الفرصة الضائعة.. كيف تخلّت منظمة التعاون الإسلامي عن مسلمي الإيغور وأثنت على سياسات الصين في التعامل معهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/28 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 16:47 بتوقيت غرينتش
انتهاكات بحق نصف مليون شخص في شينغيانغ/ رويترز

في الأسابيع الأخيرة، احتلت أخبار حملة قمع ضخمة جديدة على المسلمين الأويغور وغيرهم من المسلمين الترك في إقليم شينغيانغ، بما في ذلك احتجاز ما يصل إلى مليون شخص دون توجيه تهم إليهم في معسكرات "إعادة تعليم سياسي"، عناوينَ الصحف الرئيسية حول العالم.

تقول فريدة ضيف، مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش بكندا، بمقالة نشرت لها في موقع Lobelog الأمريكي، إنه ولذا عندما التقى وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في أبوظبي في وقت سابق من الشهر الحالي، بدا من غير المفهوم تجاهلهم لمحنة إخوانهم المسلمين في الصين.

ذلك أنَّ الحكومة الصينية، في حقيقة الأمر، حظرت بشكل فعال ممارسة الشعائر الإسلامية في هذا الجزء ذي الأغلبية المسلمة في البلاد. وعلى الرغم من السجل الإجمالي الضعيف لمنظمة التعاون الإسلامي في مجال حقوق الإنسان، إلا أنها كانت قد عبرت في الماضي عن قلقها إزاء الوضع في شينغيانغ. وقد كان من المؤكد أنَّ منظمة التعاون الإسلامي، التي تمثل الصوت الجماعي للحكومات المسلمة في جميع أنحاء العالم، سوف تلقي بثقلها الكامل وراء إدانة هذه الانتهاكات، لكنها بدلاً من ذلك، أثنت على الصين.

منظمة التعاون الإسلامي وخذلان مسلمي الصين

إذ أشادت المنظمة، في قرار ركز على حماية حقوق المسلمين الذين يعيشون في بلدان غير مسلمة، على جهود الصين "في توفير الرعاية لمواطنيها المسلمين" وتطلعت "إلى مزيد من التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي وجمهورية الصين الشعبية". ولم يشتمل القرار على كلمة انتقاد واحدة أو إدانة لبكين.

تضيف الكاتبة: تستخدم السلطات الصينية شعار"الحملة القاسية ضد التطرف العنيف" بوصفه غطاء رقيقاً لانتهاكاتها المتعددة والممنهجة في شنيغيانغ. وربما تكون زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لبكين الشهر الماضي وتعبيره الصريح عن إعجابه بجهود الصين في "مكافحة الإرهاب ونزع التطرف" هي ما مهَّد لهذا القرار المشين من قِبل المنظمة.

تتساءل ضيف: كيف يمكن لمنظمة التعاون الإسلامي أن تصدر فجأة مثل هذا القرار المشين؟ هل رضخت دول مثل تركيا، التي أصدرت الشهر الماضي فحسب بياناً لاذعاً بشأن الانتهاكات ضد الأويغور؟ هل كانت السعودية هي من حسم الأمر؟ هل أرسلت الصين، كما قيل، وفداً من 24 دبلوماسياً إلى اجتماع منظمة التعاون الإسلامي للضغط ضد أي نقد؟ ولما كانت منظمة التعاون الإسلامي غامضة إلى حد كبير بشأن مداولاتها، فربما لن نعرف الإجابة أبداً، لكنَّ النتيجة تتحدث عن نفسها.

فبمثل هذه السهولة أشادت منظمة التعاون الإسلامي بالدولة التي هدمت المساجد وأزالت الأهلّة من المدافن، وصادرت سجاجيد الصلاة ونسخ القرآن. لقد تغاضت منظمة التعاون الإسلامي عن المراقبة الجماعية، والتلقين السياسي الإجباري، والاحتجاز التعسفي، والعقاب الجماعي لأقلية مسلمة يبلغ تعدادها 13 مليون نسمة.

المنظمة تخلت عن مبادئها التأسيسية

ويحدد ميثاق منظمة التعاون الإسلامي واحداً من أهدافه الرئيسية على أنه: "حماية حقوق الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، وصون كرامتها وهويتها الدينية والثقافية"، لكن من الواضح أنَّ المنظمة تخلت عن مبادئها التأسيسية وقوضت مهمتها الأساسية من أجل الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الصين وتعزيز هذه العلاقات.

لقد أرسلت منظمة التعاون الإسلامي، بإشادتها بالصين، رسالة خطيرة إلى الحكومات في جميع أنحاء العالم. وإنَّ المنظمة بتبنيها لهذا القرار لم تخُن الأويغور في الصين فحسب، وإنما الأقليات المسلمة على مستوى العالم.

بالنسبة للصين، يبدو أنَّ أي تعبير عن الهوية المسلمة مرادف للتطرف. إذ جعلت السلطات في شينغيانغ عقد صلات خارجية بين سكانها و22 بلداً ذات أغلبية مسلمة جريمة يعاقب عليها.

وقد أُدرجت كل من السعودية، مقر أمانة منظمة التعاون الإسلامي، والإمارات العربية المتحدة، الدولة المضيفة لآخر اجتماع لوزراء خارجية المنظمة، في هذه القائمة "الحساسة". قد يفترض المرء أنَّ أعضاء المنظمة سوف يشعرون بالإهانة جراء ذلك، لكنَّ منظمة التعاون الإسلامي تجاهلت هذه الإهانة المباشرة بينما كانت تكيل المدائح للصين، تقول الكاتبة.

هل يتحرك المجتمع الدولي لأجل الإيغور بعد أن تخلت عنهم المنظمة؟

ولكي تتفادى الصين الانتقاد العالمي بشأن انتهاكاتها الممنهجة ضد الأويغور، فإنها قيدت بعناية الوصول إلى شينغيانغ، وسمحت بالزوار الأجانب في إطار زيارات دبلوماسية تديرها الدولة وتخضع لسيطرة عالية للغاية. ذهبت وفود المنظمة في واحدة من هذه الزيارات، لكن من الواضح أنهم تجاهلوا علامات القمع واسع النطاق وامتنعوا عن التشكيك في الدعاية التي أطعمهم إياها مرشدوهم.

لكنَّ الوصول الجاد لشينغيانغ يتطلب خبراء مستقلين يمكنهم رؤية ما تفعله بكين لا ما تريدهم أن يروه. ونظراً إلى حجم الانتهاكات، والتمويه المتكرر من قبل الصين، وتخلي منظمة التعاون الإسلامي عن الأويغور، فإنَّ حكومات أخرى ينبغي أن توحد جهودها في الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لعمل بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في شينغيانغ.

تبغض الحكومة الصينية العمل المنسق، لكن هذه أقوى وسيلة في عتاد المجتمع الدولي لزيادة التكلفة السياسية لتصرفات الصين. لقد كانت حملة القمع الصينية في شينغيانغ بمثابة اختبار رئيسي حول ما إذا كانت منظمة التعاون الإسلامي سوف تتخذ خطوات قوية وحاسمة للضغط على الصين التي تزداد قوة لإنهاء انتهاكاتها المنهجية، لكنَّ المنظمة فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً.

ولا بد أن تتدخل دول أخرى بشكل عاجل لدعم الأويغور وسد هذه الفجوة الفاضحة.

تحميل المزيد