضربت الولايات المتحدة قاعدة الشعيرات الجوية السورية بـ58 صاروخ كروز، كانت الطائرات تقلع من القاعدة مرة أخرى خلال 24 ساعة.
الرد محل نظر
يقول الخبراء، ستكون بطاريات الصواريخ التي أطلقت صواريخ للتو وكشفت مواقعها أهدافاً سهلة لانتقام الولايات المتحدة أو حلفائها.
أما اليابان، فستحصل قريباً على 100 طائرة من طراز F-35 التي سيجري ربط بعضها بشبكات الاستهداف الخاصة بالبحرية الأمريكية، وستنضم سريعاً للمعركة.
سيتعين على الصين حشد عدد هائل من الطائرات والوحدات البحرية لمواجهة الضربة الانتقامية. هذه التعبئة، بالإضافة إلى استعدادات الضربة الأولى، ربما ستكشف أسرار بكين، كاشفة بذلك عن اللكمة المدمرة مما سيخفف أضرارها على القوات الأمريكية.
تشكل القدرات الصاروخية للصين تهديداً كبيراً للولايات المتحدة، لكن ضربة واحدة لا تكفي للقضاء على أفضل جيش في العالم، بل قد تكون كافية لإيقاظه.